فيما الحسابات الحربية الغربية تجاه المنطقة تدخل مربعها المميت : مسار هندسة الأحداث وأبعاد التهديدات الصهيونية ورهان اللحظة التأريخية
الصورة النهائية للأطماع الصهيونية في منطقتنا العربية والإسلامية أن تكون سوريا ممزقة ومستباحة وتحويل شعوبنا إلى أقليات متناحرة الجميع يسلم

حُميد القطواني
رقبته لإسرائيل الكبرى مقابل الدعم والحماية لا تتوحد إلا كمرتزقة لحراسة نفوذها وأمنها، وجلادين لقمع من يقاومها وخوض حروبها في منطقتنا أو إخضاع من تبقى من أمم شرقا أو غربا لقواعد تمكين خرافة الحق المقدس من الهيمنة على العالم بعد إزاحة الكبار بهرمجدون ثالثة نووية.. تفاصيل في السياق التالي : من الحقائق الثابته أن الكيان الصهيوني كيان طارئ دخيل واحتلال نازي متطرف في العدوانية من سماته منذ التأسيس الإسراف في الجرائم بكل أنواعها من الإبادة إلى التنكيل المعنوي بحق الشعب الفلسطيني الواقع تحت سواطير الاحتلال السادية. وأنه لم يتم زرعه في المنطقة ليكون دولة طبيعية مؤطرة بحدود جغرافية محددة ولا كيان استعماري وكيل مسير بموجهات ومصالح للقوى الدولية التي مكنته من بسط احتلاله على أرض غيره و توفر له الحماية وإن تصنع المجاراة في مرحلة ما فهو كيان دموي توسعي مسخ غادر استغلالي متآمر مهووس معتل نفسيا وأخلاقيا بلا ضوابط أو قيم أو حدود ترسم شخصيته وهوية تعايشه مع الآخرين ككيان سياسي. تأسست أركانه على عقيدة تطرف تقوم على خرافات عنصرية تحصر امتياز الحق والآهلية في امتلاك الحياة لهم كيهود وتجريد ما عداهم من المجتمع البشري وتنفي عنهم الهوية الإنسانية وتشرعن بنزعة إجرامية تعتنق القداسة والتربص بالجميع لمصادرة الحق في المصير والحياة والاستباحة لدماء الشعوب والأمم في سبيل إعادة هيكلة الأوزان الجغرافية والبشرية وجعلها تعيش في بيئة متناحرة تمزق الأوطان وتحول الشعوب إلى أقليات متناحرة تحت حكم عصابات وجلادين مهمتهم إخضاع مجتمعاتهم بالأزمات والفتن والقهر والإذلال والحروب والفتن ، لقواعد احتكار السيطرة والهيمنة الصهيونية مقابل وهم الدعم والحماية والمساعدات الإغاثية بفضلات موائد السادة الصهاينة كما يحصل في سوريا النموذج المصغر لمستقبل شعوب ودول العالم العربي والإسلامي على أقل تقدير ولا ضمانة أن لا يمتد هذا النموذج كمشروع موجه صهيونيا للشرق والغرب أو ما تبقى منه بعد هرمجدون ثالثة إن سقط قلب العالم بيد الصهيوني . فالكل عربيا وإسلاميا وأمم شرقية وغربية مصنف في قائمة الرؤس المطلوبة كتهديد وعوائق كمية يجب إزاحتها وتمزيقها بالفوضى والحروب المدمرة سواء كانوا خصوما أو حلفاء للصهيوني مع فارق أنه لا يرى أحدا حليفا له بل قرابين ووسيلة وجسر عبور تم تطويعها وإخضاعها بابتزاز المؤامرات والدسائس والأزمات ، بعد الاستغناء عن خدماتها تتحول إلى بؤرة تهديد مستقبلي لتقويض استقرار وأمن واحتكار سيطرة كيان خرافة مملكة الرب الإقليمية في منطقة تمثل قلب العالم. كما أن تلك الدول والشعوب الأمم بغض النظر كانت قريبة أو بعيدة هي من حيث المبدأ في منظور الأفعى الصهيونية وإن كانت طيعة إلا أن امتلاكها ثقلا