الحرب العربية الإسرائيلية الكبرى بين الحتمية وفرص التفكيك وإسقاط المحرك الصهيوني

دخلت المنطقة العربية والإسلامية بل والعالم اللحظة الفاصلة التي ستقرر المصير الجماعي لدولنا وشعوبنا ، ومخاطر السقوط لن تنحصر على قوة أو دول أو محور ، وإنما إذا ما سقطت إحداها ستقط خلفه دول متواطئة ومتآمرة ومتخاذلة كأحجار الدمينو ، فالكل مستهدف في قائمة أولوية العدو الصهيوني.. تفاصيل ..

الحرب العربية الإسرائيلية الكبرى بين الحتمية وفرص التفكيك وإسقاط المحرك الصهيوني

حميد منصور

في هذه المرحلة واللحظة التاريخية تتأكد عدمية فرص التسويات كرغبة وقدرة وظرف راهن، وهي المرحلة التي ستحدد طبيعة الجولة النهائية للصراع مع العدو الصهيوني والأمريكي وفقا للسنيورهات المتوقعة لتالية:

الأول : قمع العدو الصهيوني وإخضاعه لوقف جرائمه وتنفيذ الحلول الدولية كاتجاه إجباري وتفكيك مسار التصعيد ، وذلك بإسقاط التطرف الصهيوني بالضربة العقابية القاضية.

الثاني: قمع العدو الصهيوني والذهاب لجولة حاسمة سواء مع لبنان أو مع محور المقاومة في الوقت الراهن ، ومهما كانت الكلفة للحرب التي كانت ومازالت مفروضة على لبنان قبل سبعة أكتوبر وإلى اليوم ، والتي لن تطول قبل أن تنتهي بإفراغ الكيان الصهيوني المتصدع والمأزوم وإسقاطه  برمته ، باستراتيجية الطرد القسري تحت ظروف إجبارية ولن يملك مجتمعه المستنزف نفسيا وماديا أنفاس للصمود قبل إطلاق طوفان الرحيل مع محدودية وجدوائية تدخل الغرب المفخخ بأزمات الدمار الذاتي في لحظة قاتلة ورؤسه مطلوبة للجميع.

الثالث: الانتظار ومنح العدو الصهيوني فرص أخرى لإحراق الوقت ، وانتظار إعادة تموضعه وترميم خياراته وأوراقه ما بعد الانتخابات الأمريكية للمبادرة مجددا لإشعال حرب إقليمية ستكون أكثر كلفة على شعوبنا ، والرهان على تفاهمات هشة مع قوى رخوة من اليسار الغربي وخط التطبيع المتواطئ في المنطقة المرشح للانضمام للناتو الصهيوني ، وجميع هذه القوى وإن كانت تمتلك الرغبة إلا أنه ا قوى رخوة خاضعة للابتزاز تفتقر للإرادة والبصيرة والاستقلالية والرهان عليها مقامرة خاسرة لم تنتج إلا استهلاك للوقت ودعم استمرار الإبادة وتزايد جرأة العدو الصهيوني التي وصلت مرحلة القفز الحر على صاعق الانفجار الكبير في تجاوز كل الخطوط الحمراء.. بل وعززت مخاطر جرأة المترددين للانخراط المباشر مع الصهيوني .

 

ما قبل السابع من أكتوبر

لماذا نقول كان السابع من أكتوبر منقذا إقليميا وعالميا؟ ولماذا يجب الذهاب إلى إنجاز استحقاقاته بخيارات وسقوف  مفتوحة؟!.. قبل السابع من أكتوبر شهدت المنطقة تحركات على مسارين:

الأول : مسار تسويات برعاية صينية لإطفاء الحرائق وانتشال المنطقة من مستنقع الحروب التي أشعلها الغرب الصهيوني ، وهذا المسار حقق نجاحا في خلق تهدئة لكن ظل عاجزا عن إكمال الانتقال إلى مرحلة إنجاز استحقاقات التسويات وتطبيع العلاقات وعودة الحياة لطبيعيتها.

