عمليات نوعية للمقاومة الفلسطينية وانعكاسات مزلزلة لكيان وجيش الاحتلال

صحيفة اليمن

 تظهر العمليات البطولية التي تنفذها فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، تطوراً كبيراً في أداء فصائل المقاومة، من مجموعات ثورية مسلحة إلى ما يشبه جيش تحرير نظامي طبق قواعد الهجوم والدفاع للقوات المشتركة بشكل منسق، مستخدمًا تكنولوجيا بسيطة، وإمكانيات متواضعة لكنها ذات فعالية كبرى في تأدية المطلوب منها في التنكيل بقوات جيش العدو الصهيوني بدأً بإطلاق عملية طوفان الأقصى في ال7 من أكتوبر 2023م .. تفاصيل في السياق التالي :

عمليات نوعية للمقاومة الفلسطينية وانعكاسات مزلزلة لكيان وجيش الاحتلال

 تم إطلاق عملية طوفان الأقصى البطولية والمباركة في ظل غطاءٍ صاروخيٍ مكثف واستهدافٍ لمنظومات القيادة والسيطرة لدى العدو، وتمكن خلالها مجاهدو كتائب القسام من اجتياز الخط الدفاعي للعدو الصهيوني وتنفيذ هجوم منسق متزامن على أكثر من 50 موقعاً في فرقة غزة والمنطقة الجنوبية في جيش الاحتلال، ما أدى إلى إسقاط دفاع فرقة غزة بالكامل، وقتل المئات من جيش العدو وكذا أسر المئات منهم ومن المستوطنين الصهاينة.. وصولاً إلى التصدي العظيم والبطولي والشجاع للقوات الصهيونية التي توغلت في قطاع غزة والتنكيل بها وتكبيدها أفدح الخسائر في العدد والعتاد..

 

أروع الملاحم

حيث سطر وما زال يسطر أبطال المقاومة الفلسطينية الباسلة أروع الملاحم البطولية في التصدي للقوات الصهيونية المتوغلة في القطاع ويلحقون بها هزائم نكراء ساحقة وماحقة وخسائر فادحة ومتوالية يوم بعد آخر.. ولذا فأقل ما يمكن أن نصف به العمليات البطولية التي تنفذها فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة بأنها عمليات نوعية واستثنائية على مستوى التكتيك والتوقيت والتحركات والأساليب وحجم خسائر العدو.

 

خسائر باهضة للعدو

وفي هذا السياق أكد الناطق باسم كتائب القسام أبو عبيدة في بيانه بمناسبة مرور 100يوم من العدوان الصهيوني على قطاع غزة، أن المجاهدين كبدوا العدو ومازالوا يكبدوه خسائر باهظة تفوق كلفتها ماتكبده في 7 أكتوبر.. مشيراً إلى أنهم استهدفوا واخرجوا عن الخدمة 1000 آلية إسرائيلية خلال 100 يوم في غزّة ، واعتبر أبو عبيدة معركة طوفان الأقصى مفصلية في تاريخ الشعب الفلسطيني والأمة جمعاء، وصرخة دوّت لتحرر كل الأمم والشعوب المستعمرة وأعطت نموذجاً كيف للكف أن تناطح المخرز.

وأوضح الناطق باسم القسام أن معركة طوفان الأقصى هي معركة الوطن الفلسطيني يقاتل فيها الشعب والمقاومة في خندقٍ واحدٍ، وان المجاهدون يعودون بشهادات صادمة عن ضعف إيمان جنود العدو وكيف يفرون رغم كل ما يحملونه من سلاح وعتاد.. قيادة العدو تغوص في وحل الفشل، حيث فشل في تحقيق أهدافه أوتحرير أسير لدينا.

ولفت إلى أن ما يعلن عنه العدو من إنجازات موهومة حول الصواريخ والأنفاق هي محل سخرية لأبطال المقاومة وسيأتي اليوم الذي يثبتوا فيه كذب العدو.. معتبراً أي حديث سوى وقف العدوان على الشعب الفلسطيني ليس له أي قيمة.. مؤكداً على أن المقاومة ستوسع عملياتها.

 

ثقة وإيمان ويقين 

وبدوره أشار رئيس حركة حماس في الخارج خالد مشعل، إلى أن العدو الصهيوني يشعر بالصدمة لأن المجاهدين المقاتلين يصبرون في الأنفاق تحت الأرض طوال هذه الشهور.. لافتاً إلى أن الفارق بين المقاومة الفلسطينية وبين العدو الصهيوني، هو أن العدو كل يوم يتورط ويعود بجنائز العشرات من قتلاه والمئات من الجرحى والمعوقين فضلا عن الهزيمة النفسية واحتدام الخلاف بين القيادة الإسرائيلية والكابينت المصغر وداخل الحكومة وبين السياسيين والعسكريين الصهاينة.

