يمن الإسناد لغزة واستحقاقات اللحظة
حُميد القطواني
ليكن في معلوم الجميع أن شعبنا اليمني يعيش ثلاث ذروات تشكل المعادلة الذهبية لحسم مصير المعاناة والتهديدات التي يواجهها نهائيا..

حُميد القطواني
ليكن في معلوم الجميع أن شعبنا اليمني يعيش ثلاث ذروات تشكل المعادلة الذهبية لحسم مصير المعاناة والتهديدات التي يواجهها نهائيا..
الذروة الأولى: ذروة الحماس والمعنويات العالية تستند على خوض تجربة النجاح والثقة والانتصار بالالتحام الميداني والوقوف إلى جانب غزة المنتصرة.
الذروة الثانية: ذروة متراكمة عشرة أعوام من الألم والمعاناة والشعور بالتهديد من استمرار العدوان والحصار ومصادرة الحقوق الشرعية والسيادية لشعبنا اليمني ، وبقاء مساحة واسعة من أرضنا وأبناء مجتمعنا اليمني تحت الاحتلال والاستباحة والنهب ومشاريع التمزيق بتفريخات تحالف الاحتلال المتناحرة.
الذروة الثالثة : ذروة يمنية في الاقتدار والوعي والتماسك والانسجام والالتفاف الاستراتيجي شعبيا ونخبويا بفضاء عابر للحدود على مستوى الداخل اليمني والمنطقة والعالم.
معركة الملاحة في البحار (تقدير موقف)
بعد اتفاق وقف إطلاق النار ووقف جرائم الإبادة الصهيونية في غزة والذي ما يزال في بداية اختبار استقراره ولا ضمانات جدية موثوقة على التزام الاحتلال الصهيوني وهذا يتطلب من صنعاء مقاربة موقفها المساند لغزة بقطع شرايين الملاحة للاحتلال والدول المتورطة في دعم وحماية الإبادة بالعدوان على شعبنا اليمني ، بالاستمرار بالحظر الملاحي لدعم نجاح الاتفاق وعدم انتهاكه من قبل الاحتلال الصهيوني ، مع الانفتاح على تسوية مع الأمريكي والبريطاني تخرجهما من قائمة الحظر والعقوبات اليمنية.
العنوان اليمني الرئيسي لاستحقاق المرحلة
إلى جانب استحقاق إسناد غزة ودعم اتفاق إطلاق النار ، تفرض المرحلة استحقاقا يمنيا يتعلق بوضع حد للعدوان والاحتلال ومصادرة الحقوق الشرعية والسيادية لشعبنا بجدولة تلك الاستحقاقات والشروع في التنفيذ المزمن للالتزامات الرئيسية المتعلقة بإعادة الشرعية السياسية والاقتصادية إلى صنعاء وتنظيف مخلفات وتفريخات الحرب والتحالف العدواني باستجابة في سقف زمني لا يتجاوز الأسابيع أو تفعيل الخيارات العسكرية الاستراتيجية لمقابلة الحصار بالحصار الملاحي على دول العدوان بشرعية عشرة أعوام من الحرب المستمرة على اليمن لاختبار نوايا تحالف العدوان بأمريكا أو بدونها واستباق تحضيرات التصعيد بأمريكا أو بدونها في لحظة حرجة وقاتلة لحسابات حلف المأزومين من رأس هرمه الأمريكي إلى أحقر أدواته من تحالف المطبعين في الخليج مضافا إليها الأدوات الإقليمية تركيا وسوريا الجديدة المرشحة للانضمام إلى حلف قرابين الصهاينة.
اليمن في وعي ترمب ولحظة التنصيب الحرجة
في ٢٠٠٦ تم تنظيم مباراة ملاكمة في نيويورك تحدى فيها الملاكم نسيم حامد الذي كان مغمورا في بداية مسيرته الرياضية في الملاكمة ، ملاكما أمريكيا محترفا ومشهورا يصنف من أبطال العالم.
