عسكريا ، وأمنيا .. اليمن العظيم بين مشهدين (26 مارس 2015 - 26 مارس 2024)

بالتزامن مع مشهد عدوان أمريكي صهيوني بريطاني يتعرض له الشعب الفلسطيني منذ ال 7 من أكتوبر 2023م ارتكب خلاله العدو ولا يزال أبشع جرائم ومجازر القتل والتدمير والتهجير والتجويع

طلال الشرعبي 

عسكريا ، وأمنيا .. اليمن العظيم بين مشهدين (26 مارس 2015 - 26 مارس 2024)

بحق  الشعب الفلسطيني .. يحتفل اليمن العظيم بالذكرى التاسعة لليوم الوطني للصمود في وجه العدوان والحصار الأمريكي السعودي ، الذي تعرض له وطننا وشعبنا اليمني ولا يزال منذ ال 26 من مارس 2015م .. ولا يقل بشاعة وإجراما عما يتعرض له الوطن والشعب والفلسطيني من عدوان إجرامي وحصار اقتصادي غاشم .. وبالنظر إلى طبيعة اللحظة التاريخية الراهنة تبرز على السطح الكثير من التحولات الفارقة والمتغيرات والمستجدات في وقائع وأحداث معركة صمود شعبنا اليمني العظيم في وجه ذلك العدوان السعودي الأمريكي الصهيوني البريطاني الإماراتي على كافة مستويات المواجهة والتي نحاول استعراض بعضها على سبيل الإيجاز لا التفصيل لا سيما على المستوى العسكري والأمني والاقتصادي من خلال المقارنة بين مشهدين وتاريخين هما تاريخ (26 مارس 2015م ) وهو تاريخ بدء العدوان السعودي الأمريكي وتاريخ (26 مارس 2024) وهو تاريخ احتفال شعبنا اليمني بالذكرى التاسعة لليوم الوطني للصمود في وجه العدوان والحصار الأمريكي السعودي .. تفاصيل في السياق التالي :

خلافا للعادة يأتي احتفال شعب اليمن العظيم باليوم الوطني التاسع للصمود في وجه العدوان والحصار الأمريكي السعودي هذا العام في ظل لحظة تاريخية مصيرية ومفصلية استطاع فيها النهوض من تحت ركام المعاناة ليكون أول المدافعين عن غزة وشرف الأمتين العربية والإسلامية وأحرار العالم وليكون ذلك الشعب القوي والصامد والمقاوم والرافض للغطرسة والهيمنة الأمريكية والمزلزل لهيبة وأسطورة التفوق والاستكبار العسكري الأمريكي الصهيوني بإعلان موقفه العسكري الداعم والمساند للشعب الفلسطيني ضد العدوان الصهيوني والأمريكي وفرضه حصارا بحريا على السفن الإسرائيلية والأميركية والبريطانية.. من خلال تنفيذ العديد من عمليات الاستهداف العسكرية النوعية لتلك السفن التي جعلت العالم يقف على قدم واحدة مندهشا أمام قوة اليمن وقدراته التي فاقت التوقعات.
بالنظر إلى ذلك تبرز أهمية المقارنة بين مشهدين هما مشهد ال 26 من مارس 2015م بما كان عليه اليمن وما أعلن عنه العدوان من مخططات في تلك اللحظة ، سواء على الصعيد المحلي أو المنطقة، ومشهد آخر هو مشهد ال 26 من مارس 2024م بما أصبح عليه اليمن العظيم وما أعلن عنه واتخذه من قرارات مواجهة للعدوان وحققه من انتصارات وأصبح يمتلكه من رصيد ثمار إنجازات صمود وقوة .
يكفي النظر إلى واقع المشهد الآني الذي يعيشه يمن الصمود في وجه العدوان على المستوى العسكري والأمني والاقتصادي وبالمقابل واقع المشهد الذي تعيشه دول تحالف العدوان السعودي الأمريكي وتعيشه فصائل ومكونات الارتزاق في المناطق المحتلة على صعيد الداخل اليمني مع عقد المقارنة البسيطة مع واقع المشهد الذي كان يعيشه الجميع لحظة الإعلان عن العدوان السعودي الأمريكي في ال 26 من مارس 2015م ..

عسكريا

في 26 مارس 2015م بدأ العدوان السعودي الأمريكي على اليمن، وخلال ساعات استباح كل الأجواء ولم يكن هناك أي قدرات عسكرية لردعه، دفاعات جوية خارج الخدمة رادارات وصواريخ معطلة وجيش منقسم ومفكك.
هنا تجدر أهمية الإشارة إلى أن تدمير أسلحة الدفاع الجوي اليمني كان قد تم خلال مرحلة التخطيط والإعداد والتحضير والتمهيد السعودي الأمريكي على مستوى المنطقة لشن العدوان على اليمن الذي كان جزءا من مخطط الشرق الأوسط الجديد وقد نقل مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية جون برينان عن محمد بن سلمان قوله عند بدء شن العدوان إنها مجرد أسابيع وسينتصر فيها في اليمن ثم سينتقل إلى الشمال، أي العراق، وربما سورية، ضمن الدور المرسوم لدول العدوان من قبل الولايات المتحدة في ذلك الحين لرسم وإعادة تشكيل خريطة المنطقة.

