السيناريوهات المحتملة للمستقبل السوري
في 27 نوفمبر 2024م ، بدأ متمردوا المعارضة السورية شن هجومهم على نظام بشار الأسد وبعد ثلاثة أيام، تم الاستيلاء على حلب، ثاني أكبر المدن في سوريا دون أي مقاومة تذكر..

د.علي الرحبي
وبعد الاستيلاء على حلب انتقل المتمردون إلى الجنوب للسيطرة على حمص التي ادعت حكومة الأسد أن الجيش صمد في الدفاع عنها ، لكنها سقطت بنفس سرعة سقوط حلب. ولم تتأكد حقيقة نشوب قتال عنيف بين الطرفين إلا خلال الهجوم على مدينة حماة الواقعة بين حلب وحمص ، وكان تقدم المتمردين من الجماعات الإرهابية والمعارضة السورية وجيش سوريا الحر أمرا مفاجئا وغير متوقع بالنسبة لمعظم المراقبين. والمفاجأة الأكبر كانت في الانهيار السريع للجيش الحكومي "الذي قدر الخبراء حجمه مع بداية عام 2024، بنحو 130 ألف فرد" والذي تخلى عن مهمة الدفاع عن نظام عائلة الأسد، الذي حكم البلاد 53 عاما ، وبحلول 8 ديسمبر2024م كان المتمردون قد سيطروا بالفعل على دمشق، وبذلك خسر الأسد السلطة وسقط نظامه دون أن يبدي جيش الحكومة السورية مقاومة تذكر.
في هذا التقرير نحاول تسليط الضوء على الأسباب التي أدت إلى سقوط نظام بشار الأسد وكذلك السيناريوهات المستقبلية المحتملة للجمهورية السورية .. إلى التفاصيل :
لا تحدث ثورات الشعوب والانقلابات العسكرية ضد الأنظمة الحاكمة إلا عند وجود أسباب ومشاكل عجزت تلك الأنظمة عن إصلاحها واستمرت في طغيانها وتسلطها على شعبها وغالباً ما تكون تلك الثورات والانقلابات مدعومة من قوى خارجية قدمت الدعم والمساعدة المالية والعسكرية والإعلامية لأنهاء ترى في بقاء هذا النظام أو ذاك تهديدا لوجودها ولمصالحها .
أسباب سقوط نظام بشار الأسد
وفقا لما سبق الإشارة إليه في الفقرة السابقة فقد تعددت الأسباب التي أدت إلى سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وأهمها ما يلي :
أسباب سياسية
يمكن تلخيص أبرز الأسباب السياسية التي أدت إلى سقوط نظام بشار الأسد فيما يلي :
-أن ذلك النظام أساء وعذب وقتل مئات الآلاف من السوريين الأبرياء وأصبح سقوطه عملا أساسيا من أعمال العدالة، وفرصة تاريخية لسوريا التي طالت معاناتها وتطلعاتها نحو لبناء مستقبل أفضل .
-الصراع "الروسي - الأمريكي" في سوريا والذي لخصه ترامب بقوله: لقد ذهب الأسد: فر من بلاده. ولم تعد روسيا، بقيادة فلاديمير بوتين، راعيته أو مهتمة بحمايته. في البداية لم يكن لدى روسيا أي سبب لوجودها هناك في سوريا.“لقد فقدوا كل اهتمامهم بسوريا بسبب أوكرانيا، حيث أصيب أو قُتل نحو 600 ألف جندي روسي في حرب لم يكن ينبغي أن تبدأ أبدًا ويمكن أن تستمر إلى الأبد .
- سياسة القمع التي مارسها الرئيس بشار الأسد الذي تولى الرئاسة بعد وفاة والده حافظ الأسد عام 2000م وحكمه للبلاد بوحشية لا سيما مع بدء الانتفاضة السلمية عام 2011" الربيع العربي" ، مما أدى إلى حرب أهلية مدمرة أسفرت عن مقتل أكثر من نصف مليون شخص وإجبار 6 مليون شخص على ترك منازلهم .
-رفض نظام الأسد منذ عام 2011 الانخراط في عملية سياسية ذات مصداقية وإصراره على التعامل القاسي والقمعي تجاه شعبه مثلما كان مصراً تماماً على محاولة توفير حياة أفضل ومستقبل أفضل للبلد حتى سئمه الشعب السوري.