وقال مشعل خلال فعالية "الاعتكاف العالمي" تلبية لنداء الناطق باسم كتائب القسام أبو عبيدة في العاصمة الأردنية عمان "عشت الحروب الماضية وهذه حرب استثنائية.. لم أجد في رسائل إخواني المجاهدين ما يشير إلى أنهم تعبوا أو يبحثون عن مخرج، خلاصة رسائلهم المتكررة المفعمة بالإيمان واليقين والثقة بالنصر هي نحن بخير في الميدان اطمئنوا علينا لا تقلقوا اهتموا بحاضنة شعبنا العظيم الذي أعطانا كل شيء من صبر وصمود".

وتابع "ما ترونه على شاشات التلفزة والفيديوهات لأبطال القسام من الميدان، هذا غيض من فيض، وقالوا لنا ليس كل بطولات المجاهدين نستطيع تصويرها في ظل هذه الظروف القاسية".. مضيفاً "رأينا بالأمس نصف كتيبة احتياط في جيش العدو رفضوا القتال على أرض غزة، لذلك نحن بخير وقد اقتربنا من ختام هذه المعركة المباركة".

 

عجز جيش العدو

لم يجن كيان الاحتلال الصهيوني الغاصب وجيشه المنكسر والخائب سوى المزيد من الخسائر الفادحة والهزائم المتلاحقة والساحقة، ولم يفلح في تحقيق أي من أهدافه المعلنة للعدوان على قطاع غزة.. حيث أكد كيان وجيش الاحتلال الصهيوني أن الحرب العدوانية التي أعلنها وشنها على قطاع غزة هي لتحقيق ثلاثة أهداف: تدمير قدرات حماس العسكرية، وإسقاط حكمها في قطاع غزة، وتحرير الأسرى الصهاينة..

إلا أن هذه الحرب العدوانية وبعد ثلاثة أشهر ونصف لم تستطع أن تحقق "لإسرائيل" أي هدف من أهدافها المعلنة أو المستترة، بل على العكس أضافت إلى خسائرها الأولية الناجمة عن عملية طوفان الأقصى خسائر أخرى أكبر مما تكبدته في ال7 من أكتوبر الماضي.. ولا تزال حماس قادرة على التحكّم والسيطرة، ليس على إدارة العمليات العسكرية فحسب، وإنما على إدارة الشؤون الحياتية واليومية أيضاً، وهو ما اتضح بجلاء إبان فترة الهدنة التي جرت خلالها عمليات تسليم الأسرى.

ومن ناحية أخرى، عجزت "إسرائيل" عن تحرير أي أسير إسرائيلي بالقوة، وكل الأسرى الذين أطلق سراحهم، كان عبر صفقات تبادل أبرمت مع فصائل المقاومة، ما يعني أن حماس وفصائل المقاومة هي من بيدها زمام المبادرة وهي من تتحكم بسير المعركة وهي اللاعب الأساسي الذي يستحيل تجاوزه.

 

انعكاسات كبيرة

كان للعمليات النوعية التي نفذتها وتنفذها فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، سواء عمليات التصدي البطولي للقوات الصهيونية المتوغلة في القطاع أو الاستمرار في عمليات إطلاق الصواريخ على تل أبيب وعلى كافة المدن والمستوطنات المغصوبة في عموم الأراضي الفلسطينية المحتلة، انعكاساتها الكبيرة على كيان وجيش الاحتلال الصهيوني، فمن ناحية جيش العدو، فإن معظم قياداته وضباطه وأفراده وخاصة المشاركين في التوغل البري، يعيشون واقع انهيار معنوي ونفسي متواصل، ويصاب العشرات منهم ممن ينجون من ضربات المقاومين، بحالات نفسية ينقلوا على أثرها إلى مستشفيات الكيان، كما يشهد جيش العدو انسحابات متواصلة لألوية بكاملها من داخل القطاع بسبب ما تكبدته من خسائر كبيرة وفادحة في الأرواح والعتاد، وهكذا يتجه جيش العدو وقواته المتوغلة في قطاع غزة نحو المزيد من الخسائر وصولاً إلى الهزيمة الكبرى الساحقة والماحقة لذلك الجيش المتهالك الذي ظل يروج له لعقود طويلة بأنه الجيش الأسطورة الذي لا يقهر.

