ميناء نشطون بالمهرة .. احتلال سعودي للوصول إلى بحر العرب

 يوما بعد يوم، تتكشف حقائق أطماع السعودية في محافظة المهرة والتي بدأت بالظهور مع بداية العدوان على اليمن والذي تسعى السعودية من خلاله إلى تنفيذ مخططاتها، حيث يُعد

ميناء نشطون بالمهرة .. احتلال سعودي للوصول إلى بحر العرب

الاستيلاء على المهرة أحد هذه المخططات .

ووفقا للكثير من الوثائق؛ فإن أطماع السعودية في محافظة المهرة تمتد لفترة طويلة، باعتبار المحافظة تشكل موقعاً استراتيجياً لمدّ أنبوب النفط وأطماع أخرى، وقد أصبحت الأطماع واضحة على الأرض من خلال المعسكرات السعودية واستخدام بعض المشايخ كوكلاء محليين لتنفيذ أجندتها، حتى أصبحت المهرة بكل ما فيها من مطار وميناء وساحل وغيرها تحت الاحتلال السعودي .

التواجد السعودي في المهرة

 

حتى الـ13 من نوفمبر 2017م، كانت محافظة المهرة تنعم بالاستقرار والأمن، والتماسك الاجتماعي، قبل أن تصل القوات السعودية إلى مطار الغيظة وتحوّله لثكنة عسكرية انطلقت منها للتوسع إلى مناطق ومواقع أخرى في المحافظة.

وفي مطلع العام 2018م، استمر توافد قوات سعودية كبيرة إلى ميناء نشطون في محافظة المهرة، وتمركزت بمواقع عدة، قبل أن تلتحق بها قوة أخرى في أبريل من العام نفسه، وبدأت في إعاقة الحركة التجارية في الميناء والمنافذ البرية مع سلطنة عمان.

بدأت السعودية بتنفيذ طموحاتها في فتح ممر إلى بحر العرب، حيث أنشأت معسكراً قرب ميناء نشطون بهدف تأمين تنفيذ تلك الأطماع، وبدأ النظام السعودي باستقدام أدواته وعملائه من السلطة المحلية بالمحافظة، وإبعاد كل من يعارض تواجدها غير المشروع.

اتجهت بوصلة الأطماع السعودية إلى محافظة المهرة مبكراً، فيما كان اليمنيون يخوضون معاركهم في جبهات كثيرة، ولم تكن للسعودية من ذريعة لاحتلال المهرة البعيدة عن المواجهات العسكرية، كما أن موقعها الجيوسياسي يفترض ألا يضعها ضمن المناطق التي ستشهد معارك في مخطط الاحتلال والاستعمار .

ولأنه لا أعذار يمكن للرياض أن تتغطى بها، فقد دخلت المهرة عبر وهم «المساعدات الإنسانية»، ثم لاحقاً «مكافحة التهريب»، وهي ذرائع اتخذتها السعودية لاستقدام ترسانتها العسكرية إلى محافظة المهرة في جنح الظلام.

رويداً رويداً بدأت السعودية بتنفيذ مخططها في التمركز، وتوزيع القوات على معسكرات وصل عددها إلى 17 معسكراً، توزعت غالبيتها في جغرافيا الأطماع السعودية الرامية إلى تمرير أنبوب النفط عبر المحافظة وصولاً إلى بحر العرب، وهو أحد الأطماع وليس جميعها.

وثيقة لشركة «هوتا للأعمال البحرية» كشف جزءً من أطماع السعودية المتمثلة في مساعي الرياض لمدّ أنبوب نفطي من منطقة الخرخير، إلى ميناء نشطون في محافظة المهرة لتصدير نفطها عبر بحر العرب وباب المندب.

وفي أكثر من لقاء له، يؤكد الشيخ علي سالم الحريزي، وكيل محافظة المهرة السابق، إن تواجد القوات السعودية في المحافظة تحوّل إلى احتلال بامتياز.

مشيرا إلى أن مبررات «التهريب» الذي يرفعه الاحتلال السعودي، هي كذبة سعودية إماراتية، وبرنامج «المساعدات»، هو برنامج مفضوح.

 

الأطماع السعودية في المهرة

 

سلطت مجلة «ليكسبرس» الفرنسية في تقرير لها الضوء على أطماع السعودية في المهرة شرقي اليمن. وجاء التقرير الذي أعده مراسل المجلة في الشرق الأوسط « كوينتين مولر» تحت عنوان «شبح التقسيم يهدد اليمن» وأفاد أنه منذ عام 2017م، تحتل القوات السعودية محافظة المهرة، الواقعة بالقرب من الحدود مع عمان وسواحل بحر العرب. ولفت إلى أن السعودية تدخلت في الحياة السياسية للمحافظة، بالرغم من أن إعلانها الرسمي كان من أجل مكافحة التهريب وزعمها بمتابعة ما تصفهم بـ «المتمردين» .