وظهر ترمب على الإعلام بشكل متصدر للحدث أشاد بالأسلوب الفني الراقص لنسيم بلغة استخفاف وشفقة ومراهنا على فوز الملاكم الأمريكي بالضربة القاضية من الجولة الثانية وحدث ما أذهل الجميع بشكل صادم خارج التوقعات وهو فوز نسيم حامد على منافسه الأمريكي بالضربة القاضية.
في ٢٠١٦ كان لترمب تصريح ملفت حول اليمن عبر عن اطلاعه على حيثيات الحرب العدوانية وأنها من اجل نهب النفط اليمني كون اليمن يمتلك أكبر مخزون نفط في المنطقة.
عندما زار ترمب المملكة السعودية تم استقباله بقصف اليمن للمطار ورغم أنه المقصود بالرسالة النارية ، ورغم ما يعرف عن ترمب من نزعته السياسية النرجسية والمتعجرفة كطبع مترسخ في شخصيته ورغم السخاء السعودي على ترمب بصفقات النصف تليرون دولار ، لم يصدر منه أي إدانة أو تعليق ، في صورة تحوي باستيعاب الرسالة.
في ٢٠٢٠ عندما تم إغلاق أمريكا بحجة كورونا على الرغم من أن ترمب كان رافضا لذلك الإغلاق وغير معترف بخطورة كورونا باعتبارها مؤمراة عليه وعلى أمريكا ، لم يجد هو وفريقه لإدارة حملته الانتخابية دليلا يخاطب به الشعب الأمريكي لإثبات زيف دعاية كورونا غير خروج المظاهرات المليونية في اليمن وفي هذا السياق كان له تصريحات مشهورة على القنوات وحساباته الرسمية في مواقع التواصل الاجتماعي ، مستشهدا بأن اليمنيين الذين يعانون من الحرب والحصار والأزمات وغياب مؤسسات الدولة والخدمات الصحية يخرجون بالملايين ومئات الآلاف في المظاهرات.
خلال حملته الانتخابية التي سبقت فوزه بفترة ولاية ثانية لأمريكا والتي جاءت بالتزامن مع معركة إسناد غزة والمواجهة اليمنية المباشرة مع الأساطيل البحرية الأمريكية لم نجد غير تصريح واحد لترامب أنه سينهي المعركة في يوم واحد ، ورغم أن الكثير ذهبوا في تفسير تصريح ترمب بالتوجه لتنفيذ اغتيالات وهو احتمال وارد ، إلا أن النظر بواقعية في حديث ترمب يؤكد أن مجرد إظهار نيته أو محاولة سيره في هذا الاتجاه سيفجر صاعق معركة اللاعودة إلى التسويات السياسية في كل اتجاه وسيحرك طوفان الرمال المتحركة التي ستفرض على الأمريكي ودول العدوان خياران إما الغرق والانتحار أو الاندحار والانكسار .
والعبرة في ذلك أن ترمب خلال حملته الانتخابية وخلال فترة انتضار لحظة تنصيبه قد بدا محاصرا في دائرة حسابات مميتة على الأقل لم تسمح بإظهار حماسه في ممارسة التنمر والعجرفة واستغلال الفشل والعجز للمزايدة الانتخابية على خصومه وتوظيف وإلزام نفسه بوعود التورط الصريح.
نقطة التقاء وتوافق
نتفق مع أمريكا ترمب في قضايا أعلن أنها تشكل جوهر مشروعه ومنها : قضية الهجرة غير الشرعية وقضية الشذوذ والانحلال وربما في زاوية معينة قضية معالجة الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تفخخ رأس أمريكا وأمر بقاءها عنصرا دوليا منافسا ورائدا لمنع انهيارها كحاجة استراتيجية للحفاظ على التوازن الدولي .. والحقيقة أن المدخل الوحيد والأوحد لتحقيق كل ما سبق هو تغيير نهج أمريكا العدواني أمنيا وسياسيا واقتصاديا تجاه عالمنا العربي والإسلامي والأمم الأخرى، وسحب قواتها وأذرعها العسكرية من الساحات الدولية الملتهبة القابعة على حافة الهاوية، وبالذات في الشرق الأوسط التي يشكل وجودها فيه عاملا مزعزعا ومغذيا للحروب والصراعات والمصدر الرئيسي للهجرات غير الشرعية نحو أوروبا وأمريكا.