جغرافيا وبشريا واستقرارا سياسيا يجعلها تشكل مصدر تهديد مستقبلي وبقاءها عائق كمي ، ولن يرى تحقق الأمان له إلا بهيكلة أوزانها الجغرافية والبشرية والبيئة القابلة للحياة ، بالاستثمار في الأزمات والصراعات وصناعة الفوضى والمؤامرات وصفقات الابتزاز مع الجميع ضد الكل وهندسة فرص إشعال الحروب وإطلاق العنان لهرمجدون نووية ثالثة تبيد شعوب وأمم وحضارات لإزاحة الكبار ببعضهم وتعبيد طريق تمكين الحق المقدس لخرافات مملكة الرب من السيادة الإقليمية والعالمية. حبكات النشأة والتأسيس والتمكين الصهيوني في هذا السياق تبرز أهمية الإشارة إلى ملمح من كتاب الفيلسوف اليهودي موزس هيس “روما والقدس” صدر عام 1862 ، الذي يرى ضرورة قيام دولة لليهود في فلسطين ، وهذه الدولة يكون لها امتياز جيوسياسي بحيث تكون نقطة التقاطع والالتقاء بين القارات الثلاث للتحكم في خطوط التجارة ويرى طبعاً لتحقيق هذا الامتياز تنفيذ عدد من المشاريع اللوجستية . في حال تحققت وفق الطموح الاستباقي لافكار “موزس هيس” سيكون لإسرائيل قوة الجذب ونقطة الارتكاز والربط بين القارات الثلاث على حساب دول أخرى مؤهلة أكثر للعب هذا الدور لاعتبارات عدة . أولا : حبكة مائة عام (تأسيس وتثبيت أقدام) لقد اتبع مهندس الأطماع الصهيونية تكتيك الحبكات لإنجاز مهمة البسط على موطئ قدم في فلسطين عبر الاستثمار الفوضى والأزمات والحروب لهندسة حبكات ابتزاز صناع القرار والأنظمة المأزومة والمستمسكات لتفكيك الهياكل وخارطة التوازنات التقليدية في الغرب التي تمسكت بعقيدة أولوية مصالحها في الحسابات الاستراتيجية يعزز ذلك إرث كبريائها التأريخي والديني الذي جعلها تشكل عائق لمخططات الصهيوني الذي بدوره كان المستفيد الأكبر من إعادة هيكلة أوروبا بالحديد والنار في العالمية الأولى التي أخضع بريطانيا للوعد بتوجيه جهدها الاستعماري في الوطن العربي لتمكين الصهيوني من بسط احتلاله على موطئ قدم في فلسطين بمباركة أوروبية ولكن ظلت أوروبا المسحوقة ما بعد هرمجدون الأولى وبالرغم خضوعها بتسليم مفاتيح مكان يشكل أقدس أقداس المسيحيين لليهود إلا أن الأفعى الصهيونية واجهت معظلتين استراتيجيتين تهدد بفشل مسار التأسيس: الأولى رفض النخب الأوروبية الجديدة لسيطرة اليهود على مدينة القدس وإقامة دولة يهودية ، وتبنت سياسة وتوجه حصر اليهود في مساحة محددة في فلسطين ، وسياسة تقييد تدفق هجرة اليهود إلى فلسطين. الثانية : رفض معظم المجتمعات اليهودية ترك الدول التي ينتموا إليها ومصالحهم مرتبطها بها ، والهجرة إلى مكان مجهول ساحة حرب وصراعات ورغم محدودية مسار نقل اليهود لغزو فلسطين تحت مسمى الهجرة إلا أنها فقدت الزخم في سنواتها الأولى مما هدد المشروع الصهيوني بانتكاسة تقضي عليه . ولذلك كانت مصلحة الأفعى الصهيونية من الاستثمار الأزمات والحروب وتهييج ذاكرة العاطفة الأوروبية التي لا تكن مودة لليهود بدوافع دينية متطرفة في الكراهية وإرث التجارب المريرة معهم من فساد ومؤامرات والاستغلال الأناني ، وتوظيف ذلك لشن حملات قمع وتنكيل وإرهاب تستهدفهم في أوروبا باكملها وليس في