-عدم التوصل إلى تسوية سياسية للصراع السوري منذ العام 2011م ورفض حكومة الأسد الحوار مع هيئة تحرير الشام والجيش الوطني السوري، وقوات سوريا الديمقراطية في شمال شرق البلاد وعجز حكومة الأسد عن بسط نفوذها على كامل الأراضي السورية والاكتفاء ب65% من مساحة سوريا .
-عدم قدرة الحكومة على تنفيذ الإصلاحات اللازمة ودمج القوى السياسية الأخرى في نظام الحكم وتشكيل حكومة ائتلاف وطني، واستمرار الخطاب القاسي تجاه قوى المعارضة السياسيين.
أسباب اقتصادية
لترك الوضع الاقتصادي في سوريا في السنوات الأخيرة الكثير مما هو غير مرغوب فيه. حيث دمرت البلاد بعد الحرب الأهلية. لكن المناطق التي كانت تحت سيطرة حكومة الأسد كانت أسوأ حالاً وكان من أبرز الأسباب الاقتصادية التي ساهمت في سقوط نظام بشار الأسد ما يلي:
1-العقوبات الاقتصادية الأمريكية وفي كانون الأول/ديسمبر 2019، وقع الرئيس الأمريكي ترامب ما يسمى بقانون قيصر ، وهي وثيقة فرضت عقوبات اقتصادية على أي هيئات حكومية أو أشخاص يتعاملون مع الحكومة السورية ، وأدت العقوبات الأميركية إلى إفقار الشعب السوري، وخاصة ضباط الجيش. وهناك تقارير تشير إلى أن الجنود لم يعودوا يتقاضون رواتبهم". وتفيد التقارير أيضًا أن الجنود الحكوميين يتلقون ما يقرب من 15 إلى 17 دولارًا شهريًا، وهو ما لا يكفي، وفقًا لمحاورين في الخدمة العربية لهيئة الإذاعة البريطانية، حتى لمدة ثلاثة أيام.
2-تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني في سوريا. وارتفاع التضخم والبطالة في البلاد، ومشاكل تتعلق بالأمن والغذاء وإمدادات الطاقة.
3-تمتعت النخبة السياسية العسكرية بامتيازات كبيرة لسنوات عديدة، بما في ذلك السيطرة على الأصول الاقتصادية - القانونية وشبه القانونية وحتى غير القانونية.
4-سيطرة العشيرة المرتبطة بالأسد على الصناعات والمؤسسات الأكثر ربحية.
أسباب اجتماعية
يعد الظلم وغياب العدالة الاجتماعية بين أبناء الشعب سببا رئيسا لقيام الانقلابات والثورات ضد الأنظمة الحاكمة، وهذا ما حصل في سوريا حيث تجسدت مظاهر غياب العدالة والدكتاتورية التي يمارسها النظام ضد أبناء الشعب وجنود الجيش والشرطة بشكل واضح وتعيش النخبة الحاكمة حياة الرفاهية وتسرق الأموال، فيما جنود الجيش والأمن والناس العاديين يزدادون فقراً أكثر فأكثر.
ونتيجة لذلك وبمجرد أن رأى أولئك الجنود أن النظام أضعف من أن يقاوم، غيروا موقفهم ولم يحموه من غضب أبناء عمومتهم وأصدقائهم الذين أطاحوا بالتماثيل من على قواعدها.
أسباب عسكرية
هناك عدد من الأسباب العسكرية التي ساهمت في سقوط نظام بشار الأسد يمكن تلخيص أبرزها فيما يلي :
- الاعتماد على الحلفاء
بعد هدنة عام 2020م، بين الحكومة الوطنية والجماعات المعارضة للنظام السوري التي تم بموجبها إجلاء المسلحين إلى منطقة إدلب، استقر الأسد على أمجاد، ولم تكن هناك إصلاحات سياسية ولا تحسن اقتصادي في البلاد. والجيش لم يتعزز في قدراته القتالية ولم يستعد لأي مواجهة. وكان يعتقد بشار الأسد بما أن روسيا وإيران أنقذته، فإن كل شيء سيكون على ما يرام، ولم تكن هناك حاجة إلى بذل جهد كبير".
- الفرار الجماعي لأفراد الجيش، والتدهور العام في مستويات المعيشة، والفساد الواسع النطاق، وانقطاع إمدادات الغذاء للأفراد العسكريين. كل هذا قوض ولاء الجيش للأسد - حتى بين العلويين، الذين، تم تعيينهم في مناصب قيادية .
