بيع الحقوق الفلسطينية.. أداة تاريخية لخدمة أنظمة عربية

لقد تم استخدام الفلسطينيين كورقة مساومة من قبل أنظمة عربية مختلفة لتعزيز مصالحها من خلال التضحية بحقوقهم منذ الحرب العالمية الأولى،

متابعات - صحيفة اليمن

بيع الحقوق الفلسطينية.. أداة تاريخية لخدمة أنظمة عربية

 ومع ذلك، فإن المدافعين عن الأنظمة العربية، التي قامت مؤخرًا بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، يدافعون عن قرار حكوماتهم بنفس الحجج التي استخدمها أوائل المطبعين- مصر والأردن - منذ عقود، ومنها أن هذه الدول قدمت تضحيات منذ عام 1948 من خلال وضع المصالح الفلسطينية فوق مصالحها الخاصة.

إنهم يخبروننا الآن أن قراراتهم الحالية بالتطبيع مع إسرائيل قد وضعت مصالحهم الوطنية في المقام الأول، ومع ذلك فهم يدعون أنهم يساعدون الفلسطينيين أيضًا في نفس الوقت!.

هناك حجة رئيسية - تم تقديمها في هذا الصدد - تتعلق بالفكرة الأيديولوجية التي ترعاها أمريكا عن "السلام"، وهي حجر الزاوية في الدعاية الأمريكية ضد الشعوب التي تكافح ضد الاضطهاد الاستعماري والعنصرية، حيث قيل لنا إن "السلام"، الذي يحافظ على العلاقات الاستعمارية والعنصرية القمعية، يجلب الرخاء، في حين أن النضال ضد الظلم والقمع، الذي يطلق عليه "الحرب" في اللغة الأمريكية، يجلب الدمار والفقر.

على عكس الشعوب العربية التي أبدت تضامنًا متواصلاً مع الفلسطينيين منذ أن أصدرت بريطانيا "وعد بلفور" عام 1917، فإن الأنظمة العربية، وضعت دائمًا مصالحها الوطنية أولاً، وقد أقامت علاقات وتعاونت مع إسرائيل منذ عام 1948 - وفي حالة الأمير الهاشمي "فيصل" كان التعاون منذ عام 1919 -.

مصر دافعت عن نفسها

وقد ادعى المدافعون عن استسلام الرئيس المصري الأسبق "أنور السادات" لإسرائيل لعقود أن تحمس سلفه "جمال عبد الناصر" المفرط للدفاع عن الفلسطينيين قاد مصر، كما قال الرئيس الحالي "عبدالفتاح السيسي" في 2014، للتضحية بـ "100،000 شهيد مصري" من أجل الفلسطينيين.

وفي الواقع، بلغت خسائر مصر في حرب عام 1948، وفقًا لمصادر عسكرية مصرية، 1168 جنديًا وضابطًا ومتطوعًا قُتلوا (كما ورد في كتاب "إبراهيم شكيب": "حرب فلسطين 1948"، ص 432-433)، في حين أن مصادر رسمية مصرية أخرى (مشار إليها في كتاب "بيني موريس"، "تاريخ الحرب العربية الإسرائيلية الأولى"، ص 406-407) قدّرت العدد بـ 1400.

علاوة على ذلك، دخل "فاروق"، ملك مصر، الحرب عام 1948 ليس لأنه وضع المصالح الفلسطينية قبل مصالح بلاده، ولكن، كما أوضح المحللون؛ بسبب تنافسه مع النظام الملكي العراقي من أجل الهيمنة على العالم العربي ما بعد الاستعمار.

لم يقتصر الأمر على "ناصر"، بل خاضت كل حروب مصر اللاحقة أيضًا للدفاع عن مصر، وليس عن الفلسطينيين. ففي عامي 1956 و 1967، غزت إسرائيل مصر واحتلت سيناء ومات جنود مصريون في هذه الحروب دفاعاً عن وطنهم وليس عن الفلسطينيين.

وبين عامي 1968 و1970، خاضت إسرائيل ومصر "حرب الاستنزاف" التي قُتل فيها جنود مصريون دفاعًا عن بلادهم ضد العدوان الإسرائيلي المستمر، وهي حرب خاضتها على الأراضي المصرية. وفي عام 1973 شنت مصر حربًا لتحرير سيناء وليس لتحرير فلسطين. ومرة أخرى قتل جنود مصريون دفاعا عن بلادهم ضد الاحتلال الأجنبي.

وعندما وقّع "السادات" اتفاقية كامب ديفيد عام 1978، لم يدافع عن الفلسطينيين فحسب، بل ضحى بالفلسطينيين وحقهم في الاستقلال مقابل عودة سيناء إلى مصر (بدون سيادة مصرية كاملة) ومساعدة أمريكية سخية وهي الحزمة التي عملت على إثراء الطبقات العليا في مصر وإفقار معظم السكان.

الأردن يبحث عن مصالحه

كما دخل النظام الأردني، بقيادة جنرال استعماري بريطاني، في حرب عام 1948 لتوسيع أراضيه، وهو ما فعله بضم وسط فلسطين (التي أعيدت تسميتها "الضفة الغربية") بعد الحرب. وفي عام 1967، غزا الإسرائيليون الأردن واحتلوا الضفة الغربية. وفي كلتا الحربين، قُتل جنود أردنيون لأجل مصالح النظام الأردني وليس لمصالح الفلسطينيين.