وبحسب التقرير فإن الهدف الرئيسي للرياض من خلال بناء القواعد العسكرية وارسال الجماعات المتطرفة إلى المهرة هو مراقبة وحماية خط أنابيب النفط التي تسعى لبناءها في المنطقة.

وقال التقرير: من أجل تحقيق ذلك استولت السعودية منذُ دخولها إلى المحافظة أواخر العام 2017م على ميناء نشطون المطل على بحر العرب ومطار الغيظة والمواقع الحدودية في منفذي شحن وصرفيت .

وأكد أن محافظ «المهرة» حينها كان «محمد عبد الله كدة» تعرض للضغوط والإقالة بعد أن عارض وجود الرياض في المحافظة وحل محلة شخصية معروفة باسم دمية في يد المملكة العربية السعودية في إشارة إلى المحافظ “راجح باكريت”.

وتحدث التقرير عن تصدي قبائل المهرة في سبتمبر من العام 2018م لمجموعة من المهندسين السعوديين الذين كانوا قد بدأوا في بناء طريق (التحضير لمشروع خط أنابيب) في صحراء خرخير الحدود بين السعودية واليمن.

ونقلت المجلة عن مصدر دبلوماسي غربي قوله: إن الوجود السعودي في المهرة الهدف منه بناء خط انابيب يساعدها على تجنب شحن النفط عبر مضيق هرمز الذي يسيطر على جزءا منه خصومها الإيرانيون وهي منطقة من التوتر الدولي.

وتكتسب المهرة أهمية بالغة، حيث تعد ثاني أكبر محافظة يمنية من حيث المساحة بعد حضرموت، والبوابة الشرقية للبلاد، حيث تتنفس اليمن عبرها من خلال منفذي صرفيت وشحن ، وأطول شريط ساحلي يمني مطل على بحر العرب يقدر طوله بـ560 كيلومتراً، ويمتلك هذا الشريط فرصاً تجارية .

كبيرة، فهو يطل على بحر العرب وخليج عدن، حيث حركة نسبة عالية من التجارة العالمية، وفيه ميناء نشطون.

 

الرياض.. مبررات كاذبة لاحتلال المهرة

 

تقول السعودية بأن مبررات نشر قواتها في المهرة هو من أجل محاربة التهريب والإرهاب في المحافظة، إلا إن واقع الأمر والذي يعرفه جميع أبناء المحافظة أنها هي من تدعم الإرهابين والمتطرفين والمليشيات بالسلاح والمال لزعزعة الأمن وخلق الفوضى، وفي تخبطهم المستمر يقول السعوديون أنهم يعملون في المهرة على إعادة الإعمار، وهذا أمر غير منطقي أن يبدأ الإعمار من محافظة لم يكن فيها حرب إطلاقا، حيث أنه من المفترض أن يعاد الإعمار في المناطق التي شُنت عليها غارات الطيران السعودي الإماراتي كالحديدة وعدن وشبوة وتعز وصنعاء .

وتحاول السعودية السيطرة على محافظة المهرة منذ أواخر العام 2017م، واستحداث مواقع ونقاط تفتيش في مناطق عدة منها بعد أن سيطرت على مطار الغيضة وميناء نشطون، وسط معارضة شديدة من الأهالي الذين ينظمون وقفات ومهرجانات احتجاجاً على الوجود السعودي.

الأطماع السعودية بدأت منذ زمن في إنشاء خط أنبوب نفطي دولي إلى البحر العربي يأتي ضمن مساعي المملكة لامتلاك خط ناقل بديل لطرق صادرات النفط الخليجي عبر مضيق هرمز الذي تتحكم به إيران.

ويعد مضيق هرمز أهم مسار بحري لنقل النفط في العالم، وتمر فيه قرابة 30 ناقلة نفط يومياً تحمل ما يقارب 15 مليون برميل من الخام، أي نحو 30 % من إجمالي تجارة النفط المنقول بحرا.

يقول موقع (nepia) التابع لشركة تأمين بريطانية متخصصة في المسؤولية البحرية ومخاطر الحرب، وتضم في عضويتها عدة أندية دولية تعمل في النقل البحري، إن على السفن الراغبة في الوصول إلى موانئ عدن والمكلا ومحطة النفط في روضوم وميناء نشطون التقدم بطلب للحصول على تصريح من التحالف في الرياض قبل وصولها لتلك الموانئ، بينما يتعين على السفن التي تتصل إلى ميناء الحديدة والصليف التقدم بطلب للحصول على تصريح لدى بعثة الأمم المتحدة المتواجدة في جيبوتي قبل وصولها لتلك الموانئ.

 

السعودية تزرع الإرهاب بالمحافظة

 

وبحسب تقارير إعلامية؛ فقد أدخلت قوات الاحتلال السعودي السلاح الخفيف والثقيل والمتوسط للمهرة ووزعته على جماعات مشبوهة، بالإضافة إلى

قيام الرياض باستقدام جماعات متشددة لمديرية قشن بمحافظة المهرة ومدتهم بالمال والسلاح، بالإضافة إلى قوات من جنسيات غير يمنية ومنعت أبناءها من الالتحاق بالقوة العسكرية والأمنية.

