ألفي قتيل في مجازر إبادة جماعية وتطهير عرقي .. الساحل السوري يكشف قناع الجولاني
انكشف قناع الشرع وحكومته المشكلة من الجماعات والفصائل وبدت سوءتهم التي حاول مواراتها واخفائها بلبس ثوب مدني جديد ورابطات عنق وبالحديث المنمق عن الحرية والعدالة والمساواة وبناء دولة النظام والقانون ..

انكشف ذلك القناع المزيف لتتضح حقيقة مرتديه بكل وضوح أمام العالم أجمع، بعقيدتهم الضالة ومنهجهم الدموي خلال ما حدث في الساحل السوري من مجازر إبادة جماعية وتطهير عرقي وجرائم حرب ضد الإنسانية ارتكبت بحق أهالي الساحل بذرائع واهية ومبررات غير منطقية.. فما حدث في الساحل السوري ليس قمع أو مواجهة تمرد ولا ملاحقة فلول نظام بائد كما يروج له الحكام السوريين الجدد وحلفائهم وأنصارهم والإعلام التابع والداعم لهم، بل هو إبادة جماعية وتطهير عرقي وجرائم حرب ضد الإنسانية، يتم ارتكابها وتنفيذها دون خشية من إدانة أو محاكمة أو محاسبة دولية أو خوف من اتخاذ إجراءات عقابية لردع المرتكبين والمسؤولين عن تلك المجازر، كونهم يتحركون وفق توجيهات وأجندات قوى الطغيان والاستكبار العالمي وبما يخدم مصالحها ويحقق أهدافها العدائية الاحتلالية التوسعية والتي تأتي أيضاً في إطار المشروع الصهيوني الكبير وركيزته تقسيم سوريا.. في التقرير التالي سنتناول الأحداث المأساوية والإبادة الجماعية التي شهدتها مناطق الساحل السوري ومن المستفيد منها وفي إطار اي مشروع تصب.. فإلى التفاصيل:
اليمن : خاص
المجازر الدموية وجرائم التطهير العرقي التي ارتكبتها وماارستها قوات الإدارة السورية الجديدة والفصائل المسلحة الموالية لها والتي تعزّزت صورتها في الساحل السوري موخراً، مؤكد أنها لا تخدم القيادة والحكومة السورية الجديدة، ولكنها بكل تأكيد تخدم كيان الاحتلال الصهيوني والدول الغربية الساعية للتدخل في الملف السوري، بذريعة ضمان أمن الأقليات، والذي يشكّل، في الأساس، ضماناً لأمن كيان الاحتلال وطبيعية وجوده قي الشرق الأوسط.
2000 قتيل
وفي السياق، وصف المرصد السوري لحقوق الإنسان ما جرى في الساحل السوري بأنها عمليات “إبادة جماعية ممنهجة” ضد العلويين، في ظل توثيق مقتل أكثر من 500 مدني على يد “قوات الأمن ومجموعات رديفة لها”.. مشيرا إلى مقتل أكثر من 1000 شخص بينهم مئات المدنيين العلويين. وكان المرصد أحصى أن أكثر من 700 مدني علوي قتلوا منذ الخميس الماضي، على يد قوات الأمن التابعة للإدارة السورية الجديدة ومجموعات رديفة لها.. مشيراً إلى “إعدامات على أسس طائفية أو مناطقية”.
وأورد المرصد في أحدث حصيلة أن “745 مدنيا علويا قتلوا في مناطق الساحل السوري وجبال اللاذقية من جانب قوات الأمن ومجموعات رديفة” منذ الخميس الماضي.
فيما أكدت مصادر إعلامية وكذلك مصادر محلية في الساحل السوري، أن الحصيلة الإجمالية لعدد القتلى بلغت أكثر من 2000 قتيلا.
إبادة طائفية
بعد سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر 2024، وتسلّم أحمد الشرع/ الجولاني السلطة الانتقالية في سوريا منذ ثلاثة أشهر، وتشكيله حكومة من نواة حكومته الجهادية في إدلب مع بعض التطعيمات من هيئة تحرير الشام والفصائل المسلحة الموالية له، وقيامه بحل مجلس الشعب والجيش وأجهزة الأمن وتسريح مئات آلاف الضباط والجنود السوريين، وتشكيل جيش جديد وأجهزة أمنية جديدة من أنصاره والفصائل المسلحة الموالية له، وجمعه لأنصاره وقادة الفصائل الموالية له لتعيينه رئيسا لمرحلة انتقالية تستمر 4 سنوات دون انتخابات ولا استفتاء.