وهذه هي الرؤية الوحيدة التي تشكل حقائقها مفاتيح السلام واستقرار العالم ، وإنقاذ رأس أمريكا ترمب المفخخ بأزمات الدمار الذاتي المطلوب بالنسبة للجميع من قلب واشنطن إلى عواصم الشرق والغرب الأوروبي، قبل أن يتم تقديم رأسها كقربان لخرافات النازية الصهيونية في لحظة قاتلة .
قراءة في الأولويات الترمبية
- ساحة المعركة الرئيسية لترمب هي الداخل الأمريكي وأهداف المعركة هي هيكلة الهوية والنخب والمؤسسات التقليدية الحاكمة في أمريكا وتشكيل هوية أمريكية جديدة بصيغة ترمبية عنصرية متطرفة، والتحديات الكبرى والأولوية القصوى هي المقاومة الداخلية وردات الفعل على حملة الاقصاء والاجتثاث التي ستنتج تفاعلاتها تهديدات وجودية لكل طرف.
هناك أيضا ساحات معارك أخرى لترمب في العالم وبالذات الصين التي تشكل تحدياتها محور ارتكاز مصير قوة أمريكا في الداخل والخارج لكنها تأتي أولوية أساسية تالية.
وبالنسبة لأوروبا اليسارية فهي وفقا للأولويات الترمبية أشبه بثقالة يجب التخلص من أعبائها الاستراتيجية إما بتجريدها من الهوية اليسارية الديمقراطية وإخضاعها لهويات عنصرية متطرفة تستنسخ الهوية الترمبية وتتحول إلى مستعمرات عبيد مقابل الأمن ضمن ممتلكات أمريكا ترمب.
أو ذهاب أوروبا للبحث عن خيارات بديلة ذاتية أو ترميم علاقاتها مع خصوم أمريكا في الشرق وبالذات الصين وتطوير التعاون وربما التحالفات معها.
أما بقية ساحات الصراع في العالم ومنها المنطقة العربية والشرق الأوسط ، فهي غنيمة محفوفة بفخاخ عالية المخاطر قد تبتلع أمريكا وهياكلها الاتحادية المفخخة بأزمات وجودية ، ورأسها ورأس حاكمها المطلوب للجميع في ذروة معركة مصيرية تنتظر وضع ترمب وأمريكا أقدامهما في المكان الخطأ .
مقاربة فهم للحالة الأمريكية برسم ترمب
شعار إعادة أمريكا عظيمة من جديد هو الترجمة الفعلية لإعادة الحكم والهيمنة العنصرية البيضاء للانجلوسكسن وإقصاء كل من هم خارج تلك الدائرة بتجريدهم من الشراكة وحرية واستقلالية الطموح والموقف والرؤية الذاتية لبقية مكونات المجتمعات الأمريكية وهم السواد الأعظم من الملونين باعتبارهم مهاجرين ووضعهم في درجة الحيوانات حسب وصف ترمب مع تمييز وضعهم بين فئتين: الأولى مهاجرين امتلكوا صفة شرعية لكن ذلك لا يمنحهم صفة آدمية وسيبقون حيوانات مجردة من الآهلية والحقوق الاعتبارية إلا من حق العيش مقابل الخدمة.