المانيا فقط ، لاجبارهم على الهجرة القسرية وتعبئة الاطماع والاحتلال الصهيوني في فلسطين. كما كانت الأفعى الصهيونية هي المستفيدة من هرمجدون الثانية الدموية التي سحقت الشعوب الأوروبية وقضت بشكل جذري على الهوية السياسية والدينية والتاريخية لأوروبا والقضاء بشكل نهائي على ما تبقى من إرثها وهياكلها ونخبها التقليدية.. الذي بدوره حقق للأفعى الصهيونية مصلحة إسقاط قيود الهجرة وتفكيك الموقف الأوروبي الرافض لاستحوذ اليهود الصهاينة على فلسطين بمقدساتها المسيحية ، وحصر وجودهم في مساحة محدودة. حيث كان أهم مخرجات هرمجدون الثانية هو إعلان الكيان الصهيونية دولة على فلسطين بلا حدود، والاعتراف به بمنطق خرافة الحق المقدس لشعب الله المختار على أرض الميعاد ، وتوفرت بيئة قاهرة صنعت زخم لتدفق اليهود طوعا وكرها لتعبئة كيان الاحتلال. كما تم إعادة تشكيل أوروبا جديدة بهياكل وهوية رخويات تحت رحمة الابتزاز الصهيوني باستحقاقات الهزيمة والدمار وسياط الهولوكست التي تم توظيفها كعقيدة مقدسة للحرب تسلقت على ظهر الطرف المنتصر لفرض الأطماع والهيمنة الصهيونية المذلة على الشعوب والنخب الغربية في كل مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والكنسية والعسكرية والأمنية والاستراتيجية وإلى اليوم رغم تضعضع القبضة الصهيونية مع تقادم الزمن وانكشاف الأوراق وردة الفعل الغريزية الأوروبية من جورالإذلال والإهانة والحالة الغير طبيعية باستحواذ واحتكار عصابات ظلامية وعنصرية على القرار والمصالح وامتيازات القداسة فوق نقد الآخرين. ثانيا : حبكة تثبيت موطئ قدم ما بعد إعلان الكيان دولة بعد أن أصبح للأفعى الصهيونية رأس معروف اسمه، وإن كان هيكل إدارة تنظيمية داخلي لإدارة شؤون مجتمع الاحتلال ومعسكر لتعبئة استراتيجية الحروب العسكرية والأمنية ، وموطئ قدم يشكل سلة لقطف ثمار الحبكات الاستراتيجية ومنطلق التوسع جغرافيا في مرحلة معينة لإقامة خرافة مملكة الرب أكثر من كون مركز صناعة إدارة الحبكات الكبرى. اعتمدت تكتيك ثبيت موطئ القدم عبر سياسة التخادم المباشر عبر الواجهة الأمريكية والغربية مع الأنظمة العربية المتواطئة لتنفيذ نهج الاحتواء للإرادة العربية والفلسطينية بالقمع والمؤامرات وهندسة الأزمات وإغراق الدول العربية بالفوضى والتناحر وصناعة بيئة غير مستقرة تغرق شعوبنا في الفقر والجهل والصراعات ودوامة الكراهية الطائفية والحزبية والقبلية مقابل دعم بقاء العروش والحكام واستقرار هياكل دول وجغرافيا سياسية عربية متواطئة رغم أنها تشكل أثقال إقليمية وازنة تمتلك عناصر القيادة والاقتدار والريادة العربية إذا صعدت فيها نخب حاكمة وطنية طامحة وإرادة وعزيمة واستقلالية. ومن واقع إدراك الأفعى الصهيونية أن وليدها المسخ المسمى إسرائيل غير جاهز للانتقال للتمكين من الهيمنة والسيطرة الإقليمية المباشرة ، والاستغناء عن الأطراف العربية والغربية التقليدية معا التي كانت تقدم خدماتها كطرف ثالث. فإن هذا ما فرض عليها اتباع تكتيك مؤقت يقوم على الاحتواء والتخادم ودعم بقاء العروش والأنظمة المتواطئة كمصلحة