وعلى الرغم من حلاوة لسان الشرع وكلامه عن التسامح والتنوع في سوريا وقيام دولة مؤسسات وقانون وتطبيق العدالة والمساواة وعدم الانتقام من أنصار النظام السابق وموظفي الدولة، ودعوته إلى مؤتمر حوار وطني، إلّا أن سلوك حكومته وقواته وأنصاره كانت تختلف جذريًا عن التصريحات الصحافية والخطب الرنانة الموجهة إلى الدول الغربية والعربية لنيل اعترافها بالنظام الجديد ورفع العقوبات عن سوريا.
فقد تم تسريح مئات آلاف من الموظفين معظمهم من العلويين والعلويات من دون تعويضات فأصبحوا بلا رواتب ولا وظائف، في ظل وضع اقتصادي سيء جدًا نتيجة تداعيات الحرب والعقوبات الأمريكية والغربية والأممية التي فُرضت على النظام البائد.
وتعرض الكثير من رجال ونساء العلويين خلال الأشهر الثلاثة الماضية لاعتداءات يومية من اعتقالات تعسفية وخطف وتصفيات وتعذيب وإهانات وإجبارهم على النباح وشتم ديانتهم، وطرد البعض من منازلهم وقراهم واحتلالها من قبل سكان موالين للسلطة فقط لأسباب طائفية. وكانت السلطة الجديدة تتنصل من مسؤوليتها وتقول إنها أحداث فردية من دون أن تقوم بوقفها ومحاسبة أحد من المسؤولين عنها.
وجاءت الدعوة لمؤتمر الحوار الوطني ولم يُمثَّل العلويون فيه، كما تم تجاهل تمثيل المكوّنات السورية في الحكومة أو التعيينات الحكومية، بحيث غلب تعيين أعضاء هيئة تحرير الشام وحلفائها في المناصب المهمة، وتوظيف القادمين من محافظة إدلب بشكل خاص وعناصر الفصائل المسلحة والموالين للإدارة السورية الجديدة بشكل عام في أجهزة الأمن والشرطة والجيش.
الأمر الذي أثار سخط وغضب الكثيرين في العديد من المناطق السورية، واعترض الكثير من الفصائل المعارضة على التهميش في التعيينات الحكومية والإدارية، وشعرت الأقليات -كالأكراد والدروز وحتى ثوار درعا الذين كانوا أول من دخل دمشق بعد سقوط نظام الأسد- بخطورة هذا التوجّه الإقصائي، فرفضوا الاندماج في جيش الشرع/ الجولاني وتسليم أسلحتهم ومناطقهم، فيما سلّم معظم العلويين أسلحتهم ومناطقهم منذ الأيام الأولى لسقوط النظام، في محاولة لتجنّب الصدام مع النظام الجديد واعترافًا به ورغبة بمصالحة وطنية تحفظ الوطن والشعب السوري بكل تكويناته وطوائفه واقلياته.
وقد صبر الكثيرون ومن ضمنهم العلويين على هذه الاعتداءات اليومية من عمليات الخطف والإهانات والتصفيات والاعتقالات لرجالهم وشيوخهم ونسائهم لمدة ثلاثة أشهر، وكان مجلسهم الديني وشيوخهم ووجهاؤهم يوجهون رسائل ودعوات إلى الشرع والحكومة ومسؤولي الأمن العام والشرطة والمحافظين الجدد لوقف هذه الانتهاكات الجسيمة، من دون أية استجابة سوى بالكلام الإعلامي المعسول عن أن النظام الجديد لن ينتقم من العلويين وأنه سيفرض حكم القانون وسيحاسب فقط المجرمين من مسؤولي النظام السابق أمام القضاء.