وعليه يجب أن يتكيف الجميع مع هذه القواعد وهذا المستوى ويتخلون طوعا عن عناصر قوتهم الذاتية وطموحاتهم باعتبارها ظاهرة تضخم خطيرة على أمريكا العنصرية البيضاء التي تفرض على الآخرين أن يكونوا ملحقات وتوابع وديكور لا يمتلكون حضورا ونفوذا وإرادة ورأي ، وعلى هذا ستكون معايير هيكلة أمريكا أفقيا ورأسيا.
ومع الإقرار أن ترمب يشكل زعامة قوية ومشروعا ثوريا جوهره إنقلابي إلا أن الحقائق الاجتماعية المتجذرة بتنوعها وتوازناتها في أمريكا تشكل واقعا أكبر من رغبات ترمب ، والنخب العنصرية مهما كان تأثيرها وسطوتها لن تصنع أكثر من شرارة حرب أهلية ترقص على حقل ألغام يفخخ أمريكا طولا وعرضا ونتائجها هي من ستفرض الرغبات من عدمها إن لم تنهار أمريكا وتتمزق وتتقزم من الداخل، أو يتم تقديمها قربان لخرافات الصهاينة في المنطقة ومن ثم إشعال هرمجدون ثالثة نووية تقضي على العالم.
وبغض النظر عن صوابية وعدالة مشروع ترمب وطموحاته وقدرته على تنفيذه وهذا لن يكون أمرا متاحا حتى بوصوله للبيت الأبيض وامتلاك الشرعية الدستورية إلا أن أي تغيير لن يحدث دون هيكلة الهوية التقليدية ومؤسساتها وعقديتها الاجتماعية والسياسية والأمنية والقانونية بالتوازي مع صياغة عالم جديد أمام حقائق دولية شبت على طوق التطويع ودخلت مع العالم في مرحلة اللاعودة إلى ما حقبة التفرد الأمريكي ، والذهاب دون خط رجعة إلى التحولات الدولية التي بات التراجع عنها مسار انتكاسات تنتهي بسقوط المعاقل الرئيسية للقوى الصاعدة وتفككها وبالذات الخصم الصيني والقوى الصاعدة التي باتت تمتلك امتياز التفوق والغلبة الاقتصادية والجيوسياسية .. وكلها أمور تجعل من المستحيل إخضاع الخصوم لمعايير أمريكا ترمب التي تحتاجها لاستعادة أنفاسها المأزومة في لحظة اختناق استراتيجي نتيجة تراكم تبعات السياسات الأمريكية العدوانية والحمقى في كل اتجاه .
وكذلك دون تحقق التغييرات الجذرية الداخلية في أمريكا وعلى مستوى صياغة الخارطة الدولية واللتين باتت مهمة إنجازهما في حكم المستعصية ، وسيكون كل ذلك تغييرا سحطيا لن يصمد لأيام بعد خروجه من البيت الأبيض ، ولن يستطيع من يخلف ترمب لحمل إرثه ومشروعه الحصول على فرصة مؤكدة أمام خصوم سيعيدون ترتيب صفوفهم لاستعادة القيادة والمبادرة من جديد.
أما إذا استخدم ترمب الرعونة لفرض مشروعه فلن يؤدي ذلك إلا إلى إنتاج ظاهرة ترمبية أشبه بجائحة تفخخ الوضع الأمريكي والغربي بالتطرف والانقسامات والصراعات الفوضوية في مشهد مدمر للهياكل والحسابات الجيوسياسية الغربية وتفكك مراكز النظم السياسية وسيخرج الوضع عن السيطرة في مشهد يكرر فوضى مطلع القرن العشرين الذي فرض اتجاهات إجبارية خارج سيطرة ومصالح النظم والحكومات والشعوب الأوروبية نحو هرمجدون الأولى والثانية ولكن هذه المرة باتجاه انهيار الغرب الجماعي.