لبقاء الكيان الصهيوني خوفا من صعود بديل يفعل الطاقات والمقدرات الوطنية والعربية والقدرات والدور الجيوسياسي لخدمة إرادة وتطلعات وقضايا الشعوب العربية. ومع ذلك كانت الأفعى الصهيونية متطرفة عبر رافعة النفوذ الغربي في نهج إخضاع وابتزاز وتطويع وتقييد تلك الأنظمة وفرض قواعد البقاء في مستوى عدم امتلاك عوامل الاستقلالية والاعتماد الذاتي وإبقائها في وضع الاحتياج الدائم للحماية مطوقة بمحيط مشتعل بالعداوة ظهرها مكشوف لجوار مضطرب بالأزمات والفوضى والتأمر على أي مشروع أو إرادة للنهوض ، والحفاظ على استدامة بيئة ملتهبة تغرق الشعوب العربية في مستنقع المعاناة واليأس والاحباط، التي حرص مهندس أفعى الغرب الصهيوني أن تحمل بصمة تلك الأنظمة والعروش. كما اعتمدت الأفعى الصهيونية خلال فترة تثبيت موطئ قدم تشكيل واجهة وتركيبة سياسية داخلية وخارجية للكيان تتخذ صورة مدنية يسارية حداثية تقارب الأحداث بحسابات الحساسية الداخلية لمجتمع الاحتلال الوافد من لفيف الأمم للاحتلال المجاني لأرض غيرهم والذي لن يبقى في فلسطين إن تغيرت القاعدة وأصبح الاحتلال بثمن يهدد أرواحهم والعيش في معاناة والخوف. ثالثا : حبكة تمكين الأطماع الصهيونية إقليميا هذه المرحلة بدأها الصهيوني بإعادة هيكلة الحسابات والتوازنات الداخلية للكيان وإنتاج نخب وهياكل متطرفة تتجاوزعائق المخاوف والحساسية الحسابية تجاه تبعات الانخراط بشكل مباشر في إشعال المنطقة بالحروب الإقليمية التي ستفتح أبواب الجحيم على مجتمع الاحتلال ، لأن المرحلة تقتضي إنتاج نخب متطرفة ومتعصبة في مهمة انتحارية. بالتوازي مع هندسة حبكة صفقات الابتزاز والمقايضات بوعود الوهم للانتقال إلى مرحلة التوسع والسيطرة الإقليمية بشكل متدرج يبدأ بربط موارد وثروات المنطقة وكنترول الوصل بين المنطقة والغرب والشرق بيد الصهيوني بشكل مباشر وإقامة تحالف عسكري إقليمي يقدم القرابين في مذبح خرافات يهوذا للتخلص من الواقع المقاوم المتعاظم الذي يحاصر الكيان بحقائق الزوال من خلال جر وقودا لحروبه بسياسة الابتزاز المذل والمهين وفي المقدمة أمريكا المفخخة بأزمات الدمار الذاتي في لحظة قاتلة لا تراعي حسابات مصير رأسها المطلوب للجميع. وأيضا الأنظمة والعروش العربية والإقليمية المتواطئة المتوهمة أن الصهيوني مايزال يتبع نهج التخادم ودعم بقاء العروش والأنظمة المنبطحة كاحتياج لبقاء كيانه، وأن الانتقال إلى التعامل المباشر معه سيحقق الأحلام الوردية بالشراكة في حلم الصهيوني بالعالمية ، ويضمن بقاء عروشهم ويمنح أمراء الحماقة والتفاهة تذاكر التتويج لتعويض المشاريع الفاشلة والغبية التي استنزفت ممالكهم في حفلة استعراض غبية تغطي على ورطة حماقة الحروب الظالمة التي أغرقتهم في رمال متحركة وطوفان من العداء يهدد باجتياح مدن الزجاج والنفط ويكشف ظهرها للابتزاز المذل لرأسها ورأس أميرها المطلوبين للجميع من الشقيق الحليف الجار إلى عواصم الشرق القلق بفاتورة تاريخية مريرية تجاه أنظمة فاقدة للاستقلالية لا يتوفر في مواقفها أدنى الثقة ، إلى الغرب بيساره الذي يرى في بقاءه تهديدا رئيسيا