عندما وقّع الأردن في عام 1994 معاهدة السلام مع إسرائيل، تم التضحية بالمصالح الفلسطينية مرة أخرى من خلال اعتراف الأردن بحق إسرائيل في الوجود على الأرض المحتلة، مقابل تأمين نوع من الدور الهاشمي على الأماكن المقدسة الإسلامية في القدس.

في المقابل، تلقى الأردن أيضًا حزمة مساعدات أمريكية سخية تفيد النظام والطبقات العليا. وعلى النقيض من صفقة مصر، تم إبرام صفقة الأردن

دون مطالبة إسرائيل بالانسحاب من أي من الأراضي التي احتلتها عام 1967. ونتيجة لذلك، شرّع "سلام" الأردن مع إسرائيل الاحتلال الإسرائيلي.

لم يقتصر الأمر على "ناصر"، بل خاضت كل حروب مصر اللاحقة أيضًا للدفاع عن مصر، وليس عن الفلسطينيين. ففي عامي 1956 و 1967، غزت إسرائيل مصر واحتلت سيناء ومات جنود مصريون في هذه الحروب دفاعاً عن وطنهم وليس عن الفلسطينيين.

وبين عامي 1968 و1970، خاضت إسرائيل ومصر "حرب الاستنزاف" التي قُتل فيها جنود مصريون دفاعًا عن بلادهم ضد العدوان الإسرائيلي المستمر، وهي حرب خاضتها على الأراضي المصرية. وفي عام 1973 شنت مصر حربًا لتحرير سيناء وليس لتحرير فلسطين. ومرة أخرى قتل جنود مصريون دفاعا عن بلادهم ضد الاحتلال الأجنبي.

وعندما وقّع "السادات" اتفاقية كامب ديفيد عام 1978، لم يدافع عن الفلسطينيين فحسب، بل ضحى بالفلسطينيين وحقهم في الاستقلال مقابل عودة سيناء إلى مصر (بدون سيادة مصرية كاملة) ومساعدة أمريكية سخية وهي الحزمة التي عملت على إثراء الطبقات العليا في مصر وإفقار معظم السكان.

الأردن يبحث عن مصالحه

كما دخل النظام الأردني، بقيادة جنرال استعماري بريطاني، في حرب عام 1948 لتوسيع أراضيه، وهو ما فعله بضم وسط فلسطين (التي أعيدت تسميتها "الضفة الغربية") بعد الحرب. وفي عام 1967، غزا الإسرائيليون الأردن واحتلوا الضفة الغربية. وفي كلتا الحربين، قُتل جنود أردنيون لأجل مصالح النظام الأردني وليس لمصالح الفلسطينيين.

عندما وقّع الأردن في عام 1994 معاهدة السلام مع إسرائيل، تم التضحية بالمصالح الفلسطينية مرة أخرى من خلال اعتراف الأردن بحق إسرائيل في الوجود على الأرض المحتلة، مقابل تأمين نوع من الدور الهاشمي على الأماكن المقدسة الإسلامية في القدس.

في المقابل، تلقى الأردن أيضًا حزمة مساعدات أمريكية سخية تفيد النظام والطبقات العليا. وعلى النقيض من صفقة مصر، تم إبرام صفقة الأردن دون مطالبة إسرائيل بالانسحاب من أي من الأراضي التي احتلتها عام 1967. ونتيجة لذلك، شرّع "سلام" الأردن مع إسرائيل الاحتلال الإسرائيلي.

ومن المفارقات أن الإمارات كانت تأمل في الحصول على الطائرات المقاتلة المتطورة من طراز "إف 35" من الولايات المتحدة مقابل سلامها مع إسرائيل. لكن إسرائيل وأنصارها في الكونجرس لا زالوا يرفضون السماح بذلك. وبسبب الإذلال بهذه النتيجة، اقترحت الإمارات على رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو"، من أجل تهدئة المخاوف الإسرائيلية، أن يتولى الطيارون المقاتلون الإسرائيليون مسؤولية طائرات "إف35" لفترة مؤقتة، ليقوموا بعد ذلك بتدريب الطيارين الإماراتيين ليحلوا محلهم.

كما حصل المغرب أخيرًا على اعتراف الولايات المتحدة باستيلائه على الصحراء الغربية وضمها، وشطب السودان من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب. ولم يتنازل أي من البلدين أو يضحي بأي جزء من مصلحته الوطنية للحصول على مثل هذه المكافآت.

وبدلاً من ذلك  مثل الدول العربية الأخرى منذ عام 1948، فقد ضحوا بالحقوق الفلسطينية المنصوص عليها في القانون الدولي للحصول على فوائد لأنفسهم. كما رفضت جامعة الدول العربية، وهي عدو للمصالح الفلسطينية منذ إنشائها، إدانة اتفاقيات السلام هذه رغم أنها تتعارض مع سياستها القائمة.

وبدلاً من التضحية بمصالحها الوطنية للدفاع عن الفلسطينيين، استغلت الأنظمة العربية كل فرصة لبيع حقوق الفلسطينيين لتعزيز مصالحهم دون توقف.

بدءاً من الأمير الهاشمي "فيصل" عام 1919، الذي تعاون مع الصهاينة لضمان دعمهم لمملكته السورية آنذاك، وحتى تطبيع الملك "محمد السادس" مع إسرائيل لإضفاء الشرعية على سيطرة المغرب على الصحراء الغربية، كان الفلسطينيون هم الأداة المستخدمة في مصلحة الأنظمة العربية التي استمرت في استخدامهم وإساءة معاملتهم لمصلحتهم الخاصة.

المصدر : ميدل إيست آي


طباعة  

مواضيع ذات صلة