مرارة الهزيمة.. شعور يترسخ في إسرائيل بعد وقف إطلاق النار

مع إعلان الحكومة الإسرائيلية موافقتها على مبادرة مصرية بوقف إطلاق نار غير مشروط مع قطاع غزة بداية من فجر الجمعة،

مرارة الهزيمة.. شعور يترسخ في إسرائيل بعد وقف إطلاق النار

لم تتوقف الانتقادات داخل إسرائيل لرئيس الوزراء "بنيامين نتنياهو"؛ في مشهد يرسخ مرارة الهزيمة المتفاقمة هناك.

فقد وصف الكثيرون الخطوة بأنها "مخجلة"، و"محرجة"، "وعار على إسرائيل"، و"استسلام خطير" لحركة "حماس". 

عار على إسرائيل

الانتقادت جاءت على وجة الخصوص من الأحزاب المحسوبة على معسكر اليمين.

وبحسب صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية، وصف "جدعون ساعر" عن حزب "أمل جديد" الاتفاق بأنه "عار على دولة إسرائيل".

وأضاف: "وقف القتال من جانب واحد يمثل ضربة خطيرة للردع الإسرائيلي تجاه حماس".

واعتبر أن "وقف النشاط العسكري الإسرائيلي دون فرض أي قيود على تعاظم وتسليح حماس، ودون عودة الجنود والمدنيين المحتجزين في غزة، يعد فشلا سياسيا سندفع ثمنه مضاعفا في المستقبل".

وعلق عضو الكنيست "إيتمار بن غفير" عن حزب "الصهيونية الدينية"، على الاتفاق قائلا: "وقف إطلاق النار المخزي هو استسلام خطير لإرهاب حماس".

وقال: "هذه ليلة صعبة على دولة إسرائيل وعلى الردع الإسرائيلي".

فيما تعهدت قيادات من اليمين بعدم الدخول للائتلاف الحكومي إذا ما اتضح أن اتفاق وقف إطلاق النار يقضي بتقديم تنازلات إسرائيلية في القدس والأقصى، حسب ما كتب على "فيسبوك" رئيس تحالف "الصهيونية الدينية"، "بتسلئيل سموترتيتش".

وخلف 11 يوما من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، 232 شهيدا؛ بينهم 65 طفلا و39 سيدة و17 مسنا، فيما تمكنت صواريخ المقاومة في غزة من قتل 12 إسرائيليا وإصابة المئات.

وإلى جانب شهداء غزة، استشهد 28 فلسطينيا، بينهم 4 أطفال، وأصيب قرابة 7 آلاف بالضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس، خلال مواجهات مع الجيش الإسرائيلي استخدم خلال الرصاص الحي والمعدني وقنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين.

كما استشهد فلسطينيان أحدهما في مدينة أم الفحم والآخر في مدينة اللد، وأصيب آخرون خلال مظاهرات في البلدات العربية داخل إسرائيل.

 

أين أسرانا؟

وفي تواصل للانتقادات لـ"نتنياهو"، غرد رئيس حزب "يمينا"، "نفتالي بينيت"، بملصق كتب عليه "واقع سديروت كواقع تل أبيب".

بينما نشرت شريكته في الحزب "أييليت شاكيد" شعار "النصر يساوي عودة الجنود والمدنيين"، في إشارة إلى حقيقة أن المفقودين وجرحى الجيش الإسرائيلي بقوا في غزة رغم انتهاء الحملة العسكرية والتوصل لوقف إطلاق النار.

على النحو ذاته، وصفت عضو الكنيست عن حزب "اليمين الجديد" المتطرف "إيليت شاكيد" اتفاق وقف إطلاق النار بـ"الأمر المحرج".

واعتبرت  "شاكيد" أن "النصر يكون بإعادة الأولاد"، في إشارة للأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة.

وترفض "حماس" بشكل متواصل، تقديم أي معلومات حول الإسرائيليين الأسرى لدى ذراعها المسلحة.

الانتقات جاءت لـ"نتياهو" حتى من داخل حزبه "الليكود"، إذ قال "ألون دافيدي" رئيس بلدية سديروت، وهو عضو في حزب الليكود، إنه "على الرغم من الدعم والصبر والبطولة التي أظهرها سكان الجنوب منذ 20 عاما، يبدو أن رئيس الوزراء نتنياهو والحكومة الإسرائيلية لا يريدان حقا الإطاحة بحماس، ويفضلون ضمان الهدوء المؤقت لسكان تل أبيب ومركز البلاد".

