تل أبيب ... والخوف من وصول الطوفان ..!

الوضع الأكثر خطورة للكيان الصهيوني تدني العمق الدفاعي له من الوسط إلى 15كم , وقد نتج هذا الموقف من موقع امتداد أراضي الضفة الغربية في عمق النطاق الأرضي للكيان الصهيوني.

علي الشراعي

تل أبيب ... والخوف من وصول الطوفان ..!



يعتمد التوجه الجيوبوليتيكي الجائر للكيان الصهيوني على فكرة أن الدولة كائن حي يختلف مساحة نطاقها الأرضي وطول الحدود التي تغلفها تبعا لمراحل تطورها .

-خريطة الصراع

يقوم الكيان الصهيوني بتعقيد خريطة الصراع على العمق الدفاعي والاستراتيجي بتعميق الخلافات والصراعات بالدول العربية وتفريغ المنطقة العربية من امكانات التنمية من ناحية , ومحاولة تحطيم الآلة العسكرية للقوى العربية المتنامية من ناحية ثانية .

ويعتمد على صناعة عمق أمني بزيادة المناطق شبة الحاجزة وقت السلم , ونقل ساحة المعارك إلى أراضي الجيران وقت الحرب , ومراقبة الصراع على العمق العربي من ناحية أخرى . - وما حدث في 7 اكتوبر 2023م , قلب كل موازين استراتيجية الكيان الصهيوني في ادارة خريطة الصراع - .

-العمق الدفاعي

يتوقف صمود الدولة للغزو الخارجي من الدول المجاورة على عمق النطاق الأرضي للدولة الذي يقاس بين الوسط الهندسي أو الجغرافي الذي يجب أن تشغله مركز صناعة القرار السياسي ( العاصمة ) وحدود الدولة أو محيطها الحدودي .

ويعبر عنه بنصف قطر مساحة الدولة في شكلها الدائري , وهو في علاقة طردية مع مساحة الدولة في شكلها المندمج .

وابرز الأمثلة على أهمية العمق الدفاعي للدولة غزو العراق للكويت 1990م , وغزو الكيان الصهيوني للعاصمة اللبنانية بيروت في 1982م , في سويعات قليلة جدا لقلة العمق الدفاعي للدولتين وتنقسم دول المنطقة إلى عدة فئات تبعا لعمقها الدفاعي دول تتمتع بعمق دفاعي كبير تتراوح بين 724 إلى 893كم , كالسودان والسعودية والجزائر وايران , ومجموعة ذات عمق دفاعي كبير نسبيا تتراوح بين 411- 571 كم وتضم موريتانيا ومصر وتركيا والصومال واليمن .

فيما ينخفض العمق الدفاعي عن 382 إلى 229 كم في المغرب والعراقي وعمان وسوريا وتونس . ويقل العمق إلى 175كم في الأردن و 171 كم في الامارات .

فيما يتدنى العمق الدفاعي عن 85كم في جيبوتي و81 في الكيان الصهيوني و75 في الكويت ويصل إلى ادناه في البحرين 14كم ويصل إلى 58 كم في قطر ولبنان و 45كم في دولة فلسطين المقترحة على الاراضي الفلسطينية قبل عام 1967م .

ويضعف انحراف العواصم عن مركزها الهندسي والجغرافي من الأهمية الاستراتيجية للعمق الدفاعي للنطاق الأرضي للدولة , لأن العمق الدفاعي المثالي يربط بين مساحة المعارك المحتملة على حدود الدولة من ناحية ومقر صناعة القرار السياسي والعسكري في الوسط الهندسي للدولة .

والدول التي تملك عمقا أكبر ونسبة انحراف دنيا للعاصمة تسجل بعدا هاما في الدفاع الوقائي وتوفر مساحة مثاليا أو مناسبا لمعركة دفاعية .

لذا فإن قرار نقل عاصمة الكيان الصهيوني من تل أبيب إلى القدس , أي من موقع غربي متطرف إلى موقع شرقي ايضا متطرف بالنسبة للنطاق الأرضي للدولة بدون مركزية غير قائمة يفسر النية غير الحسنة إلى معادلة الموقف بالتوسع شرقا في الأردن .

-التخوف والعدوان

لن يسمح الكيان الصهيوني بقيام دولة فلسطين على ما تبقى من التراب الفلسطيني بالضفة الغربية وغزة , لان موقعها يهدد الأمن الصهيوني تهديدا واضحا .