للديمقراطية الغربية بالاصطفاف الترمبي ومهما قدم نموذج للانحطاط والتفاهة فلن يغير النظرة إليه كتهديد يجب تحييده ، وكذلك يمين الغرب الذي لا يرى في مملكته سوى بقرة حلوب تجاوزت حاجتهم لها من الحلب إلى الذبح قربان للصهيوني قبل تمزيقها كثقل جغرافي ومعنوي وجيوسياسي يشكل تهديد مستقبلي للزعامة الصهيونية إقليميا. مسارات تنفيذ الحبكات الصهيونية قبل السابع من أكتوبر من أجل إستخلاص مسار الأحداث التي كانت مرسومة للشعب الفلسطيني وشعوبنا والمنطقة ، ومستقبل الصراعات الدولية بواقعية يتوجب علينا العودة إلى استقراء محطة الأحداث في الفترة ما قبل السابع من أكتوبر. حيث كانت المنطقة في إحدى اتجاهاتها تعيش مخاض ولادة صامته لمشروع يمهد لتوظيف اللحظة الأخيرة من الأفول الأمريكي لتمكين الكيان الصهيوني إقليميا و توريثه التركة الأمنية والجيوسياسية الأمريكية وإنشاء تحالف إقليمي لتصفية الوجود الفلسطيني قضية وشعبا، في خضم تصعيد إقليمي وصولا لتربع الكيان الصهيوني على عرش الزعامة الإقليمية بقواعد سيطرة مباشرة أمنيا وعسكريا واقتصاديا. لقد أخذت التحضيرات تحرك متسارع وصلت مرحلة اللمسات الأخيرة على أربعة مسارات ثلاثة منها مسارات تحضير وإعداد عسكري واقتصادي وسياسي ومسار تسويات مراوحة إقليمية وتهدئة مع اليمن لا سلام ولا تصعيد. مسارات التطبيع والتصعيد الصهيوني الإقليمي قبل السابع من أكتوبر شهدت المنطقة تحركات على مسار التصعيد الإقليمي الذي وصل نهاية ٢٠٢٣ إلى مرحلة وضع اللمسات الأخيرة لإعلان التطبيع السعودي مع الاحتلال الصهيوني ، والإعلان على مشروع الربط الاقتصادي بالكيان واستكمال هيكل الناتو الصهيوني الذي كان من المفترض أن يضم جيوش دول الخليج ومصر والأردن والمغرب ، ولم يتبقى إلا تحديد ساعة الصفر التي من الغير المستبعد وفق ظروف العدو الصهيوني أنها ستكون مطلع العام ٢٠٢٤ أو العام القادم، لإشعال المنطقة بالعدوان على إيران وسوريا ولبنان والاستفراد بالشعب الفلسطيني في الضفة وغزة والقدس والأراضي المحتلة بحملات إبادة وتهجير شامل ، بذريعة محاربة الإرهاب وبمشاركة مباشرة من دول الناتو الصهيوني في ظل لحظة إقليمية ودولية مجنونة تعتم على ما يتعرض له الشعب الفلسطيني. غايات التطبيع والتصعيد الصهيوني الإقليمي من الواضح أن مهندس التطبيع والتصعيد الصهيوني كان يسعى إلى ثلاثة غايات أكبر من التخلص من خصوم الكيان ، ويريد تحقيقها من خلال مسارات متعددة تتقاطع في لحظة مجنونة مع مخاطر كارثية على الجميع : الأولى : أن يتجاوز هدف القطار الهندي في الخليج مهمتة التطبيع إلى ربط أهم مقدرات وثروات الخليج الأغنى في المنطقة إلى مركز تحكم وسيطرة مباشرة بيد الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة والضفة الأخرى الإمارات التي لم يعد خافيا أنها ليست إلا إمارات ملحقة تحت الاحتلال الصهيوني الكامل بصورة أو بأخرى. كما يمتد الهدف إلى التحكم بأهم أوراق الهيمنة والنفوذ الجيوسياسي على الصعيد الدولي عبر امتلك السيطرة والتحكم بإمدادات الطاقة وحركة المصالح الاقتصادية والملاحية في منطقة تشكل