برعاية أمريكية
بعد شَهر من تفجير المدمرة كول (أكتوبر 2000)، وقعت الولايات المتحدة الأمريكية مع الحكومة اليمنية اتفاقاً فيما سمي بالتعاون في مجال "مكافحة الإرهاب".
أمسى ذلك الاتفاق بوابة التدخلات الأمريكية في اليمن التي وصلت إلى حد تفكيك وإتلاف أسلحة الدفاع الجوي، كان هدماً مقصوداً لمقومات الأمن الوطني قامت به الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أشرف نائب وزير الدفاع الأمريكي على تدمير 4500 صاروخ دفاع جوي.
في وقت لاحق كشفت الوثائق التي نشرتها دائرة التوجيه المعنوي في وزارة الدفاع اليمنية عن عمليات تدمير صواريخ متنوعة للدفاعات الجوية اليمنية بإشراف خبراء أمريكيين وحضور مسؤولة مكتب إزالة الأسلحة في وزارة الخارجية الأمريكية.

أضهرت الوثائق أن تدمير الصواريخ كان مؤامرة ممنهجة بخيانة من مسؤولي النظام آنذاك واستمرت على مراحل متتابعة امتدت على مدار عشرة أعوام، بدءً من مباشرة أمريكا في جمع وإتلاف الصواريخ في أغسطس 2004م، وحتى عمليات التدمير التي وثقت مقاطع الفيديو لحظات تنفيذها في 2014م.
وضع النظام السعودي ومن ورائه نظام واشنطن سقفا زمنيا للعدوان لا يتجاوز أسابيع .. قالوا إنهم دمروا 80% من ترسانة أنصار الله العسكرية التي أعلن قائدها وقائد الثورة والمسيرة القرآنية السيد العلم عبدالملك بدرالدين الحوثي - حفظه الله -  قرار الصمود والتصدي والمواجهة للعدوان السعودي الأمريكي منذ اللحظة الأولى لشن الغارات الجوية السعودية الأمريكية الإماراتية في ال 26 من مارس 2015م وعلى الرغم من طول أمد العدوان العسكري السعودي الإماراتي الأمريكي الذي يدخل عامه العاشر فقد طال بالمقابل أمد الصمود والثبات العسكري اليمني.

ثبات وصمود عسكري يمني
رغم الإحصائيات الكبيرة لعدد الغارات الجوية التي شنها طيران العدوان والتي بلغت 274302 مستخدما فيها مختلف أنواع القنابل والصواريخ الحديثة والمتطورة ظل تحالف العدوان السعودي الأمريكي عاجزا عن تحقيق أهدافه العسكرية في شل أو تدمير قدرات وإمكانات قوى الصمود اليمنية العسكرية.. التي نجحت في مواجهته وفي التحول من وضعية الدفاع إلى وضعية الهجوم وفي تطوير ذاتها والوصول إلى مرحلة امتلاك القدرة على تصنيع وإطلاق الصواريخ اليمنية البالستية إلى المحيط الهندي وإلى أم الرشراش متجاوزة كل الدفاعات الجوية للعدو، وإجبار إدارة واشنطن على الاعتراف لأول مرة في التاريخ بحقيقة استهداف سفنها بالصواريخ الباليستية اليمنية وأنها لا تمتلك سوى 15 ثانية لاتخاذ القرار بالرد على صواريخ اليمن.

في ال 26 من مارس 2024م :
- بلغ إجمالي خسائر العدو الأمريكي السعودي في الآليات والمعدات 18,397.
- بلغ عدد عمليات الدفاع الجوي التي نفذها الجيش اليمني 4585 عملية تمكن خلالها من إسقاط 165 طائرة حربية واستطلاع .
- بلغ عدد العمليات التي نفذتها القوة الصاروخية اليمنية 1828 عملية، منها 1237 عملية في العمليات العسكرية والقتالية، و589 عملية خارج الحدود.
- بلغ عدد العمليات التي نفذها سلاح الجو المسير 12,009 عملية هجومية واستطلاعية معظمها كان في إطار المهام القتالية الدفاعية والهجومية، ومنها 997 عملية خارج الحدود.
- فيما بلغ عدد عمليات الإسناد للقوات البرية اليمنية 211,136 عملية قنص واستهداف مدفعي وضد الدروع وهندسة.

