96 عاما من علاقات الصداقة "اليمنية - الروسية"
تحتفظ روسيا واليمن بعلاقات دافئة وودية يعود تاريخها إلى بداية العقد الثالث من القرن العشرين ويحفل تاريخ العلاقات اليمنية الروسية على مدى قرابة قرن من الزمن بالكثير من المحطات التي تؤكد إيجابية العلاقة بين البلدين .. تفاصيل في السياق التالي ..

تحتفظ روسيا واليمن بعلاقات دافئة وودية يعود تاريخها إلى بداية العقد الثالث من القرن العشرين ويحفل تاريخ العلاقات اليمنية الروسية على مدى قرابة قرن من الزمن بالكثير من المحطات التي تؤكد إيجابية العلاقة بين البلدين .. تفاصيل في السياق التالي ..
د/ علي الرحبي
في 1 نوفمبر1928م تم التوقيع على أول معاهدة للصداقة والتجارة بين اليمن والاتحاد السوفيتي وتعتبر اليمن الدولة الأولى التي اعترفت بالثورة السوفيتية نكاية ببريطانيا التي استعمرت جنوب اليمن.
في النصف الثاني من القرن العشرين، تطورت العلاقات أكثر بين البلدين وفي عام 1955 افتتح الاتحاد السوفيتي سفارته في صنعاء ، وفي عام 1956 تم تعيين عبدالرحمن أبوطالب أول وزير مفوض غير مقيم لليمن في موسكو، وبالمقابل افتتح الاتحاد السوفييتي مفوضية له في تعز في ذات العام.
ومعها تطورت العلاقات في المجالات التجارية والاقتصادية والدبلوماسية ليدخل مجال التعاون العسكري حيز التنفيذ خلال زيارة البدر أحمد حميد الدين إلى موسكوعام 1956م وتم الاتفاق على صفقة من الأسلحة.
في أكتوبر 1962، بعد ثورة 26 سبتمبر، كانت موسكو من أوائل الدول التي اعترفت بالجمهورية العربية اليمنية وتقديم المساعدات في البنى التحتية مثل ميناء الحديدة ومصنع باجل للأسمنت والمستشفى الروسي(الثورة) ومطارالرحبة (صنعاء).
في 21 مارس 1964 قام الرئيس عبدالله السلال، بزيارة إلى موسكو جرى خلالها التوقيع على معاهدة الصداقة بين البلدين، كما تم خلال هذه الزيارة عقد اتفاقيات اقتصادية وأخرى عسكرية بين البلدين.
في عام 1967، كان الاتحاد السوفيتي من أوائل الدول التي اعترفت بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية .
قامت العلاقات بين البلدين على أساس قانوني واسع، تمثل في توقيع الاتحاد السوفيتي على عدد من معاهدات الصداقة والتعاون مع جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (1979)، الجمهورية العربية اليمنية (1984) .
بعد تحقيق الوحدة اليمنية 22 مايو1990 أكدت روسيا رسميا سريان مفعول كلتا المعاهدتين وجميع الاتفاقيات المعقودة بين شطري اليمن مع الاتحاد السوفيتي.
في عام 1991 تم التوقيع على إعلان مبادئ علاقات الصداقة والتعاون بين روسيا واليمن، واتفاقية التعاون بين الحكومتين في مجال العلوم والثقافة والتعليم والرياضة والسياحة، والاتفاقية بين الحكومتين حول تشجيع الاستثمارات وحمايتها بصورة متبادلة.
في 30 ديسمبر عام 1991 أعلنت الجمهورية اليمنية رسميا اعترافها بروسيا الاتحادية بصفتها الوريثة الشرعية للاتحاد السوفيتي السابق، وضمن ذلك الاعتراف بجميع المعاهدات والاتفاقيات الدولية السارية المفعول.
في فبراير عام 1991 وقع الاتحاد السوفيتي والجمهورية اليمنية اتفاقية تجارية تنص على تشكيل لجنة حكومية مشتركة حول التعاون الاقتصادي والتجاري والعلمي – التقني، وكذلك البروتوكول حول الممثلية التجارية في صنعاء الذي حل محل الاتفاقيتين بهذا الشأن المعقودتين مع الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.