 

ويقلص العمق الدفاعي الصهيوني المحدود إلى خُمس قيمته , ويمكن أن يشطر الكيان الصهيوني إلى قطاعين .فالوضع الأكثر خطورة للكيان الصهيوني تدني العمق الدفاعي له من الوسط إلى 15كم وهو يشكل 21,4% من متوسط نصف قطر من مساحة الكيان الصهيوني,

وقد نتج هذا الموقف من موقع امتداد أراضي الضفة الغربية في عمق النطاق الأرضي للكيان الصهيوني , وهذا يخوف المؤسسات السياسية الصهيونية من قيام دولة فلسطينية على الأراضي المتبقية من فلسطين في الضفة الغربية وغزة ( 6260كم2) , وإمكانية قيام نزاع سياسي وعسكري يترتب عنه عزل النطاق الشمالي عن الجنوبي من أرض الكيان الصهيوني المغتصب .

فالوضع المجزأ للدولة الفلسطينية في نطاقها الأرضي بالضفة الغربية (5900كم) وفي غزة ( 360كم ) يضعف من كيانها السياسي لوجود كيان سياسي عدائي - الكيان الصهيوني - يفضل بين اجزاء النطاق الأرضي للدولة الوليدة . - وهذا ما زاد من تخوف الكيان الصهيوني اليوم بعد طوفان الاقصى في 7 اكتوبر 2023م من امتداد الطوفان إلى الضفة الغربية - .

-التوجه الجيوبوليتيكي

يعتمد التوجه الجيوبوليتيكي الجائر للكيان الصهيوني على فكرة أن الدولة كائن حي يختلف مساحة نطاقها الأرضي وطول الحدود التي تغلفها تبعا لمراحل تطورها .

وكل الدلائل تؤكد استمرار التوجه الجيوبوليتيكي الجائر للكيان الصهيوني حتى بعد عقد اتفاقيات السلام والتطبيع بين الأطراف العربية – الصهيونية , ويدفعه في ذلك عده اعتبارات أهمها أن المكون الجغرافي يشكل تهديدا للأمن القومي الصهيوني إذ يتدنى العمق الدفاعي إلى 81 كم لصغر المساحة ويتقزم أكثر بسبب شكل الدولة الذي ينحرف عن شكلها المثالي بنسبة 201% عن الشكل الأمثل للدولة.

لذا يتقزم العمق الدفاعي وينخفض إلى أقل من 20 كم . وبسبب الانحراف عن الشكل المثالي للدولة تزداد أطوال حدودها فترتفع كثافة الحدود البرية إلى 4,4كم / كم2 , ويزداد العبء الكثافى الزائد منها عن ثلاثة أمثال الوضع الطبيعي , وبالتالي ترتقع تكلفة الدفاع عن الحدود لأقصى حد .

ولن يستقيم تنمية القوة السياسية بدون إعادة توازن تركيبتها السياسية بالتوسع وزيادة مساحة الأراضي وزيادة العمق الدفاعي . كذلك أن الحشد الضخم للأنواع المختلفة من الاسلحة على مساحة صغيرة من الأرض لا يعبر عن إمكانات دفاعية ذاتية بل هي حشد هجومي .

فقد بلغ نصيب الكيلو متر المربع من الوحدات الدفاعية 57 جندي , ولا يتكرر ذلك في أي بقعة بالمنطقة سوى في مملكة البحرين التي ترتفع بها الإمكانات الدفاعية بالنسبة للأرض نتيجة لصغر مساحتها .

وتركيز الفكر الإعلامي والشارع السياسي الصهيوني على فكرة التخوم الآمنة بدلا من الحدود وضيق المجال الحيوي بالنسبة لتدفق الهجرة اليهودية , ومقارنة ما يتوفر لدول المنطقة من أراضي خلاء .

ففي مصر 130 كم2 , وفي الأردن 13كم2 , مقابل كل كم2 في الكيان الصهيوني . -اسرائيل الكبرى لذلك تؤشر كل هذه الدلائل على استمرار التوجه الجيوبوليتيكي الجائر لدي الكيان الصهيوني نحو التوسع والسيطرة واحتلال الأراضي منذ قيام دولة الكيان الصهيوني في 15 مايو 1948 م وإلى عدوان اليوم على غزة , ولا قيمة لمعاهدات السلام أو التطبيع سوي التجميد المؤقت لمشروعات الكيان الصهيوني نحو إنشاء بما يسمى اسرائيل الكبرى .

وما العدوان على غزة وتدميرها وقتل الاطفال والنساء والشيوخ منذ ستة أشهر ألا استمرار لذلك التوجه التوسعي الصهيوني ليس على حساب اراضي فلسطينية فحسب بل سيأتي الدول على حساب كل دول المنطقة وبالذات دول الطوق رغم وجود معاهدات وتطبيع وترسيم حدود معها .


طباعة  

مواضيع ذات صلة