ونتيجة للانتهاكات المتواصلة والمتصاعدة خرجت مجموعات من الذين طالتهم الاعتداءات والانتهاكات والتعسفات والاقصاءات والسياسات العدائية التي مارستها الإدارة السورية الجديدة وقوات الأمن التابعة لها والفصائل المسلحة الرديفه.. وبدأت تلك المجموعات بمهاجمة نقاط تمركز وتواجد قوات هيئة تحرير الشام وقوات الأمن العام وقوات الجيش السوري الجديد وسيطرت تلك المجاميع على عدد من المناطق والقرى في محافظات الساحل ذات الأغلبية العلوية.
بينما سارعت حكومة الشرع والإعلام الموالي لها وبعض القنوات الداعمة لها أيضاً، مرة إلى اتهام إيران وحزب الله بتمويل هذه المجموعات وتحريضها على الانقلاب ضد حكم الشرع، ومرة باتهام الروس بالتآمر مع تلك المجاميع واستقبال بعضهم بعد فرارهم في قاعدة حميميم الروسية قرب اللاذقية، ومرة ثالثة باتهام قوات سوريا الديمقراطية (قسد) بتأمين إمداد لوجستي لتلك المجاميع.. لكن كثير من المتابعين والمراقبين والمحللين السياسيين يرون أن هذع الاتهامات غير منطقية، خاصة أن روسيا قد تخلت عن نظام الأسد عندما كان يسيطر وجيشه على معظم سوريا، فلماذا ستدعم مجموعات لا يتجاوز عددها المئات في وقت تجري مفاوضات مع حكومة الشرع من أجل تواجدها العسكري في قاعدتي طرطوس وحميميم واستمرار التعاون الاقتصادي والعسكري الثنائي. أما إيران فهي الأخرى خرجت وحزب الله وحلفاؤهما من سوريا من كافة المناطق التي كانت تحت سيطرتهم الكاملة دون قتال قبولًا بالتغيرات الجديدة، وبضمانات تركية وقطرية بحفظ المقامات الدينية الشيعية وعدم التعرض بالانتقام للأقليات الدينية. فإيران مشغولة بمواجهة الحملة الصهيونية الأميركية عليها وبالعقوبات الأميركية الجديدة لتصفير تصدير نفطها، بينما حزب الله مشغول في ترميم بنيته التنظيمية والعسكرية وتأمين التمويل لإعادة الإعمار في لبنان وفك الحصار المالي عنه، والإعداد لسبل مواجهة استمرار الاحتلال الصهيوني واعتداءاته اليومية، فماذا سيفيده تمرد مئات العسكريين السابقين وسيطرتهم على بعض القرى والمدن لساعات أو أيام؟
إلا أن خروج تلك المجاميع ومهاجمتها بضعة نقاط ومواقع تتمركز فيها قوات وفصائل تابعة وموالية للإدارة السورية الجديدة، لا يبرر المجازر الوحشية الواسعة التي طالت مدن وقرى الساحل من قبل قوات الأمن العام ووزارة الدفاع التابعة للإدارة السورية الجديدة بقيادة الشرع، وبينهم مقاتلون عرب وأجانب، حيث وصلت أعداد الضحايا إلى أكثر من 2000 قتيل معظمهم من المدنيين، رجالًا ونساء وأطفالًا وشيوخًا، ذنبهم الوحيد أنهم من العلويين.
واستمرت مجازر الإبادة منذ يوم الخميس حتى يوم الاثنين، ولم ترد حتى الآن حصيلة نهائية عن إعداد القتلى الذين سقطوا نتيجة تلك المجازر الدموية المروعة والوحشية، فيما هرب بعض أهالي البلدات والقرى في الساحل إلى الجبال والوديان في ظل البرد القارس ومن دون طعام ولا ماء ولا دواء، علهم ينجون من مجازر الإبادة الدينية الجماعية لقوات الجولاني التي لا تختلف عن الإبادة الصهيونية للفلسطينيين في قطاع غزة، إلّا من حيث الأسلوب والعدد؛ فإسرائيل كانت تقتل المدنيين بصواريخ طائراتها وقذائف دباباتها ومدفعيتها بمعدل 150-250 يوميًا، بينما تلك الجماعات المسلحة قتلت خلال يومين نحو ألفي مدني سوري وبعضهم يزعم ويفتخر أن العدد وصل إلى 9 آلاف علوي، تم قتلهم بالرشاشات والذبح بالسكاكين. وتم اقتحام وسرقة منازلهم وسياراتهم ومتاجرهم ثم أحرق الكثير من المنازل والمتاجر والمنازل.