في عام 1996 تم التوقيع على بروتوكول التعاون بين اتحاد الغرف التجارية والصناعية في اليمن والغرفة التجارية والصناعية في روسيا .
في أبريل عام 1997 تأسست في اليمن رابطة الصداقة اليمنية – الروسية وفي عام 1999 تم توقيع اتفاقية تعاون بين وكالة ايتار – تاس ووكالة الأنباء اليمنية "سبأ" .
في أغسطس عام 2003 عقد بموسكو المؤتمر التأسيسي لجمعية الصداقة الروسية – اليمنية وفي عام 2005 وقع يفغيني بريماكوف رئيس الغرفة التجارية والصناعية الروسية أثناء زيارته إلى صنعاء اتفاقيتين حول التعاون بين الغرف التجارية والصناعية في البلدين، وحول تأسيس مجلس الأعمال الروسي – اليمني.
شطب ديون اليمن
عقد في نوفمبر عام 1997 اجتماع نادي باريس لبحث إعادة جدولة الديون الخارجية لليمن ووقعت خلاله وثيقة حول اظفاء الديون اليمنية إلى روسيا الاتحادية وفق شروط تسهيلية بالنسبة إلى صنعاء.
وبموجب الاتفاقية الحكومية الروسية – اليمنية الموقعة بموسكو في ديسمبر عام 1999 تم شطب نسبة حوالى 80 بالمائة من ديون اليمن البالغة 6,4 مليار دولار. ويجري في المواعيد المقررة تسديد وخدمة ديون اليمن.
وعلى الرغم من التحولات السياسية والجيوسياسية، استمرت العلاقات بين البلدين، فمنذ أوائل عام 2000، شهدت العلاقات بين روسيا واليمن تطورًا سريعًا، حيث انعكس تقارب نهج البلدين تجاه القضايا العالمية والإقليمية في الإعلان المتعلق بمبادئ العلاقات الودية والتعاون عام 2002، وأرست الاتفاقيات الحكومية الدولية، ومنها اتفاق التعاون في ميدان الثقافة والعلوم والتعليم والرياضة والسياحة عام 2002، والاتفاق المتعلق بالحماية المتبادلة للاستثمارات، الأساس للتعاون الثنائي.
وعلى الرغم من اندلاع الحرب العدوانية لتحالف العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي البريطاني ، وتقليص معظم المبادرات المشتركة، وتوقف الوجود الدبلوماسي الروسي منذ ديسمبر 2017، فإن روسيا ما زالت تتابع عن كثب الأحداث في البلاد، وتقدم الدعم لليمن من خلال بعض المواقف في مجلس الأمن الدولي وتقديم المساعدات الإنسانية ، وتحتفظ موسكو بعلاقة جيدة مع طرفي الصراع الرئيسين في اليمن ، حيث حافظت موسكو على السلك الدبلوماسي في كلٍ من صنعاء وعدن. كما أنها تعتقد أن عمليات التحالف الذي تقوده أمريكا والسعودية وبريطانيا والإمارات تصعد من الحرب في اليمن ، وباستطاعة روسيا اليوم أن تكون طرفا في حل الصراع بين الأخوة الأعداء وتحجيم التدخلات الخارجية في الشؤون اليمنية.
الموقف الروسي من العدوان علي اليمن
كان قرار مجلس الأمن رقم 2216 أول اختبار وإعلان لنوايا روسيا. حيث نص القرار على انسحاب أنصار الله من جميع المناطق التي تم الاستيلاء عليها على الفور، وأعاد تأكيد سلطة "حكومة هادي في اليمن".
ولكن موسكو امتنعت عن التصويت قائلة إن النص "لا يتماشى بالكامل" مع شروط الحل السياسي ودعت جميع الأطراف إلى وقف إطلاق النار.