- ضعف الروح المعنوية والقتالية :
وقد تجلى ذلك بوضوح في تراجع الجنود والضباط فجأة خلال معارك حلب وحماة وحمص، تاركين المعدات العسكرية والأسلحة على الطرق التي كانوا يتخلصون فيها من أسلحتهم ويغيرون ملابسهم المدنية.
- التبعية وغياب الخبرة العسكرية:
الرئيس بشار الأسد جاء إلى السلطة وهو يفتقر إلى التأهيل العسكري وفن القيادة العسكرية، ولذلك فقد أهمل أهمية جيشه، وتدهور مستوى التدريب العسكري بشكل كبير، وانعدمت الصفات القيادية للضباط، وعندما واجهت وحدات الجيش العربي السوري ما يسمى هيئة تحرير الشام، تراجع العديد من الضباط وفر بعضهم وذلك أمر غير مستغرب .
- استنزاف حلفاء سوريا :
فقدت طهران العديد من الضباط والمستشارين العسكريين بسبب الهجمات الإسرائيلية على سوريا، وكان الدعم المباشر واسع النطاق من إيران مستحيلاً بسبب الضوابط الأمريكية والإسرائيلية المستمرة على التحركات البرية والجوية. وكذلك حزب الله بعد أن حرمت إسرائيل التنظيم فعلياً من قيادته وعبرت الحدود اللبنانية، اضطر إلى سحب قواته من سوريا، وبالمثل ركزت روسيا على الحرب مع أوكرانيا وسحبت جزءًا كبيرًا من طيرانها من قواعدها على ساحل البحر الأبيض المتوسط.
- انهيار الجيش العربي السوري:
هناك جملة من الأسباب التي ساعدت في انهيار الجيش العربي السوري منها الاستهانة بنصائح الخبراء الروس في تطوير وتأهيل الجيش السوري وبناء قدراته الهجومية والدفاعية والخيانة في تسريب المعلومات من قبل ضباط وأفراد الجيش للعدو، والفساد الإداري والمالي في وحدات الجيش ، والاهتمام بالمنافع المادية من قبل قيادات الوحدات العسكرية في وضع نقاط التفتيش وفرض الجبايات على المواطنين وتربية الدواجن وزراعة بعض المحاصيل الزراعية ،كذلك إجراءات القمع وإنهاء الخدمة لقيادات عسكرية نتيجة بلاغات كيدية من قبل أجهزة المخابرات العسكرية والمدنية.
وبالمقابل تمكن تنظيم المتمردين من هيئة تحرير الشام والتشكيلات الموالية لتركيا في الجيش الوطني السوري من التوحد وإنشاء مركز قيادة مشترك خطط للعملية ولعب الخطاب الإعلامي للمتمردين أيضا دوراً مهماً في تنفيذ خطة إسقاط نظام الأسد .
السيناريوهات المحتملة للمستقبل السوري
يمكن مقارنة الوضع في سوريا بالوضع في العراق عام 2003، بعد أن أنهت القوات الأمريكية حكم صدام حسين. وسرعان ما تضاءل التفاؤل الأولي بشأن احتمالات التحول الديمقراطي السلمي، لأسباب ليس أقلها إن أعمال النهب اجتاحت العاصمة بغداد، وأدى تزايد عدم الاستقرار والعنف في النهاية إلى حرب أهلية طائفية وحشية ،وبالمثل بعد انهيار نظام الأسد، تجد سوريا نفسها منقسمة إلى ثلاث فصائل مهيمنة، لكل منها راع خارجي وأهدافه الخاصة، حيث تسيطر تركيا فعلياً على مساحة واسعة من الأراضي في شمال سوريا، ويقاتل جيشها القوات الكردية السورية. والآن، ومع انتصار حلفائها في المعارضة السورية، من المتوقع أن توسع تركيا نفوذها السياسي والعسكري في سوريا، مما يخلق المزيد من المشاكل للأقلية الكردية التي تقاتل من أجل الحكم الذاتي.
وبالمقابل أدى سقوط الأسد إلى تحسن الوضع الاستراتيجي لإسرائيل حيث أمر نيتنياهو خلال زيارة له إلى هضبة الجولان بالسيطرة على المنطقة العازلة والمواقع القريبة منها.
ووفقا لما نشرته وسائل الإعلام المختلفة فإن هناك احتمالات تطور متعددة للأوضاع في سوريا تتراوح بين احتمالات الحفاظ على وحدة الدولة السورية بطرق مختلفة، أو انهيارها الكامل وانقسامها.