ورغم انتشار صور ومشاهد القتل والذبح ومجازر الإبادة الجماعية بحق المدنيين في الساحل السوري على يد قوات الإدارة السورية الجديدة والفصائل المسلحة التابعة لها، قامت إدارة الشرع وأنصارها وإعلامها بتبرير تلك المجازر ضمنًا من خلال الحديث عن مطاردة فلول نظام الأسد وإفشال انقلابهم والوعد بتشكيل لجنة تحقيق في قتل المدنيين ومحاسبة المرتكبين للمجازر، بينما استمرت المجازر التي بدأت يوم الخميس حتى أمس الأول -الاثنين-، ولم يوقفها انتشار قوات الأمن والجيش في مناطق الساحل.
تصريحات مسؤولين صهاينة
وفي سياق متصل، شهدت الأيام الأخيرة تصريحات مثيرة لرئيس لجنة الأمن في الكنيست الإسرائيلي، بوآز بيسموت، بشأن سورية، حيث أكد أن كيان الاحتلال لن يسمح بظهور قوة عسكرية في سورية بعد سقوط بشار الأسد، وأن دمشق يجب أن تكون تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة.
لم تصدر عن كيان الاحتلال، أي تعليقات رسمية حول الأحداث الأخيرة في الساحل السوري، فيما اكتفت مصادر سياسية وعسكرية بالإشارة، في حديث إلى وسائل إعلام عبرية، إلى أنّها «تتابع بقلق التطورات داخل الأراضي السورية». إلا أنه كان لافتاً قول رئيس لجنة الأمن في الكنيست الإسرائيلي، بوعاز بيسموت، مساء، إن الكيان «لن يسمح بظهور قوة عسكرية في سوريا بعد سقوط بشار الأسد»، وإن دمشق يجب «أن تكون تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة»، «وتابعة لنا تماماً، على غرار الأردن، من دون قدرات عسكرية»، نظراً إلى أنها «جسرنا للوصول إلى الفرات». وبعد سوريا، زعم بيسموت أن إسرائيل ستصل «إلى العراق وكردستان مستقبلاً».
وإذ أصدر جيش الاحتلال تعليماته إلى القوات المنتشرة في سوريا وعلى حدودها بـ«زيادة حالة اليقظة»، بذريعة «تزايد الدعوات السورية إلى التدخل الإسرائيلي»، وفق ما زعم صناع السياسة في تل أبيب، فإنّ الوقائع تشير، في المقابل، إلى أنّ حالة «اليقظة» تلك تأتي تحسباً لهجمات محتملة قد تشنها جماعات أو فصائل مختلفة، «قد تستغل الوضع لإلحاق الضرر بإسرائيل». وفي هذا السياق، نُقل عن مصادر عسكرية قولها إنّ الجيش لا يزال يراقب الأوضاع «عن كثب»، فيما لم تؤثّر التطورات الأخيرة، حتى الآن، على «القوات الإسرائيلية العاملة» في سوريا.
من جهتها، لفتت صحيفة «هآرتس» العبرية إلى أن الأحداث الأخيرة في سوريا تكشف أنّ «البلاد تقف على حافة فوضى عارمة»، بعدما أصبحت «الطائفة العلوية، التي كانت العمود الفقري لنظام الأسد، هدفاً للانتقام، فيما يواجه النظام الجديد بقيادة أحمد الشرع تحديات كبيرة في السيطرة على الميليشيات المسلحة وإعادة الاستقرار إلى البلاد». وحذّرت الصحيفة من أنه «إذا لم يتم التعامل مع هذه التحديات بشكل فعّال، فإن سوريا قد تتجه نحو حرب أهلية جديدة، مشابهة لتلك التي شهدها العراق بعد الإطاحة بصدام حسين».
