إعلان الانتقالي تكريس للفوضى السوداء وتجدد الضجيج لما يجري من اضطراب واختلالات وخلق صراع مجتمعي على اسس مناطقية وجهوية
مصطفى الحسام الزيارات: 562
على ارض الواقع لا يحمل إعلان المجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات الإدارة الذاتية لمناطق جنوب اليمن أي جديد فالانتقالي يحكم مناطق سيطرته في عدن والضالع وأجزاء من أبين ومعظم مناطق لحج التي بدأت قوى جديدة موالية للسعودية بالظهور فيها.
إعلان الانتقالي لا يمثل سوى تكريس للفوضى السوداء وتجدد الضجيج لما يجري من اضطراب واختلالات تعصف وتفتت الجنوب وخلق صراع مجتمعي على اسس مناطقية وجهوية سواء كانت باتفاقات التقاسم بين الرياض وابوظبي أو مخاوف وخلافات صدام المصالح.
خصوصا وقد جاء هذا الإعلان في وقت تمر فيه عدن ومناطق جنوب اليمن بأسوأ أوضاعها الأمنية والخدمية وقد فاقمت كارثة السيول الأخيرة معاناة المواطنين التي تضرر فيها مئات الآلاف في عدن وحولها الى مدينة منكوبة.
الإعلان الثالث
بعيداً عن الضوضاء الإعلامية والسياسية لإعلان الانتقالي فان هذا الاعلان ويعد الثالث من نوعه فقد أعلن المجلس الانتقالي مثل هذا الإجراء بعد إقالة عيدروس الزبيدي من منصب محافظ عدن في مايو 2017م وتلاه اعلان جديد بعد معارك اغسطس 2019 بين قوات الانتقالي والقوات الموالية لهادي وانتهت بسيطرة الانتقالي على عدن وطرد حكومة هادي ويروج الانتقالي ان هذا الاعلان خطوة نحو الانفصال في حين انه ليس سوى إغراق الجنوب في فوضى جديدة تفضي الى تقسيمه.
حيث تدير السعودية والإمارات لعبة خطيرة بتصعيد وخفض الصراع بين ادواتهما بما يخدم مصالحهما ولن يسمحا بخروج هذا الصراع عن الخطوط العريضة لتفتيت وتقاسم الجنوب.
حضرموت
كان لافتا المواقف الصادرة من حضرموت والتي استغلت الاعلان للدعوة الى ابعاد حضرموت عما يجري من صراع في عدن واظهرت المواقف رفضاً لإجراء الانتقالي ليس حبا في هادي انما الذهاب باتجاه مشروع آخر هو اقليم حضرموت بمواصفات سعودية.
انحياز محافظ حضرموت فرج البحسني كان اللافت من بين بيانات التأييد الصادرة من قبل السلطات المحلية في الجنوب حيث اعلن خروجه من عباءة الانتقالي واصدر بيانا نشره في صفحته الرسمية في تويتر يصف قرار المجلس الانتقالي بغير المسؤول كما اصدر ما يسمى حلف قبائل حضرموت بيانا لتأييد موقف المحافظ فرج البحسني الرافض لقرار الانتقالي ولأول مرة يلتقي فرج البحسني في موقف مع وكيل الوادي والصحراء عصام حربيش المعروف بالولاء لعلي محسن الاحمر.
واصدرت عدد من الشخصيات السياسية الحضرمية بيانا مشتركا دعت فيه الى تجنيب حضرموت الصراع الدائر في عدن والحفاظ على المؤسسات والاحتفاظ بالإيرادات السيادية.
المواقف الصادرة من حضرموت تشير الى ان الانتقالي فقد السيطرة على حضرموت في حين قالت مصادر سياسية ان المواقف الصادرة من حضرموت هي ضمن مشروع التقسيم تحت يافطة الأقلمة ولا علاقة له برفض او تأييد هذا الطرف أو ذاك.