وهناك اهتمام دولي واسع بمصير سوريا، نظرًا لموقعها الجيوسياسي وتداخل مصالح القوى الكبرى في أزمتها ولعل أبرز السيناريوهات التي يجمع عليها كثير من الساسة والمحليين السياسيين ما يلي :
السيناريو الأول:
-إقامة جمهورية ديمقراطية بدعم إقليمي ودولي من قوى كبرى مثل تركيا وروسيا والولايات المتحدة ودول أوروبية. تقوم على تحالف أحزاب المعارضة بمختلف توجهاتها وأيديولوجياتها ، وتقوم فكرة هذا السيناريو على أساس الحفاظ على وحدة الأراضي السورية وضمان الاستقرار، ومع ذلك، فإن تحقيق هذا السيناريو يتطلب توافقًا واسعًا بين الفصائل المعارضة المختلفة، بالإضافة إلى اتفاق دولي على خارطة طريق واضحة لإعادة بناء الدولة أي" مثل سيناريو جنوب أفريقيا، "ويعني ذلك التوصُّل إلى تسوية شاملة عبر المصالحة الوطنية، بدعم إقليمي ودولي، بما يسمح بانتقال هادئ للسلطة وإعادة بناء الدولة.
السيناريو الثاني:
-إعلان قيام "جمهورية سورية إسلامية" بقيادة هيئة تحرير الشام" جبهة النصرة "التي تم تصنيفها من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا جماعة إرهابية على غرار ما حدث في أفغانستان، ويبدو أن السيناريو الأكثر ترجيحاً هو انتقال تدريجي لأجزاء من البلاد إلى سيطرة هيئة تحرير الشام، ومن المرجح أن يتم تشكيل حكومة انتقالية تحاول تقديم بعض مظاهر العملية الانتخابية الشفافة وتشكيل حكم شامل ، وأن تسعى الحركة إلى خلق خطاب إيجابي: فبدلاً من نظام بشار الأسد، الذي رفض المفاوضات والإصلاحات السياسية والذي ظل يهيمن فيه أشخاص من مجموعة دينية محددة للغاية على هياكل السلطة، سيحاولون وضع أنفسهم كقوى راغبة في اتخاذ نهج أكثر شمولا، ومن غير المرجح أن توافق هيئة تحرير الشام على تقاسم السلطة بالتساوي مع القوى الأخرى. “على الأقل يمكن لممثلي الجماعات الصديقة مثل الجيش الوطني السوري، وكذلك بعض مسؤولي الأسد، دخول الحكومة الانتقالية. ربما ستجرى الانتخابات تحت إشراف هيئة تحرير الشام، وقد نرى قادة سياسيين جدد، بما في ذلك الجماعات الصديقة لهيئة تحرير الشام مثل الجيش الوطني السوري، ومن المحتمل نشوب صراع بين القادة الميدانيين لهيئة تحرير الشام وقيادتهم المركزية، التي أخذت على عاتقها بعض الالتزامات لتشكيل حكومة شاملة، هذا الخيار يشكل تهديدًا مباشرًا ليس فقط على سوريا، بل على الدول المجاورة أيضًا، حيث يمكن أن تتحول المنطقة إلى بؤرة فوضى جديدة تُفاقم التحديات الأمنية والسياسية الإقليمية. ، في هذا الاحتمال، تصبح إدارة البلاد تحت سيطرة التيار السلفي، الذي يتميز بعدم عدائه الأيديولوجي لإسرائيل والولايات المتحدة.
السيناريو الثالث:
دولة معادية للنفوذ مناهضة لإيران تحت تأثير إسرائيلي -أمريكي مباشر، ستكون هذه الدولة قائمة على مواجهة النفوذ الإيراني، وهدفها الأساسي محاصرة إيران ومنعها من دعم حلفائها في المنطقة، مثل "حزب الله" اللبناني ، وهذا الخيار قد يؤدي إلى تعزيز التوترات الطائفية في سوريا، وهو ما يمكن أن ينعكس سلبًا على أمن واستقرار المنطقة بأكملها. ونظراً للموقع الجغرافي، فإن ذلك سيمكن إسرائيل من عزل حزب الله من الشمال عن الدعم اللوجستي والعسكري من إيران ، ومع ذلك، لا يمكن استبعاد سيناريو الحرب الأهلية واسعة النطاق. وكل شيء سيعتمد على كيفية تعامل هيئة تحرير الشام مع مشكلة الأقليات العرقية والطائفية، ولا سيما سياستها تجاه العلويين والأكراد. إذا كان هناك قمع، فقد تندلع الأعمال العدائية النشطة بقوة متجددة. وبعبارة أخرى، تفاقم الحرب الأهلية سيؤدي إلى الانهيار الكامل لسوريا وتقسيمها السياسي إلى دويلات سنية وكردية ودرزية ونصيرية.