أمّا صحيفة «معاريف»، فاعتبرت أنّ «التطورات الأخيرة تشير إلى أن الطائفة العلوية تعيش واحدة من أقسى فترات تاريخها الحديث، عقب فقدانها كل أشكال الدعم السياسي والعسكري»، لافتةً إلى أنّ «ما يحدث حالياً من اضطهاد يعيد إلى الأذهان فترة حكم تنظيم (داعش) في السنوات السابقة، والتي تكررت فيها المجازر وعمليات القتل». وفي خضمّ «المخاوف الجدية من تكرار سيناريوات العنف الطائفي في أنحاء سوريا»، حذّرت الصحيفة من أنه «في حال لم يتم التدخل بشكل سريع لاحتواء الوضع، فقد يؤدي ذلك إلى تفكيك سوريا بشكل أكبر، وظهور أعمال انتقامية جديدة، وبالتالي تعميق الفوضى».
على أنّ هذه الفوضى قد لا تؤرق، بالضرورة، صنّاع السياسة في تل أبيب، ولا سيما أنّ إسرائيل ترى أنّ الأحداث الأخيرة قد تصبّ في مصلحة مشروعها الذي باشرت العمل عليه بوضوح، والقائم على تفتيت سوريا وتحويلها إلى دويلات - وإن لصالح اندلاع حرب أهلية شاملة -، تكون هي المسيطرة على إحداها جنوباً.
توغلات الاحتلال في الجنوب السوري
بالتوازي مع مجازر الإبادة الجماعية التي ارتكبتها قوات الإدارة السورية الجديدة والفصائل المرتبطة بها في مناطق الساحل السوري، بذريعة "ملاحقة فلول نظام الأسد"، يواصل العدو الصهيوني تحرّكاته على نحو مكثّف وتوغلاته بشكل مستمر في مناطق الجنوب السوري، بعدما اكتفت الإدارة السورية الجديدة بالصمت تجاه تلك التحركات والتوغلات الصهيونية جنوب سوريا، والتعبير عن التزام سوريا ب"ـاتفاقية فضّ الاشتباك" الموقّعة عام 1974، والتي اعتبرت "إسرائيل" أنها انتهت مع سقوط نظام الرئيس السابق، بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر الماضي.
ومذّاك، شنّت قوات الاحتلال الصهيوني عدواناً مكثّفاً، شمل حملة غارات جوية استهدفت القدرات العسكرية والدفاعية السورية على كامل مساحة الأراضي السورية، وكذلك توغلات برية إلى مناطق الجنوب السوري، وسط تحذير الإدارة الجديدة، سكان تلك المناطق، من أي رد فعل شعبي تجاه الاحتلال الصهيوني.
ويوم أمس الأول، تابع جيش العدو اقتحام قرى في الجنوب السوري، مثل مجدوليا، الواقعة في ريف القنيطرة الأوسط، والتي دخلتها قوة صهيونية وأنشأت فيها حاجزاً لتفتيش المارّة، بينما عمل جزء منها على أخذ استبيانات من السكان بشكل قسري حول تعداد سكان البيوت ومصادر دخلها.
كما اقتحمت قوة صهيونية أخرى، ليل السبت - الأحد، قرية رسم الحلبي في ريف القنيطرة، وقريتي جملة وصيصون، الواقعتين ضمن منطقة "حوض اليرموك" في ريف درعا الجنوبي الغربي، لتنفّذ عمليات تفتيش جديدة فيهما، علماً أن هذه الاقتحمات تتوازى مع عمليات مسح يومية للمنطقة الجنوبية من قبل الطيران المُسيّر الصهيوني.
وفي محاولة جديدة لاستثمار ملف الأقليات في سوريا، - بعد محاولة سلخ محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية، من خلال الإعلان الصهيوني عن تدخل "إسرائيل" لـ"حماية الدروز"، والدعوة إلى إقامة نظام فيدرالي في سوريا، وإخلاء الجنوب السوري من أي وجود عسكري.
وفي سياق متصل، دخلت الأقلية الشركسية في سوريا ضمن خارطة اهتمام "تل أبيب" بعد مذبحة الساحل السوري، إذ قال وزير الأمن في كيان الاحتلال، يسرائيل كاتس، إن الحكومة "الإسرائيلية" صادقت على "خطة مساعدة غير مسبوقة للمجتمعين الدرزي والشركسي في كيان "إسرائيل"، برئاسة رئيس الوزراء نتنياهو ووزير المالية سموتريتش".
ويأتي هذا بعدما قال كاتس، السبت الماضي، إن كيانه المغتصب لفلسطين سيعمل على إبقاء جنوب سوريا "خالياً من الأسلحة والتهديدات"، متعهّداً بـ"حماية السكان الدروز في المنطقة، ومن يمسّ بهم سيدفع الثمن"، وفق قوله.