محددات حسابات أمريكا ترمب
المحدد الأول : التسوية الكبرى وتتشكل من رزنامة متكاملة تبدأ بإسقاط التطرف الصهيوني وخرافات أطماعه التي تهدد الجميع وضمان توقف الإبادة والعدوان والانتهاكات بحق الشعب الفلسطيني في غزة والضفة والأراضي المحتلة والالتزام باتفاق الحرب على لبنان وتنفيذ اتفاق تبادل الأسرى وإعادة الإعمار وانعاش الحياة في غزة ،هذا مدخل تسوية الكبيرة في المنطقة.
ثم الانتقال لتمكين الشعب الفلسطيني من حقه على أرضه وتقرير مصيره وفق جدول مزمن لتفكيك الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة تقود مسار تسويتها إدارة دولية جديدة للتنفيذ والضمانات تشرك الشرق والقوى الإقليمية الصاعدة في قيادة الحلول وتكون محور ارتكاز تشكيل النظام الدولي الجديد لتعبئة الفراغ السياسي الدولي الذي وصل مرحلة حرجة بسبب النكران الغربي للحقائق الدولية والإقليمية الجديدة والصاعدة وسقوط المفاهيم والقواعد والمعادلات التقليدية التي سقطت بسبب معاييرها الفاشلة والازدواجية في الداخل والخارج، والمنفصلة عن الواقع في قراءة التفاعلات والتبعات المترتبة عن السياسات العدوانية الاستغلالية والاستكبارية على بقية الأمم التي انعكست تبعاتها حتى على الدول الغربية وجعلتها أشبه بحقل ألغام دمار ذاتي يفخخ هياكل نظمها السياسية التي ترقص على حافة هاوية الانفجار والانهيار وخروج الوضع عن السيطرة ، أو الغرق في مستنقع حروب ودمار شامل .
المحدد الثاني: الإقرار بالحقائق الأصيلة الصاعدة في المنطقة العربية أو ما تسميها الإدارة الأمريكية منطقة الشرق الأوسط وفي مقدمتها الحقائق اليمنية والفلسطينية والتعايش مع استحقاقاتها التي تفرض تمكين شعوبها من حقوقها الكاملة على كامل جغرافيا الحق الوطني اليمني والفلسطيني.
وأيضا الانسجام مع التحولات الإقليمية الدولية الجديدة التي تفرض أي مقاربة واقعية وتسجيل خروج عسكري أمريكي من المنطقة كأولوية في وقت لا تزال فيه فرص العودة من البوابة المشروعة للدبلوماسية السياسية والاقتصادية مفتوحة.
وكذلك إدراك حقيقة أن بقاء القوات الأمريكية في المنطقة قد تحول إلى فخ مميت يهدد بجر أمريكا المفخخة بأزمات وجودية إلى هاوية الحرب الكبرى في لحظة قاتلة لرأس نظامها الاتحادي ورأس حاكم البيت الأبيض المطلوب للجميع من الداخل والخارج.
طريق الحرب الكبرى
الطريق الأقصر إلى انفجار الحرب الكبرى هو تبني أمريكا ترمب لمقاربة السلام بمنظور صهيوني عبر تصفية القضية والشعب الفلسطيني والمضي في مسار التطبيع مع دول الخليج وإنشاء (ناتو إقليمي) بقواعد أمن للكيان الصهيوني تكون محور ارتكازه القوات الأمريكية وأذرعها من جيوش محور التطبيع.
بالتوازي مع برنامج تطبيع اقتصادي يربط اقتصاد وموارد المنطقة بيده ضمن مشروع تمكين الكيان الصهيوني من الزعامة والهيمنة الإقليمية بتفرد ويجعل البقية مجرد قرابين وكباش فدى وحاميات متقدمة وخط أمامي في العدوان على شعوب ودول المنطقة الرافضة للأطماع الصهيونية والتي تعتبر الساتر الأخير الذي يحول دون انتقال الصهيوني إلى مرحلة تمزيق الأوزان الإقليمية كحاجة توسعية وتفكيكها كونها مصادر تهديد مستبقلا.