تحول عسكري نوعي
في مشهد تحول عسكري نوعي غير موازين معادلة معركة المواجهة العسكرية اليمنية "الأمريكية الصهيونية البريطانية سقطت أسطورة التفوق العسكري الغربي وانكشفت حقيقة الحملات الدعائية الصهيونية الأمريكية الكاذبة في ميدان طوفان الأقصى ومعركة الفتح الموعود والجهاد المقدس وأصبحت صواريخ ومسيرات القوات المسلحة اليمنية تضرب سفن العدو الإسرائيلي وبوارج ومدمرات الحليف الأمريكي والبريطاني في البحرين الأحمر والعربي وفي المحيط الهندي وفي أم الرشراش وميناء أيلات في الأراضي الفلسطينية المحتلة .

أمنيا
منذ اللحظة الأولى لبدء العدوان العسكري السعودي الأمريكي فقد حرص العدوان على ضرب المباني الأمنية ونشر الفوضى وتهيئة الأجواء لانتشار الجريمة والأعمال الإرهابية، وتنفيذ عمليات الاغتيالات والقتل والسرقة وغيرها من الأعمال التي تخدمه والمنافية للقانون.
- في هذا السياق ارتكب العدوان العديد من المجازر الدموية والمنافية للإنسانية في حق كافة الوحدات والأجهزة الأمنية سواء من خلال القصف الغاشم الذي لم يستثن وحدات الأمن بمختلف محافظات الجمهورية اليمنية أو من خلال اقتحام إدارات ومعسكرات الأمن في بعض المحافظات، ونهب محتوياتها وآلياتها وتدمير مبانيها من قبل عناصر مرتزقة مسلحة مدعومة من قبل العدوان.

استهداف المنشآت والوحدات الأمنية
- بلغ عدد المنشآت والوحدات التي استهدفها ودمرها طيران العدوان 214 منشأة ووحدة أمنية وفقا لإحصائيات غير مكتملة .
- ارتكب العدوان السعودي الأمريكي مجازر عديدة بحق المؤسسات الأمنية ولم يستثن حتى الإدارات الواقعة في المديريات والجبال الريفية, بهدف إيجاد أرضية مناسبة للعناصر الارهابية لبسط نفوذها.
- لم تنجو محافظة من محافظة الجمهورية اليمنية من استهداف طائرات العدوان لمنشآتها وساكنيها وطرقها وحجرها وشجرها، من كل ذلك كان للأجهزة الأمنية – وما يزال – النصيب الأوفر من القصف.
- رغم استهداف العدوان المباشر والمستمر للمؤسسة الأمنية اليمنية فقد استطاعت الصمود والعمل جاهدة وبإمكانياتها المتواضعة والمشتتة على تثبيت الأمن والاستقرار والحفاظ على السكينة العامة، ومنع أي أعمال أو عمليات منافية للقانون.

- رغم إصرار العدوان على استهداف الأمن والاستقرار من خلال مخططات إثارة الفوضى وإقلاق الأمن والسكينة والنيل من وحدة وتماسك الجبهة الداخلية فقد كان لثبات المجتمع وشعور المواطن بالواجب الملقى على عاتقه في حفظ الأمن والاستقرار والتعاون مع الأجهزة الأمنية دوره في إفشال مخططات العدو.

فشل ذريع في تحقيق الأهداف
- اليوم وبعد مرور تسع سنوات من عمر العدوان السعودي الأمريكي يثبت مشهد الواقع في المحافظات الحرة أن العدوان قد فشل فشلا ذريعا في تحقيق الأهداف التي كان قد رسمها في ال 26 من مارس 2015 سعى من وراء ذلك إلى نشر الفوضى والجريمة وإتاحة الفرصة للعناصر الإرهابية في تنفيذ عملياتها الدموية والخبيثة.
- أصبحت المؤسسة الأمنية وكافة أجهزتها قادرة على حفظ الأمن والاستقرار الداخلي وتأمين المجتمع وضبط الخارجين عن النظام والقانون والمخربين والمخلين بأمن المواطن والسكينة العامة، وكذا الحد من وقوع الجريمة وتوفير وإيجاد أجواء هادئة يسودها الأمان والاطمئنان.
- اليوم في ال 26 من مارس 2024م ولإدراك طبيعة الفارق بين المشهدين ( مشهد لحظة شن العدوان ومشهد اللحظة الراهنة ) يكفي مجرد النظر إلى واقع المحافظات المحتلة والفوضى التي تعيشها هذه المناطق سياسيا وعسكريا وأمنيا، واقتصاديا، واجتماعيا، مع أن العدو لا يزال يراعي وجود قوة وطنية في صنعاء رافضة للاحتلال والتمزيق ولا يستطيع المضي في كل مخططاته، لكن ما هو واقع لا يقل عن وصفه بالكارثي.


طباعة  

مواضيع ذات صلة