السيناريو الرابع:
ويتضمن إنشاء جمهورية سوريا الفيدرالية بما يشبه ما حدث في دول البلقان بعد انهيار جمهورية يوغوسلافيا. وبالتالي، سيتم بلقنة البلاد من خلال تقسيمها إلى "دويلات جيب" صغيرة، والتي ستتأثر بالسنة والأكراد والدروز والنصيرية. لا سيما وأن السيناريو المثالي بالنسبة للأكراد هو تحقيق الاستقلال السياسي والاقتصادي. إذا أظهرت السلطات السورية الجديدة الحكمة ووافقت على مثل هذه الشروط، فستكون هناك فرصة لدمج المحافظات الشمالية الشرقية سلمياً في سوريا الموحدة، إن إنشاء مثل هذه الدولة "المرقّعة" سوف يحظى بدعم إسرائيل في هذا السيناريو، ستكون سوريا تحت وصاية ورعاية الولايات المتحدة وعلى الرغم من أن تركيا لا تسيطر بشكل كامل على هيئة تحرير الشام، إلا أنها تستطيع توجيه تصرفاتها جزئياً. وأي محاولات من قبل الحركة لحل “القضية الكردية” ستأخذ في الاعتبار حتما موقف الجانب التركي الذي يعارض تقليديا الحكم الذاتي الكردي ما يعني أن البلاد ستشهد تقسيمًا إداريًا وسياسيًا، مع ضعف السلطة المركزية. هذا الخيار يثير مخاوف من عواقب طويلة الأمد، حيث يمكن أن يؤدي إلى صراعات داخلية مستمرة بين الدويلات المختلفة.
السيناريو الخامس:
الانقسام والتفكك الكامل أخطر السيناريوهات هو انهيار سوريا الكامل. في هذا السيناريو، تنزلق البلاد إلى حرب أهلية جديدة تؤدي إلى تفككها تمامًا كدولة موحدة من خلال اندلاع اشتباكات منتظمة بين مختلف الجماعات الإرهابية كما حدث في مدينة إدلب أو احتمال امتداد الصراع بين الإرهابيين الذي قد يغرق سوريا في الفوضى كما حدث في ليبيا . وإذا تطور الوضع وفق هذا السيناريو، فسوف تضيع سوريا لسنوات عديدة في الفوضى والتقسيم الجزء الأول" تحت الحماية التركية" سيوحد الشعوب السنية والمناطق الحدودية المتاخمة مباشرة للحدود التركية، والجزء الثاني" فسيكون تحت سيطرة إسرائيل، التي احتلت مرتفعات الجولان بالإضافة إلى المناطق القريبة من مرتفعات الجولان ". أما الجزء الثالث " فسيكون تحت سيطرة التشكيلات المسلحة التي تحرس حقول النفط ومنشآت البنية التحتية التي كانت في السابق تحت سيطرة شركة فاغنر PMC وقوة التدخل الروسية قد تؤدي التغييرات المفاجئة إلى فراغ خطير في السلطة في سوريا، وفي نهاية المطاف، إلى الفوضى والمزيد من العنف.ولكن بإمكان تركيا والولايات المتحدة التأثير على الجماعات الإرهابية والمعارضة وأبعاد هذا السيناريو وفقا لمصالحها.
الخلاصة:
يبدو مستقبل سوريا الجديدة غامضاً وغير مؤكد إلى حد كبير ونطاق تقييمات الخبراء فيما يتعلق بالسيناريوهات المحتملة لتطور الوضع في البلاد واسع للغاية حيث تتراوح الآراء بين حقيقة أن من الممكن استعادة الدولة السورية، وتوحيد السكان، والبدء في التحولات الاجتماعية والاقتصادية مع رفع القيود الاقتصادية، إلى توقعات مروعة تمامًا حول تحول الأراضي السورية إلى مجموعة من الكيانات العرقية والطائفية المتنوعة في ظل النظام السوري ، ولكن الأمل قائم في أن يسود المنطق السليم وأن تتمكن سوريا من الحفاظ على دولة علمانية، مثل لبنان أو العراق، حيث لا تزال الحكومات المركزية قائمة، رغم أنها ليست مستقرة بالقدر الكافي، مع الأخذ في الاعتبار مصالح الطوائف الرئيسية.