الثورة الايرانية.. حقائق للتاريخ (2)

 منذ الثمانينات من القرن الماضي من بدايته حتى نهايته شكل أصعب وأخطر مرحلة في تاريخ الثورة الإسلامية الإيرانية الوليدة ومشروعها الثوري المقاوم

خالد فاروق العبسي

الثورة الايرانية.. حقائق للتاريخ (2)

للامبريالية الأمريكية والصهيونية الإسرائيلية الذي فرضته الثورة كخيار بديل لمشروع الخيانة والاستسلام للصهاينة والأمريكان في المنطقة العربية المتمثل باتفاقية كامب ديفيد ومبادرة الملك السعودي "فهد" المرفوضة من قبل الشعب الفلسطيني وقيادته في مؤتمر القمة العربية عام 1981م الذي انعقد بمدينة فاس المغربية كما تم رفضها من قبل الشعوب العربية والإسلامية وعندما أعلن رئيس منظمة التحرير الفلسطيني ياسر عرفات في مؤتمر القمة رفضه القاطع لمبادرة الملك السعودي آثار غضب ملك آل سعود وتوعد عرفات بعمل تأديبي لم يكن في الحسبان أمام الحضور ولذلك تحرك التحالف الامبريالي الأمريكي والصهيوني الإسرائيلي وأنظمة المحميات الرجعية العربية ونفذت القوات الإسرائيلية عمليات اجتياح لبنان عام 1982م بتمويل سعودي شامل وكان الهدف الأساسي من الاجتياح تدمير مقدرات لبنان الذي كان يعيش تداعيات الحرب الأهلية، وبالرغم من ذلك كان الحاضن لقواعد المقاومة الفلسطينية وقام الصهاينة بتدمير كل قواعد المقاومة الفلسطينية المناضلة ضد الاحتلال الصهيوني كما قامت قوات الصهاينة العسكرية بتدمير كل مقومات البيئة التي كانت تتحرك فيها المقاومة وفرضت شروط اخراج قيادات وقواعد المقاومة من لبنان الى جغرافيات بعيدة عن الكيان الصهيوني وفعلاً تحققت اهداف الكيان الصهيوني في تدمير قواعد المقاومة الفلسطينية واخراجها من لبنان عام 1983م وتأمين الحدود الشمالية للكيان كما حدث سابقاً من اخراج المقاومة الفلسطينية من الاردن وتأمين حدود الكيان الصهيوني مع الاردن ولكن ما لم يستطع الكيان الصهيوني تحقيقه وفشل فيه فشلاً ذريعاً هو اخماد جذوة النضال وروح المقاومة اللبنانية ضد الاحتلال الصهيوني ومن هنا بدأت تتشكل عقدة وخطورة الجغرافيا الثورية المجاورة للكيان المحتل ولا زالت حتى اليوم تشكل اكبر تهديد للصهاينة وتطورت اساليب وقدرات المقاومة اللبنانية بفضل الدعم السوري والايراني اللامحدود واستطاعت القيادة الايرانية تغطية الفراغ الذي تركته جمهورية مصر العربية جراء توقيعها على اتفاقية كامب ديفيد عام 1979م وخروجها من معادلة الصراع العربي الاسرائيلي بالرغم من انشغال القيادة الايرانية في ادارة ملفات الحرب العراقية المفروضة عليها واعادة ترتيب وتنظيم الجبهة الداخلية باعتبارها الاهم في تحشيد طاقات الشعب الإيراني لمواجهة اخطار الحرب المشتعلة في كل الجبهات العسكرية والحصار الجائر المفروض عليها من القوى الامبريالية، إلا انه لم يغب عنها الهدف الاستراتيجي المحوري وهو تحرير القدس من دنس الاحتلال الصهيوني واستنهاض روح المقاومة العربية وكسر حاجز الخوف وتخفيف الاثار السلبية لتداعيات خروج مصر من معادلة الصراع وتنسيق الجهود الثورية واعادة تثوير الجماهير الشعبية العربية والاسلامية ضد الكيان الصهيوني الغاصب وفرضت معادلات جديدة لمستقبل المنطقة.