قلب العالم ومنطقة وصل جغرافيا بين الغرب والشرق وهذا بدوره يمنحها القدرة على التأثير المباشر على الأحداث الدولية ولعبة الاصطفافات والابتزاز التي توفر فرص تمرير صفقات ومقايضات تعطل أي دور أو تداخلات من القوى المتصارعة دوليا في المنطقة وتمنع أي تأثير قد يربك أو يفشل برنامج الهيكلة الجغرافية والسياسية لدول المنطقة أو يهدد تفردها بالهيمنة الإقليمية. الثانية: تشكيل حلف ناتو صهيوخليجي بعقيدة أمن الكيان ليس فقط لاستخدامه متراس متقدم للتصعيد ضد الخصوم بل لتشيكل نظام إقليمي عسكري يمنح الكيان السيطرة الكاملة والمباشرة أمنيا وسياسيا تكون القواعد الأمريكية كأرث أمني ملحق الكيان الصهيوني كونه الوارث بشرعية قوانين الكونغرس الأمريكي لتكون محور ارتكاز تلك السيطرة والتحكم الصهيوني وعنصر ضمان تسليم الجميع بقواعد ومحددات أمن وهيمنة الصهاينة اقليميا الثالثة: التخلص من الخصوم وإعادة هيكلة مصادر التهديد والمنافسة الإقليمية لتأمين موطئ قدم إقليمية في أهم منطقة حاكمة جيوسياسيا في قلب العالم تتمتع فيها بالسيطرة المطلقة عليها لتوطين مراكز الثقل المالي والاستثماري في الشتات الدولي ، تمهيدا للانتقال إلى التمكين للعالمية في لحظة دولية محتقنة بشكل مثالي لمن يريد إزاحة القوى والطموحات الدولية ، ولا تحتاج فيها إلا للتأثير بنفوذها المتعاظم على زناد طرف دولي وأن يكون الطرف الآخر مضطر للدفاع عن نفسه لضرب الكبار ببعضهم. تقدير موقف ومستقبل اللحظة الإقليمية والدولية التاريخية يشكل هدف تصفية القضية الفلسطينية والمقاومة الجوهر الرئيسي الأول والذي يقتضي تفكيك معادلة المقاومة وتحييد قوى المحور ضمن مرحلة أولى تقتضي تمكين طموحات الخرافة الصهيونية إقليميا. يلي ذلك كمتلازمات متوالية مرحلة تأمين وثبيت التفرد بالهيمنة التي تضع على رأس سلم أولوياتها الرئيسية تحريك مسارات تفكيك الدول الإقليمية ( تركيا مصر والسعودية ) والتي بعد تقديمها قربان لطموحات الخرافة الصهيوني في المنطقة وانتهاء دورها بعد التخلص من الخصوم تنتهي الحاجة إليها ، كون تلك الدول تمتلك مقدرات ديمغرافية وثروات تمنحها القدرة على النهوض بالموقف والمشروع ويعزز حضوضها فرص الالتفاف والدعم العربي والإسلامي كخيار وحيد في منافسة أو مناهضة لزعامة الصهيونية . وفي هذا السياق وعلى سبيل المثال فإن الوضع في مصر يرقص على حافة انفجار حقل الأزمات الداخلية والخارجية إيذانا بساعة صفر إغراقها بالفوضى والصراعات العسكرية لتمزيقها بسكاكين طائفية وحزبية وسياسية وعسكرية وأقل تلك التهديدات جيوب الإخوانية المحتقنة. وبشكل عام يمكن القول إن اللحظة التي تمر بها المنطقة ويعيشها العالم من أشد اللحظات حساسية وخطورة أبسط خطاء في تقدير موقف أحد أطراف الصراع، سيترتب عليه تقرير مصير لا يقتصر على مصير شعب أو منطقة بل تقرير مصير الحضارة الإنسانية وربما الوجود البشري بأسره .. والأمر مرهون بسياسات الحكومات الغربية وبالذات الغرب الأطلسي كونه الطرف الذي بيده مبادرة التصعيد أما الطرف الآخر في المنطقة أو الشرق فوضعهم محاصر في زاوية المضطر