وعلى هذه الخلفية، بدا واضحاً أن كيان الاحتلال يسعى إلى الاستفادة، قدر الإمكان، من تصاعد موجة العنف القائم على التطرف في الساحل، من خلال الاستثمار في ملف الأقليات والمخاطر المحتملة المحيطة بها، ليدفع بذلك نحو طرح تقسيم سوريا، والذي يلبّي أطماعه التوسعية.
ويأتي هذا بعد أيام من تقارير نشرتها صحيفة "وول ستريت جورنال" أشارت فيها إلى أن كيان الاحتلال يسعى إلى حشد دعم دولي لفكرة فدرلة سوريا، بالتزامن مع إعلانها عن تخصيص أكثر من مليار دولار لدعم الدروز في الجولان المحتل، وهي خطوة يُعتقد بأنها تهدف إلى تشجيع هذه الأقلية على إقناع الدروز السوريين بعدم الانضمام إلى الحكومة السورية الجديدة، وفقاً للصحيفة.
ضمان أمن كيان الاحتلال
وفي السياق، يرى مراقبون أن "تزايد جرائم التطهير العرقي، والتي تعزّزت صورتها في الساحل السوري أخيراً، يخدم كيان الاحتلال والدول الغربية الساعية للتدخل في الملف السوري، بذريعة ضمان أمن الأقليات، والذي يشكّل، في الأساس، ضماناً لأمن كيان الاحتلال وطبيعية وجوده قي الشرق الأوسط".
وترجّح المصادر أن "تُستخدم المجازر في سياق غاية التقسيم، بحيث توضع الأقليات أمام أحد احتمالين: إما القبول بالانتهاكات والخضوع لحكومة أحادية الرأي ومتطرفة، أو الذهاب نحو طلب حماية دولية ومن ثم المطالبة بإقرار الفدرلة لضمان أمنها"٠.
مشروع التقسيم الصهيوني لسوريا
ويواصل الاحتلال الصهيوني التوغل والتوسع في سوريا، ويقضم ويحتل الأراضي ويتجول بآلياته ودباباته في محافظات درعا والقنيطرة وصولا الى ريف دمشق. حيث يرى بأنه تهيئت أمامه فرصة ثمينة بعد سقوط النظام السوري السابق الذي كان حجر عثرة في وجه كل التحركات والمشاريع الصهيونية. ما ساعد كيان الاحتلال على تنفيذ هذه المشاريع والخطط والتحركات في سوريا.
وبالتأكيد أن صمت الإدارة السورية الجديدة التي لم تقم بأي شيء يذكر في مواجهة اعتداءات وتوغلات كيان الاحتلال، ما جعل هذا الأمر بمثابة فرصة من ذهب للاحتلال لينفذ اجنداته بتكثيف تحركاته وتوسيع توغلاته وتصعيد اعتداءاته والتي تاتي في إطار المشروع الصهيوني الكبير الذي يستهدف سوريا.
وفي هذا السياق، يمضي العدو الصهيوني قدماً في إطلاقه تصريحات واضحة تعني مباشرة الخطط التي يعمل عليها قادة كيان الاحتلال بخصوص سوريا، ومثال ذلك ما صرح به وزير خارجية الكيان جدعون ساعر بأنه لا بد من تحويل سوريا الى فيدراليات ودويلات يعني بكل وضوح "تقسيم سوريا".
فشل تلميع الإرهاب
لقد فشل حكم الشرع في أقل من 100 يوم في تلميع صورته، وهو الآتي من تنظيمي القاعدة وداعش، برغم انفصاله عنهما تدريجيًا، طمعًا بالسلطة والاعتراف الدولي. لكن ارتداء البدلة ورابطة العنق والحديث المنمق لوسائل الإعلام عن الحرية والعدالة والمساواة ودولة المؤسسات والقانون، لم تغير من عقيدته التكفيرية ونهجه الإرهابي الدموي.. وقد جاءت مجازر الإبادة الجماعية التي شهدتها مناطق الساحل السوري لتظهر حقيقة الإدارة السورية الجديدة بقيادة الشرع/ الجولاني.