وبحسب التقرير فإن السعودية حولت مطار الغيضة وميناء نشطون في المهرة إلى ثكنات عسكرية، وأنزلت كميات كبيرة من السلاح بمطار الغيضة وميناء نشطون وحرمت الأهالي من استخدامهم.

وتلفت التقارير إلى أن السعودية تمارس من قاعدتها بمطار الغيضة سلطة اعتقال المواطنين والتحقيق معهم وترحيلهم إلى الرياض، فضلاً عن أن القوات السعودية رفضت السماح للنيابة العامة أو أي جهة رسمية بزيارة معتقل مطار الغيضة لتقصي الحقائق.

وتشير إلى أن السعودية قامت بتهيئة ميناء نشطون لخدمة مصالحها وتحديد السلع والبضائع التي سيسمح بدخولها، واستحدثت عدة مواقع وثكنات عسكرية في المهرة قرب مساكن المواطنين ما أدى إلى إجلاء ساكنيها.

وفي تقرير لمركز ( كارينجي للدراسات في الشرق الأوسط)،أكد أن من معالم الاستيلاء السعودي على “المهرة” كذلك ، نشر قواتها في أكثر من 12 موقعاً على طول ساحل المحافظة.

وتشهد محافظة المهرة اعتصامات سلمية للمطالبة بخروج القوات السعودية والإماراتية من المهرة، وتسليم منفذي شحن وصيرفت وميناء نشطون ومطار الغيضة الدولي للقوات المحلية، والحفاظ على السيادة الوطنية.

 

ميناء نشطون.. هدف استراتيجي للسعودية

 

يُجمع المحللون على أن ميناء نشطون يُمثل هدفا استراتيجيا للسعودية ظل يراودها منذ عدة عقود، ويتمثل برغتبها في فتح ميناء خاص بها يطل على البحر العربي، لنقل النفط عبر أنابيب من الحقول السعودية إلى السوق العالمية، دون الحاجة لمضيق هرمز، بحيث يجري شق مشروع بري يمتد من داخل الأراضي السعودية وينتهي بميناء نشطون.

سعت الحكومة السعودية في سبيل تنفيذ هذه الاستراتيجية منذ وقت مبكر، وتظهر وثائق سعودية جرى تداولها مؤخرا رغبة الرياض في تنفيذ هذا المشروع في مطلع ثمانينيات القرن الماضي، وبحسب «الموقع بوست»، فقد كانت حملات التجنيس التي قامت بها السعودية مستهدفة القبائل المهرية مقدمة لهذا الأمر، كما يؤكد شيوخ قبائل .

وكان العدوان على اليمن في مارس 2015م، فرصة للرياض للعمل على تحقيق حلمها، حيث كشفت وسائل إعلام سعودية خلال السنة الأولى من العدوان، عن مسمى مشروع “قناة سلمان”.

ففي مطلع سبتمبر من العام 2015م، نشر رئيس مركز «القرن العربي» للدراسات في الرياض سعد بن عمر دراسة تحمل اسم «قناة سلمان» نسبة للملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، متضمنة دراسة متكاملة لربط الخليج العربي بحراً ببحر العرب عبر قناة مائية، بعد تغيير الاسم الذي كانت تحمله من «قناة العرب» إلى «قناة سلمان».

ووفقا لما كشفته وسائل الإعلام السعودية التي تطرقت لتلك الدراسة، فسيكون طول القناة 950 كم، وتمتد في الأراضي السعودية 630 كم، وفي الأراضي اليمنية 320 كم، ويبلغ عرض القناة 150 متراً، والعمق 25 مترا. وبالنظر إلى ذلك المشروع، فما ستحققه تلك القناة من مكاسب للسعودية يفوق ما ستحققه لليمن، إذ يقول القائمون عليها إنها ستساعد على عودة الحياة إلى الربع الخالي، وذلك بإقامة الفنادق والمنتجعات السياحية على ضفاف القناة، كذلك اكتفاء المملكة من الثروة السمكية بإنشاء المزارع السمكية على جوانبها، وإنشاء بحيرات مرتبطة بالقناة لهذا الغرض، إضافة لمشاريع الطاقة وتحلية المياه وبناء مدن سكنية متعددة، كما ستضيف ألفاً و200 كم من السواحل النظيفة والرائعة في منطقة الربع الخالي إلى المملكة العربية السعودية. كما سيقوم الجانب السعودي بعمل 20 نفقاً للسيارات والمشاة، إضافة إلى تخطيط ثلاث مدن سكنية ومدينتين صناعيتين، وبحيرات متعددة على جانبي القناة لمزارع الأسماك ولصيانة السفن.

الثورة


طباعة  

مواضيع ذات صلة