استخدمت روسيا حق النقض (الفيتو) عدة مرات منذ ذلك الحين لتعديل القرارات والبيانات الرسمية للأمم المتحدة وعارضت أي محاولات لسحب القضية خارج إطار الأمم المتحدة، كما كان الحال مع إنشاء الرباعية الدولية التي تضم (الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والسعودية والإمارات) وفي تصريحات صادرة عن المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، في الثاني عشر من يناير (كانون الثاني) 2024، أعربت روسيا عن انتقادات حادة للولايات المتحدة وبريطانيا بسبب الضربات العسكرية التي نفذتاها في اليمن، حيث أشارت إلى أن هذه الضربات أدت إلى تصعيد التوتر في الشرق الأوسط، وأنها تمثل تجاهلًا للقانون الدولي، وطالبت روسيا بعقد اجتماع عاجل لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لمناقشة الوضع في اليمن، مشيرة إلى أن الضربات الجوية الأمريكية مخالفة لقرارات مجلس الأمن الدولي.
موقع اليمن الاستراتيجي بالنسبة لروسيا
يحتل اليمن موقعًا إستراتيجيًّا مهمًّا في المنطقة، ويكتسب أهمية خاصة في ضمان مصالح روسيا الطويلة الأجل في الشرق الأوسط. ولا تزال روسيا مهتمة كثيرًا باستخدام الموانئ البحرية اليمنية كقواعد شحن لأساطيلها العسكرية والتجارية. وتُعد جزيرة سقطرى، التي أعلنت وزارة الدفاع الروسية خططًا لاستعادة قاعدة بحرية فيها عام 2009، من الأمور ذات الأهمية الخاصة.
وللحافظ على العلاقات التاريخية بين البلدين وديمومة استمراها ننصح بتعزيز العلاقات في كافة المجالات وأهمها الاقتصادية والعسكرية والأمنية لأن تعزيز التعاون الاقتصادي: يتيح اليمن فرصًا مهمة في مجالات متعددة، مثل الكهرباء، والنفط، والزراعة، والثروة السمكية. ويمكن لروسيا استغلال هذه الفرص لتعزيز التعاون الاقتصادي، وزيادة التبادل التجاري بين البلدين، وزيادة الاستثمارات المشتركة في قطاعات مثل الطاقة المتجددة، والصناعات الثقيلة.
كما أن تعزيز التعاون العسكري يتيح فرصة تقديم الدعم العسكري والتقني لليمن في مجالات مثل تطوير القوات المسلحة، وتعزيز الأمن والاستقرار.
وتعزيز التعاون الأمني يمكن لروسيا تقديم الدعم العسكري والأمني لليمن لمساعدتها على مكافحة التطرف والإرهاب، وتعزيز الاستقرار والأمن في المنطقة. كما يمكنها تقديم التدريب والتجهيزات العسكرية للقوات اليمنية، وتعزيز قدراتها الدفاعية.
او من خلال تبادل المعلومات حول الجماعات الإرهابية التي تستهدف الأمن الروسي واليمني ومنع التحركات لتحالف العدوان التي تستهدف اليمن وكذلك تحركات السفن الحربية والتجارية التي تنقل الأسلحة إلى أوكرانيا وحضرها في المياه الإقليمية اليمنية.
الاستنتاجات
يمكن القول إن العلاقات بين روسيا واليمن تمثل نقطة مهمة في السياق الإقليمي والدولي، حيث تتنوع هذه العلاقات وتشمل مختلف المجالات، بدءًا من المجالات العسكرية وصولًا إلى السياسية والاقتصادية. على الرغم من التحديات التي تواجه العلاقات بين البلدين، ما زالت روسيا ملتزمة بدعم استقرار اليمن وأمنه، وذلك من خلال المشاركة في الجهود الدولية للتصدي للإرهاب والقرصنة، بالإضافة إلى تقديم الدعم الدبلوماسي في المحافل الدولية.
الجدير بالذكر أن تعمق التعاون العسكري بين البلدين يعكس التزامهما المشترك بتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، وهو ما يعكس تبادل الاهتمامات والتحديات التي يواجهانها. بالإضافة إلى ذلك، فإن الجهود الروسية لتطوير العلاقات الاقتصادية مع اليمن تعكس الرغبة في تعزيز التبادل التجاري، والاستثمار في القطاعات الاقتصادية المختلفة ، ولتعزيز العلاقة بين البلدين مطلوب من القيادة الروسية سرعة فتح سفارتها في اليمن كون السفارة الروسية آخر سفارة تغادر اليمن والمرجو أن تكون أول سفارة تعود إلى صنعاء وعاشت العلاقة اليمنية الروسية.