والخلاصة أن هذه الطريق يعني الإصرار على استمرار جرائم الإبادة والتهجير والانتهاكات الصهيونية في فلسطين ولبنان ، وتحشيد اصطفافات إقليمية تقدم كقرابين للخرافات الصهيونية والتصعيد الإقليمي للحرب في المنطقة لإنفاذ هذه الرؤية وإخضاع الجميع لمتطلباتها وقواعدها وفق الحسابات النظرية للمهندس العميق لهذه الرؤية التي تتجاوز الدعاية كبديل يمنح أمريكا فرصة للتخفيف من أعباء المنطقة والتفرغ لأولوياتها التي ليست في الحقيقة سوى خدعة مظللة على وعي ومصالح الشعب الأمريكي المتوهم في اعتقاده أنه المقصود بولاء النخبة الحاكمة من شعار أمريكا أولا.
نتائج تحرير وسقوط وانتهاء
وهذا الطريق سيقود إلى نتائج نهائية أبرزها :
أولا : ذهاب الحل للقضية الفلسطينية إلى تحرير فلسطين من البحر إلى النهر بالحديد والنار وطرد الاحتلال مع دفع أثمان مكلفة على الجميع، تكون شعوب المنطقة مضطرة لدفعها للدفاع عن وجودها ولا تعتبرها خسارة بل فرصة لوضع حد لقرن من جحيم النزيف والانهيار والمعاناة والأزمات والحروب التي أهلكت الشعوب العربية والإسلامية وتطورت اليوم إلى تهديد وخطر وجودي عليها والمنطقة والعالم.
ثانيا : سقوط كل الأنظمة التي وضعت كل بيضها في سلة الأمريكي وقدمت شعوبها قربان لخرافات الصهاينة وجندت جيوشها كخناجر غدروخيانة للأوطان وقضايا الأمة المقدسة بيد العدو الصهيوني يستخدمها للعدوان على الشعوب العربية والإسلامية.
ثالثا : انتهاء الحالة الأمريكية والغربية إلى إحدى النتيجتين:
الأولى : هي النتيجة الأخطر وهي انفجار حقل الأزمات الوجودية التي تفخخ هياكل النظام الاتحادي الفدرالي والغرب المأزوم عموما وخروج الوضع عن السيطرة نحو الانهيارات الاقتصادية والسياسية والحروب والصراعات الأهلية والفوضوية التي تمزق خارطة الاتحاد الأمريكي والجغرافيا السياسية الغربية.
الثانية: هي النتيجة ذات السقف الأدنى للكارثة الأمريكية وجعلها تخرج ومعها الغرب محطمة على كرسي متحرك لن تصمد أمام قبضات المنافسين في الشرق من قادة صياغة العالم الجديد ما لم يطلق الغرب رصاصة الرحمة على رأسه بتصعيد المواجهة مع قوى الشرق بحسابات انتحار محظ بلا جدوى ربما تنتهي بوضع الجغرافيا السياسية الغربية تحت الحجر الصحي والسياسي الدولي.
رسالة إلى أمريكا ترمب
لقد نجا ترمب من رصاصة حاولت اغتياله ، ونتوقع أن تكون الخيط الذي يكشف به الطرف الذي يعبث مع الجميع ضد الكل بصفقات الابتزاز ومقايضات التخادم في سياق إعادة صياغة أولويات أمريكا من منظور تقديمها قربان على حساب أولوياتها المصيرية والتورط في تهديد سيفجر رأس أمريكا المفخخ بالأزمات الوجودية طولا وعرضا.
وبالتالي فإن تجاوز الحقائق والتورط في الحماقة والاستمرار في المسار العدواني بأي شكل من الأشكال وبالذات العدوان على اليمن الذي سيجعل من اليمن تحديدا الرصاصة القاتلة التي لن تخطئ رأس أمريكا في لحظة ينتظر الجميع أن يضع ترمب قدمه في المكان الخطأ.