 ومنذ عام 1983م بدء يتبلور مشروع المقاومة العربية والاسلامية لتحرير القدس واليوم استطاع مشروع المقاومة ان يتطور ويتوسع ويزداد قوة ومراسا ويفرض وجوده اكثر على الواقع على حساب مشروع الخيانة والاستسلام للصهاينة والامريكان وخلال عقد الثمانينات من القرن الماضي تلاحقت احداث ومعطيات وعوامل اقليمية ودولية احاطت بالثورة الايرانية وزادت المنطقة اشتعالا بالحروب وتعقيداً اكثر واستطاعت قيادة الثورة الايرانية ان تقرأ مشاهد متغيرات الاحداث في المنطقة بدقة وحنكة سياسية عالية واهم تلك الاحداث التدخل العسكري السوفيتي في شؤون دولة افغانستان المجاورة لإيران بحدود جغرافية واسعة وبدأت الحرب السوفيتية الافغانية من عام 1979م واستمرت حتى 1989م اشعلها الامريكان او الصهاينة لتوريط القوات السوفيتية في مستنقع كبير وترويج حملاتهم الاعلامية لتصوير تلك المعارك العسكرية بأنها حرب الشيوعية للقضاء على الاسلام وبدأت عمليات التحشيد السلفي الجهادي للشباب العربي والاسلامي بغطاء مباشر من كثير من الانظمة العربية الرسمية وتخطيط امريكي صهيوني وتمويل سعودي خليجي تحت شعار مواجهة المد الشيوعي في افغانستان والدفاع عن ديار الاسلام وكان النظام الرسمي في صنعاء غارقا في العمالة والارتزاق للصهاينة والامريكان وقراره السياسي مرهون تماماً له عبر البوابة السعودية التي كانت تمارس الوصاية والسيادة على نظام صنعاء الذي قدم كل التسهيلات اللوجستية لرموز السلفية الدينية واشرف على تحشيد شباب الجبهة الاسلامية المكونة معظم قواتها من مخرجات المعاهد السلفية والهيئة العلمية للمعاهد الدينية الذين التحقوا بمعسكرات النظام عام 1978م و1979م وشملت تدريباتهم دورات عسكرية نوعية بمختلف الاسلحة ودورات أيدلوجية عقائدية سلفية دينية لمواجهة قوات الجبهة الوطنية الديمقراطية وايدلوجيتها حينها ومواجهة المد الشيوعي القادم من الجنوب كما كانت تصورها حملاتهم الاعلامية لحشد وتعبئة المناصرين لهم وكما التقى رئيس النظام في صنعاء مع رئيس النظام في عدن وممثلي الشطرين الشمالي والجنوبي في الكويت عام 1979م تواصلت التفاهمات والحوارات حتى عقد نظام صنعاء اتفاقية مصالحة مع قيادة الجبهة الوطنية عام 1981م ودخلتا ضمن حوارات التهيئة للميثاق الوطني وقيام المؤتمر الشعبي العام وشملت الاتفاقية استيعاب القوات العسكرية التابعة للجبهة الوطنية في اطار الجيش اليمني وتم اعادة تنظيمها تحت مسمى الوية العروبة وكانت قوات الجبهة الوطنية وقوات الجبهة الاسلامية كقوتين ايدلوجيتين بكل قواها العسكرية النوعية وعددها البشري الكبير مشكوك في ولائها للنظام وتثير هواجسه وتشكلان خطورة عليه ولذلك قام بتنفيذ مخطط التخلص منها وفقاً لأهوائها الايدلوجية والاستفادة من دورها وتضحياتها في تلك الحروب العبثية بعقد صفقات مع اسياده الصهاينة والامريكان عبر بوابة اذيالهم في السعودية والخليج لزيادة رصيد ولائه لهم وتنفيذ مخططاتهم واهدار دماء ابناء اليمن في معارك لا ناقة لهم فيها ولا جمل فقد قام نظام العمالة والارتزاق في صنعاء بالمشاركة العسكرية في حرب العراق ضد ايران وارسال الوية العروبة التي كانت تابعة للجبهة الوطنية الى محارق قادسية صدام في جزيرة الفاو بذريعة الدفاع عن القومية العربية ومواجهة المد الفارسي بذريعة الدفاع عن العقيدة الاسلامية ومواجهة المد الشيوعي وبذلك حقق نظام صنعاء غايته وستظل ملفات تلك الحروب العبثية والمتاجرة الرسمية بدماء ابناء اليمن بحاجة الى بحث وتدقيق وفضح تلك الجرائم البشعة.

الثورة الايرانية.. حقائق للتاريخ (1)


طباعة  

مواضيع ذات صلة