لم يتحقق الحسم

وفي الجانب العسكري، قال ضابط الاحتياط في الجيش الإسرائيلي "جيتان دونجوت" إن إسرائيل تنهي الحملة العسكرية التي فرضت عليها واضطرت لخوضها دون أي حسم، ودون حتى إنجازات حقيقية.

وفي حديثه للقناة "12" الإسرائيلية (خاصة)، تساءل مستنكرا: "اتفاق وقف إطلاق النار سينفذ دون عراقيل، ويبقى السؤال: حتى متى سيصمد؟".

واستبعد "دونجوت" الحسم العسكري في غزة، وقلل من الترويج للإنجازات التي تشير إلى توجيه ضربة قوية للقدرة الصاروخية لـ"حماس"، مشيرا إلى أن تجارب الماضي تؤكد أن قوة "حماس" تتعاظم بعد كل عملية عسكرية، وكانت دائما تنجح في تأطير مشاهد انتصار في الوعي الفلسطيني.

ومع الإنجازات التي حققتها حماس في نهاية الجولة القتالية، وأهمها تمكنها من جمع مثلث الداخل والقدس والضفة، يعتقد "دونجوت" أن إسرائيل مطالبة الآن أكثر من أي وقت مضى باعتماد خطة عمل والتعامل بنهج جديد مع قطاع غزة، وذلك في ظل الوقائع والمعادلات الجديدة التي فرضتها "حماس" في الضفة والقدس، في ظل تعاظم التحديات على الجبهة الشمالية مع سوريا ولبنان.

ذات الطرح تبناه المراسل العسكري للقناة "13" الإسرائيلية (خاصة) "أور هيلر"، الذي أوضح أنه على الرغم من الترويج عسكريا من المنظور الإسرائيلي بأن "حماس" فوجئت بقوة ورد فعل الجيش الإسرائيلي، فإن ذلك لم يتسبب في إضعاف قوتها العسكرية أو انهيار الحركة التي لديها جيش كبير، ولم تؤد حملة "حارس الأسوار" إلى تقويض سلاح المقاومة وقدرتها الصاروخية، بحيث ما زالت تحتفظ "حماس" بأكثر من 10 آلاف قذيفة صاروخية.

ويعتقد المراسل العسكري أنه في اليوم التالي لوقف إطلاق النار، فإن المعركة -سواء في إسرائيل أو في الجانب الفلسطيني- ستحتدم بالصراع على الوعي وصورة الانتصار التي شكلتها "حماس" فور إطلاق الصواريخ باتجاه القدس، ونجاحها في إعادة اللحمة للكل الفلسطيني، والحصول على حاضنة شعبية بالقدس والضفة الغربية وعند العرب في إسرائيل، بينما غابت أي مشاهد انتصار أو إنجازات حقيقية عن الساحة الإسرائيلية.

وحتى الدقائق الأخيرة قبل دخول وقف إطلاق النار في الساعة الـ2 فجرا، حرصت فصائل المقاومة في غزة على الاستمرار في سياسة القصف بالقصف؛ حيث واصلت إطلاق القذائف الصاروخية على المدن الإسرائيلية ردا على الهجمات الإسرائيلية.

احتفالات فلسطينية بالنصر

في مقابل المشهد الانهزامي في إسرائيل، كان مشهد الاحتفال بالانتصار في المناطق الفلسطينية.

فمع دخول وقف إطلاق النار بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل حيز التنفيذ، شهدت شوارع غزة والضفة الغربية تجمعات احتفالية بوقف إطلاق النار وانتصار المقاومة.

إذ خرجت حشود من الفلسطينيين إلى شوارع غزة، وأطلقوا المفرقعات النارية والرصاص في الهواء.

وردد الشبان الذين خرجوا بشكل عفوي هتافات تدعم الفصال الفلسطينية منها "الموت ولا المذلة" إلى جانب التكبيرات "الله أكبر"، ورفعوا الأعلام الفلسطينية وأعلام فصائل المقاومة.

وفي رام الله، وجه المحتفلون بالتحية لفصائل المقاومة في غزة للأداء العسكري في وجه آلة الحرب الإسرائيلية.

 


طباعة  

مواضيع ذات صلة