للدفاع عن وجوده المهدد بالتفكك والتدمير ولا خيار آخر بيده إلا الاستجابة للتصعيد. فإما ينضج الغرب بمواكبة قواعد وسنن التغيير من أجل منح الحياة فرصة لاستمرارها ومواصلة بناء الحضارة وترك أبواب حرية وحق التقييم وتمكين الإصلاح والتصويب لما اعتراها من انحرافات مفتوحة أمام الأجيال البشرية. أو تقود سياسة الغرب المتغطرسة و لمأزومة بهوس الطموحات الأنانية المنقادة بالابتزاز إلى مسار إسدال الستار على الوجود البشري والجميع اليوم أمام مسارين لا ثالث لهما: المسار الأول: تصعيد يبدأ في المنطقة وستكون نهايته أحد السيناريوهين التاليين وفق الحسابات النظرية: السيناريو الأول: تفكيك دول وقوى المقاومة في المنطقة وتشكيل نظام إقليمي عسكري عبر تحالف ناتو من الكيان ومحور التطبيع عقيدته أمن الكيان الذي يعني تمكينه من التفرد بالزعامة الإقليمية وسيطرة مركزية وبدوره ستكون أولوياته كالتالي : المرحلة الأولى : تتركز بإعادة التموضع الجيوسياسي للمنطقة من الصراعات الدولية وسيكون الحياد الدولي مقابل التسليم بتفرد الكيان بالمنطقة ومنع أي تدخل غربي أو شرقي قد يعيق تأمين سيطرته التي تقتضي جملة من التشطيبات والهيكلة للنظم السياسية خاصة مشيخات الخليجي أو الحكومات الطامحة في الدول الصغيرة ع وزن قطر ، بالتوازي مع هيكلة الجغرافيا السياسية كأولوية حساسية لا تقبل الترحيل في ظرف ملائم يتعلق بتأمين مصير هيمنة الكيان ع المنطقة والتي تقتضي تقسيم مصر وتركيا والسعودية وتطويق الجزائر كمصادر تهديد محتملة مستقبليا. المرحلة الثانية : الانتقال الى المرحلة الأخيرة في طموح الحق المقدس بالتفرد بالعالمية عبر توظيف أوراق نفوذه الجيومالية وجيواستخبارية والاختراقات السياسية العابرة للقارات والمتداخلة مع الجميع ضد الكل مضافا إليها الثقل الجيوسياسي الجديد لدفع الصراع الدولي نحو التصعيد والتصادم المباشر بين الشرق الغرب لإعادة هيكلة القوى الدولية نوويا وتحييدها بهرمجدون ثالثة التي سترسم شكل العالم وخارطة التوازنات والنتائج والمستفيد الوحيد معروف سلفا .. وفق الحسابات النظرية. او قد لا تتوفر مثل هذه الفرصه والوقت في ظل احداث متسارعة ستبتلع الجميع وتتدحرج الاحداث المتشابكة كحقل الغام الى حرب عالمية لن تبقي ولن تذر.. المسار الثاني :تعاون الجميع تفكيك واسقاط التطرف الصهيوني بالضربة القاضية لفتح مسار تسويات السلام الكامل ونزع فتيل الازمات و وقف النزيف و تنفيس الاحتقان والنزاعات بين الدول العربية والاسلامية ، بما يمكن من فتح صفحة جديدة بقواعد شفافة وصريحة تضمن الشراكة وفرص التنافس والريادة ومرجعيات وضمانات الامن والاستقرار ومعالجة الخلافات والالتزام باستحقاقات الحلول المنصفة .. بالتالي لهذا نتيجة واحدة فقط : تشكل نظام اقليمي عربي واسلامي شريك في صياغة مستقبل العالم و قوة فاعلة حضارية تمثل شوكة ميزان جيواقتصادي وسياسي وامني ضمان للاستقرار والسلام والتوازنات الدولية . و محرك دفع لا يمكن تجاهله في تثقيل مسار التسويات الكبيرة واعادة صياغة شكل المرجعيات وقواعد النظام الدولي التي تضمن الشراكة وفرص