الخلاف السعودي الإماراتي في اليمن من التباين إلى الصراع..!

بات الحديث عن تصاعد حدة الخلاف بين السعودية والامارات في اليمن مادةً شائعة في وسائل الإعلام والمراكز البحثية الغربية.

الخلاف السعودي الإماراتي في اليمن من التباين إلى الصراع..!

وفقاً لمركز “شاتام هاوس البريطاني فإنه “وعلى الرغم من التطورات الايجابية على الصعيد التفاوضي بين الرياض وصنعاء إلا أن الحليفين السعودي والاماراتي لا يستطيعان ان يخفيا التوتر بينهما”.
 
هذا الخلاف انعكس على الخطاب الاعلامي والسياسي لكلا البلدين، ووفقاً للباحث في شاتام هاوس” فارع المسلمي” فإن “الخطاب الإماراتي السعودي بشأن الحرب بات أكثر إنقساماً”.
 
تباين الاولويات يظهر جلياً في لغة الخطاب الذي تتبناه وسائل الإعلام التابعة لكلا البلدين فوسائل الإعلام الممولة اماراتياً تستخدم المفردات التي تدعم المجلس الانتقالي وتوجهاته الداعية علناً للانفصال.
 
وعلى الرغم من أن السعودية هي الاخرى تحتضن الداعين الى تقسيم اليمن الى كانتونات منفصلة كما حصل مؤخراً حينما تبنت الوسائل الإعلامية التي تمولها السعودية الترويج لما قيل انه الحوار الحضرمي في الرياض.
 
الخلاف السعودي الاماراتي لا يقتصر فقط على موضوع تقاسم مناطق النفوذ والسيطرة في المدن الواقعة تحت سيطرة الحكومة الموالية للتحالف بل يتشعب كثيراً حينما يتعلق الأمر بالصراع على الثروات والمناطق والمدن الاستراتيجية في اليمن.
 
يبرز هذا الصراع جلياً في كلٍّ من عدن وحضرموت وسقطرى فالسعودية التي تأخرت في الوصول الى هذه المناطق وافسحت المجال للفصائل الموالية لأبوظبي للسيطرة عليها تسعى اليوم لسحب البساط من تحت أقدام الإمارات.
 
مثّل التمكين السعودي لما يسمى بقوات “درع الوطن” التي استحدثتها السعودية مطلع العام 2023 محاولة من الرياض لإحلال تلك القوات محل القوات الموالية للإمارات.
 
هذه ليست الحالة الوحيدة للصراع على الأرض فقد سبق ان رجح الصراع المسلح الذي تم بين الفصائل المسلحة الموالية لأبوظبي وقوات حزب الإصلاح في عدن ولحج الكفّة لصالح فصائل الانتقالي الجنوبي.
 
وفي سقطرى عملت السعودية على السيطرة على المعسكر الذي استحدثته القوات الموالية للإمارات في ميناء ومطار الجزيرة الاستراتيجية.
 
يقول معهد شاتام هاوس ” في الوقت الذي يتم التركيز فيه على خفض التصعيد بين الرياض وصنعاء فإنه لابد من الالتفات إلى أنّ هذا التطور الإيجابي قد لا يطغى على  تصاعد التوترات بين السعودية والإمارات بخصوص اليمن”.
 
بحسب الدراسة التي نشرها المعهد البريطاني  “أحد نقاط الانهيار بين الحليفين تتمثّل في قرار الإمارات التوقيع على اتفاقية أمنية مع قيادة المجلس الرئاسي دون إبلاغ الرياض وبالمقابل فإن السعودية ضاعفت من محادثاتها مع حكومة صنعاء دون إعلام الإمارات”.
 
على الرغم من الخلاف السعودي الاماراتي إلا أن الرياض دعمت التوجهات الداعية للانفصال التي تبنتها الامارات عبر الفصائل الموالية لها.
 
تشير الدراسة ايضاً الى “الرياض وأبو ظبي التزمتا علناً ولسنوات بخطابٍ متقارب بينهما بشأن اليمن” إلا أن الأولويات المتباينة بين الحليفين كانت تظهر بشكلٍ متزايد.
 
تؤكد الدراسة البريطانية أنّه خلف الأبواب المغلقة “أصبح المسؤولون الإماراتيون مؤخراً يُعبرون بشكلٍ أكثر صراحة عن إحباطهم من تصرفات السعودية” في اليمن.
 
وفقاً لـ”شاتام هاوس” فإن الطرفين يعملان حالياً على “زيادة استعراض القوة وزيادة السلوك العدائي الموجّه باتجاه بعضهما البعض”.
 
بعد عدن وأبين وسقطرى وشبوه تبدو محافظة حضرموت الساحة المحتملة لأن تكون الأكثر سخونة للصراع بين الرياض وابوظبي، فالطرفان يستعدان للمواجهة في المحافظة الاستراتيجية الأكبر مساحة في اليمن.
 
أحدث موجات التوتر على هذا الصعيد أتت على لسان نائب رئيس المجلس الانتقالي الموالي للإمارات أحمد سعيد بن بريك الذي هدد باقتحام معسكرات المنطقة العسكرية الأولى التابعة لحزب الإصلاح في مديريات وادي حضرموت.
 
بن بريك قال إن “تحرير مديريات وادي حضرموت سيكون بالحياة والموت” وفق تعبيره. وأكد نائب رئيس المجلس الانتقالي في لقاء مع قناة “الغد المشرق” الممولة اماراتياً، أن مجلسه يهيئ نفسه عسكريا وسياسيا لإعلان ما اسماه صراحةً بـ”فك الارتباط” إلا أنه يأخذ بعين الاعتبار موقف التحالف في الوقت الراهن.
 
يظهر الخلاف ايضاً من خلال محاولة استمالة رجال الأعمال والقيادات الحضرمية في السعودية التي يتصدر مشهدها محافظ حضرموت الحالي، مبخوت بن ماضي، المحسوب على السعودية وعضو “المجلس الرئاسي” الموالي للتحالف فرج البحسني الذي انضم مؤخراً للمجلس الانتقالي الموالي للإمارات.
 
يحاول كلا الرجلين استعراض قدراتهما على تحشيد المكونات الحضرمية في الرياض لإظهار تبعيتها للتوجهات التي يتبناها كلا الطرفين.
 

من المؤكد أن السعودية والفصائل التابعة لها لن تسمح للانتقالي الذي يتمدد باسم الامارات في المحافظات المحتلة بالسيطرة على المحافظة المحادة للمملكة.
 
لكن الثابت ايضاً أن حسابات التحالف بكل رؤوسه ومخططاته مرتبطةً بالمشاريع الامريكية في اليمن ولا سيما محافظتي حضرموت والمهرة الذين شهدتا خلال الفترات الماضية حراك عسكري وسياسي نشط من قبل واشنطن ولندن.


طباعة  

مواضيع ذات صلة