الخلاصة الأولى
أن الحقائق الحاسمة في معركة الاستراتجيات والخيارات الحربية والسياسية لأمريكا ترمب أو غيره ومعه الغرب المتصدع والمأزوم سقطت وانهارت ولم يعودوا يمتلكون قدرة أو أنفاس أو فرصة لإعادتها أو إيجاد بديل عنها أو حتى جدوى من ترميمها .
وأصبح سقفهم الأعلى هو القدرة على الأذية اقتصاديا أو أمنيا وهي سياسات باتت في آخر مراحل أفول تأثيرها ، وفي حال تورطهم في حرب كبيرة لن يتملكوا القدرة على الصمود ومواجهة النفس الطويل للشعوب العربية المقاومة وتطور مواقفها وخياراتها بفائض قوة ذاتي يمنحها الصمود والانتاج ، وتدعمه ظروف إقليمية ودولية مثالية حتى داخل الغرب وأمريكا نفسها.
وفي أية لحظة سيرحل الأمريكي ويترك خلفه كل من الأنظمة والحكام الذين تورطوا مع الكيان الصهيوني المتصدع والهش والمستنزف والغارق في هاوية الهزائم والأزمات والانكسار الاستراتيجي وجرائم الإبادة والمحارق التي يرتكبها في غزة ولبنان ومستنقعاتها المميتة التي ابتلعت هياكل الاحتلال العسكرية والأمنية في لحظة مكابرة على حقيقة الزوال والاندثار من الداخل والخارج وصلت مراحلها الأخيرة من حالة الاحتضار ولفظ أنفاسه ولم يتبق إلا الاجتثاث بانفجار طوفان غضب الشعوب العربية المكبوت والملتحم مع طلائع طوفان التحرير بقيادة شعوبنا المقاومة عربيا وإسلاميا وكل من يقف إلى جانبها من دول في منطقتنا والعالم.
الخلاصة الثانية
أن اللحظة التاريخية هي اللحظة المثالية للانتقال بمعركة البحار اليمنية من الإسناد لغزة إلى إسناد شعبنا اليمني لمواجهة الحصار بالحصار في خضم حرب التحالف المستمرة على بلادنا.
وهي لحظة الوفاء للشعب اليمني بحسم مصير معاناته المستمرة وانتزاع الحق اليمني وبسط السيطرة على كامل الجغرافيا اليمنية واستعادة كافة الحقوق الشرعية والسيادية وهذا هو سقف الاستحقاقات اليمنية في ظل اللحظة التاريخية الآنية غير القابل للمساومة والابتزاز أو المماطلة بتاتا.
حقيقة ثابتة وكاسرة
وتبقى الحقيقة الثابتة أن شعوبنا العربية باقية وصمتها لا يعني موتها وخيارات الضرورة والأمر الواقع مع شعاع الأمل سيفجر براكين غضبها في كل شارع وبكل وسيلة دفاعا عن نفسها وقيمها ومصيرها مهما كانت التضحيات بمجرد أن تتحرك عجلة القطار فقط ، ولا خيار آخر أمامها.
أما الآخرون من غرباء ودخلاء وأعداء طامعون فإن الحقائق المترسخة والمتجذرة في وعي ووجدان البشر والجحر تجعلهم يرون بعين اليقين ويلمسون بيد الوقائع لحظة إنكسارهم والقدرة على اقتلاعهم ، وهذا المصير سينسحب على كل من تورط من الحكام العرب مع الغرباء الدخلاء الأعداء الطامعين في لحظة تطور المعركة إلى مواجهة غريزة البقاء الممزوج بإرث الإيمان بالحق في الأرض والمصير ، والخلفية القيمية الأصيلة التي تشكل مصدر تنقيب القوة ومركز تخصيب الخيارات والرهانات التي تحفزها مبرهانات فاتورة عقود من الضياع والألم والمعاناة والقهر والإذلال يقابلها شواهد الاقتدار التي صنعها زمن النصر والبشائر والأمل.