وأضافت ان المواقف الصادرة من حضرموت تأتي في سياق مشروع تقسيم الجنوب وتقاسم النفوذ بين السعودية والإمارات وأكدت ان الانتقالي سيجد نفسه محصورا في عدن.
وقد حاول الانتقالي إثناء البحسني عن موقفه عبر وفد من قياداته غير ان الاجتماع فشل وأصر البحسني على مواقفه وتقول مصادر انه طرد وفد الانتقالي من مكتبه .. وأعقب ذلك تحريك الانتقالي لأنصاره للخروج بتظاهرة لتأييد قراراته والضغط على البحسني للعودة عن قراراته.
بيان مريب
كان بيان التحالف (السعودية والإمارات) هو اعلان الانتقالي الجديد يشير الى تفاهمات في الغرف المظلمة بين البلدين وان ما يجري لا يخرج عن الخطوط العريضة لتفاهماتهما لما يحاك للجنوب وكل اليمن.
حيث جاء البيان بلغة مبهمة وملتبسة وغامضة ويعطي أولوية لتأكيد واحدية القرار السعودي الإماراتي ويتجاهل توصيف قرار الانتقالي "الادارة الذاتية" صراحة كخطوة معارضة لاتفاق الرياض واكتفى بالدعوة إلى عودة الاوضاع إلى سابق وضعها إثر إعلان حالة الطوارئ من جانب المجلس الانتقالي عبر بيانه الأخير والمطالبة بوقف أي نشاطات أو تحركات تصعيدية.
ووصف سياسيون بيان التحالف بانه خجول واستغربوا دعوة التحالف بالعودة إلى ما قبل اعلان الانتقالي الاخير في حين ان ما قبل الاعلان هو كما بعده حيث كان الانتقالي قد منع عودة حكومة هادي ويبسط سيطرته على مناطق نفوذه ويمنع أي تواجد لحكومة هادي فيها كما تجنب بيان التحالف إدانة خطوة الانتقالي او الحديث عن الوحدة اليمنية.
عقاب هادي
وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير أكد في تغريدة على حسابه في تويتر ان المملكة والامارات متفقتان على عودة الوضع السابق لكنه ربط ذلك بضرورة تنفيذ اتفاق الرياض الذي اعتبره مدخلا للحل.
وفي انحياز سعودي لخطوة الانتقالي انتقد الجبير حكومة هادي او ما تسمى "الشرعية" مشيرا إلى ان بلاده ترفض ما وصفها بتعطيل تحقيق الفرص الايجابية للعيش بأمان.
إلى ذلك كشف العميد السعودي زيد العمري المقرب من المخابرات السعودية هدف بلاده من تحريك ورقة الانتقالي في وجه حكومة هادي وقال ان ما قام به الانتقالي عبارة عن "صعق كهربائي " لقلب ما اسماها " الشرعية " في اشارة إلى الصراع الاخيرة بين هادي والسفير السعودي بشأن عودة حكومة معين عبدالملك إلى عدن والذي تطور إلى تهديدات متبادلة بين الطرفين.
واشار العمري إلى أن التحالف رمى حاليا الكرة في ملعب حكومة هادي ووضعها أمام خيار "الانسحاب من الجنوب" وكشف العمري عن ترتيبات ستكون "أكثر الما لحكومة هادي في حال لم تنفذ ما تؤمر به.
متاهات الفوضى
وتوقع مراقبون ان يبقى الوضع رهين المد الجزر ومراوحة مربعات متاهات الفوضى في ظل تعقيدات العلاقات السعودية الإماراتية التي تعاني إرهاصات الحرص المشترك على الحفاظ على العلاقات والخوف المتبادل من بعضهما وهو ما يبقي حالة التوتر والتربص وتبادل الاتهامات مسيطرة على مواقف الطرفين.
ولم تستبعد مصادر ان تكون هذه الخطوة هو قرار بفرض واقع جديد وقد يعمد بجولة دموية بين القوات المحتشدة في تخوم زنجبار في أبين وقوات الانتقالي غير ان كل النتائج تفضي الى تسليم الجنوب للسعودية والإمارات.