وبالنسبة لانعكاسات العمليات النوعية للمقاومة الفلسطينية في غزة على كيان الاحتلال، فبتأكيد أن لها انعكاساتها كبرى، فقد أصابت كيان الاحتلال في مقتل منذ أول يوم لعملية طوفان الأقصى، واستمرار هذه العمليات النوعية وتوسعها أيضاً بعد ثلاثة أشهر ونصف من شن الحرب العدوانية الهمجية على قطاع غزة، يؤذن بزوال كيان الاحتلال، ويؤكد ذلك قادة الكيان، واعترافهم وإقرارهم بأن "إسرائيل" بعد طوفان الأقصى لن تكون كما قبله.

 إضافة إلى ما تقدم أدخلت عملية طوفان الأقصى كيان الاحتلال والإدارة الأمريكية في مأزق بسبب تداعياتها المتلاحقة وردود الأفعال الدولية المتواصلة عليها..

 

أولاً: مأزق كيان الاحتلال

فشل مجلس الحرب الصهيوني فشلًا ذريعًا في تحقيق أهدافه من الحرب، بالرغم من أنه لم يدخر وسعًا على الصعيدَين: العسكري والأمني في سبيل ذلك، على مدى الأيام المئة الماضية من الحرب. فقد كان للاستعداد العملياتي المدهش للمقاومة الفلسطينية والصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني في وجه أدوات حرب الإبادة الجماعية التي يشنها التحالف الصهيو-أميركي على قطاع غزة؛ الدور الأكبر في هذا الفشل.

أدى ذلك إلى إدخال رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو ومجلس حربه، في مأزق متعدد الزوايا، عسكريًا وسياسيًا واقتصاديًا وشعبيًا، أدّى إلى زعزعة الثقة في قيادة الجيش وسمعته الدولية وسمعة معداته وقدراته التكنولوجية والاستخباراتية، كما أدّى إلى خلخلة مجلس الحرب والتحالف الحاكم وضعف التأييد لليمين لدى الناخبين، وتصاعد الحملات الحزبية والشعبية ضد رئيس الحكومة، وإلى الإضرار بصورته الإقليمية والدولية، وزيادة المطالب الشعبية بإيقاف الحرب والإفراج عن الأسرى، فضلًا عن خسائره الاقتصادية الهائلة، والتشويه الذي لحق بصورته على المستوى الدولي.

أصبح نتنياهو وحكومته ومجلس حربه عاجزين عن الانتصار في الحرب والقضاء على حماس والمقاومة، وعاجزين عن تحرير الأسرى، وعاجزين عن إجبار سكان قطاع غزة على مغادرته، وعاجزين في الوقت نفسه عن وقف إطلاق النار، وأصبحوا في أمسّ الحاجة إلى من يحفظ ما بقي لهم من ماء الوجه ويخرجهم من هذا المأزق.

 

ثانياً: الإدارة الأميركية

السياسة التي اتخذتها الإدارة الكاملة بمشاركة الكيان الصهيوني في حرب الإبادة الجماعية الظالمة في قطاع غزة والإصرار على مواصلة الحرب حتى تحقيق أهدافها؛ ألحقت بها خسائر فادحة على المستويات السياسية والقانونية والإنسانية والأخلاقية والشعبية، داخليًا وخارجيًا، خسائر أدخلتها في مأزق شديد التعقيد متعدد الزوايا كذلك، مع حلفائها ومع شعبها ومع خصومها، فتهاوت شعبية الرئيس بايدن والحزب الديمقراطي، وتضاءلت فرصهم في الفوز في الانتخابات المرتقبة نهاية العام الجاري.

وتحطمت قواعد النظام العالمي القانونية والأخلاقية والحضارية التي طالما تشدّق بها الرئيس بايدن، وانكشفت سوءة الكيل بمكيالين على أشد ما يكون بفعل المقارنة بين موقف الإدارة الأميركية من الحرب على أوكرانيا والحرب على غزة. وقد أدى هذا المأزق بالإدارة الأميركية إلى رفض وقف إطلاق النار، رغم حاجتها الماسة إلى ذلك باعتباره أصبح المطلب الأول على المستويين: الرسمي والشعبي داخليًا وخارجيًا، ولكنها لا تستطيع القيام بذلك؛ بسبب فشل الحرب العدوانية في تحقيق أهدافها حتى الآن.


طباعة  

مواضيع ذات صلة