التنافس وصون الحقوق السيادية والحق الانساني عبر الاحتكام والتسليم من تلك القوى لمرجعيات القواعد القانونية ولا خيار اخر غير ذلك لتجنب العودة الى مسار الهاوية والتدهور سواء بالتدرج والقطيعة والانقسام والحروب الباردة او مباشرة نحو التصادم المباشر بين الكبار. مفاتيح تفكيك حبكات الأفعى الصهيونية ان مفاتيح تفكيك التهديد الوجودي في المنطقة والعالم التي تشكله الأفعى الصهيونية على الجميع ومنع الانزلاق إلى فوضى تفقد الجميع السيطرة على حساباتهم تكمن فيما يلي : -إنجاز محور المقاومة استحقاق التحرير للمنطقة وفلسطين من الهيمنة الغربية واجتثاث الكيان و تفكيك خطر خرافة الداعشية اليهودية وتسليم عنق منظومتها الصهيونية الظلامية للشعوب في الغرب والشرق التي تجرعت مرارة سمومها وانتهازيتها الأنانية الخبيثة. -بما قد يمنح الشعوب الغربية فرصة للصحوة واستعادة أوراقها وإعادة هيكلة خارطة المشهد الغربي سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وأمنيا في سبيل إنقاذ مصيرها ومنع انزلاق الصراع الدولي من الذهاب بالجميع الى هاوية سحيقة تهدد الحضارة الانسانية بالاندثار والوجود البشري بالانقراض.. وفقا للحسابات التاليه : - أن حقبة الهيمنة الغربية انتهت ومعها انتهى نظام عوالم الغابات والحدائق المحكوم بقانون مزاجية النخبة التي تمارس دور الرب ، التي جعلت من المجتمع البشرية حقول تجاربة لممارسة هواياتها المفضلة . ومن لوازم هذه الحقيقة الاستعداد للكسب المشروع فلا مجال لمواصلة سياسة شراء استقرار الحدائق المتحضرة مقابل الرفاه من دموع ودموع وثروات الشعوب والأمم الأخرى الثانية : أن المجتمع البشري دون استثناء أمام حقبة جديدة تتسع للجميع لا تقصي أحد، مرجعيتها قانون قوة التوازنات التي تفرض التعايش والشراكة والعدالة وتضمن الحقوق السيادية والانسانية وتكفل ديمومة المستوى اللائق من الاستقرار والسلام الدولي والمجتمعي ، وانتهاج سلوكيات وسياسات تعتمد الواقعية و الحكمة والاخلاق الحميدة و الاجتهاد في تقدم الأفضل والأجمل من واقع احتياج التنافس بما يعطي الحضارة زخم ايجابي يعزز فرص النجاح في مهمة مواصلة البناء الحضاري ماديا وقيميا، والوفاء بمتطلبات تصويب الاختلالات وتجاوز التحديات ومعالجة تركة المخاطر والتهديدات . - أن الحسابات الحربية الغربية تجاه المنطقة في الشرق الأوسط دخلت مربع ميت ومحسوم وأن أي تورط سيكون انتحار لا يمتلك أي فرصة مجدية لتحقيق أي تغيير بغض النظر عن محرك الدفع أكان بحماقة ذاتية أو جر تحت الابتزاز أبسط تداعياته تهدد مصير تماسك نظمها السياسية فيها هذا إن لم تفجر حقل ألغام جيوسياسية سوف يفتح أبواب الجحيم على البشرية . -ختاما: أن معركة غزة التي تباد جوعا ومحارق تحمل بُعدا استراتيجيا مصيريا فإن انتصرت غزة وانهزم الاحتلال ستذهب الأمور باتجاه الحلول العادلة والمنصفة إقليميا وتفتح مسار التسويات الدولية ، وتضمن مستقبل استقرار وازدهار المنطقة والعالم وإن لم تنتصر ستذهب المنطقة والعالم باتجاه هاوية الحروب المجنونة التي سفتتح أبواب الجحيم على العالم برمته.