 

الناتو الصهيوني والتطبيع السعودي

بالتوازي مع مسار التصعيد الإقليمي الذي وصل نهاية ٢٠٢٣ إلى مرحلة وضع اللمسات الأخيرة لإعلان التطبيع السعودي مع الاحتلال الصهيوني ، والإعلان عن مشروع الربط الاقتصادي بالكيان واستكمال  هيكل الناتو الصهيوني الذي كان من المفترض أن يضم جيوش دول الخليج ومصر والأردن والمغرب ، ولم يتبق إلا تحديد ساعة الصفر التي لم يكن من المستبعد وفق ظروف العدو الصهيوني أنها ستكون مطلع العام الحالي ٢٠٢٤ أو العام القادم، لإشعال المنطقة بالعدوان على إيران وسوريا ولبنان والاستفراد بالشعب الفلسطيني في الضفة وغزة والقدس والأراضي المحتلة بحملات إبادة وتهجير شامل ، بذريعة محاربة الإرهاب وبمشاركة مباشرة من دول الناتو الصهيوني في ظل لحظة إقليمية ودولية مجنونة تعتم على ما يتعرض له الشعب الفلسطيني.

تركيا:

فيما شهدت الفترة نفسها نهاية ٢٠٢٣ تحضيرات المواجهة الإقليمية المفتوحة من خلال استهداف العراق بفتنة الصدر ومحاولة الانقلاب على حكومة الكاظمي الذي كان متواطئا في إسقاط النظام وتشكيل حكومة تنخرط في الناتو الصهيوني ولو بمنح الفتنة في العراق واستهداف الحشد ومجتمع المقاومة غطاء وشرعية.

بالتوازي مع ارتفاع مستوى الهجمات الإرهابية في المدن التركية التي ترافقت مع تسخين التركي عناوين الحرب المفتوحة ضد سوريا ، والتمدد في العراق..

 

إيران:

تصعيد الغرب حدة الأزمة النووية مع إيران ، الذي أخذ طابع زخم متصاعد ووتيرة ذروة التهديدات واختلاق التهم والذرائع.

 مصر:

واضح أن فصول المؤامرة اكتملت بوضع رأس مصر في مشنقة أطماع منبع النيل، وكشف ظهرها  بإشعال الجوار في السودان ، وتهيئة قناة السويس للذبح بسكين القطار الهندي وطموحات بن غريون لصناعة قنوات مائية وخدمات لوجستية بديلة عن السويس عبر الأراضي الفلسطيني إلى خليج العقبة والبحر الأحمر يستفيد فيها الكيان من ربط وتوجيه موارد وثروات دول الخليج بيد الكيان.

كما استكمل تفخيخ الوضع الداخلي بالاختراقات وأزمات الدمار الذاتي على كل الصعد  والمستويات ، حيث كان الاقتصاد والجنيه يتعرض لحمام دم من الأزمات المفتعلة والابتزاز السياسي والاقتصادي الذي شهد ذروته نهاية ٢٠٢٣ وتجلى هدف المرحلة من ذلك الابتزاز تفكيك المواقف الرافضة للانخراط في الناتو الصهيوني وتقديم مصر وجيشها قربانا للصهاينة ، في لحظة لم تكن تفصل مصر عن تفجير أزماتها وخنقها وتمزيقها سوى تحديد ساعة الصفر ، لتحقيق غاية الكيان الصهيوني باعتبار مصر  مصدر تهديد وجودي غير قابل للتنبؤ يهدد الكيان ويهدد طموح السيطرة والزعامة الإقليمية كما هو بقية الدول العربية والإسلامية المتحمس حكامها الحمقى لتقديمها قربان للصهاينة.

 

الشرق والغرب تحت مطرقة الابتزاز:

روسيا:

دوليا تصاعدت تلك الفترة نهاية ٢٠٢٣ بتصعيد الناتو الغربي الاستفزازات ضد روسيا في أوكرانيا ، وحدوث محاولة الانقلاب من شركة فاغنر على الحكومة الروسية ، حيث كان الملفت إلى جانب ذلك التزامن للحدث مع أحداث منطقتنا ، إن مالك فاغنر اليهودي كان متهما بأنه حلقة الوصل بين بوتين ومهندس الصفقة مع نتياهو وبن زايد القوى الانجيلية الخ في أمريكا التي دعمت صعود ترمب ٢٠١٦ وكان من نتائج اتفاق التهدئة منيسك الذي وصف فيما بعد أنه كان اتفاقا مفخخا ضد روسيا.

الصين:

الصين شهدت تلك الفترة تحريك أزمة ديون أكبر شركة للتطوير العقاري التي كان يشكل خروج أزمتها عن السيطرة تهديدا بانهيار مالي عالمي وأزمة اقتصادية في الصين.

إلى جانب تصاعد الاستفزازات الأمريكية والتايوانية والفلبينية ودول أخرى شرق أسوية بشكل متزامن ضد الصين.

 

أمريكا وأوروبا:

كما شهدت أمريكا انهيارات البنوك وارتفاع التضخم والأسعار وبالذات الوقود شهدت في تلك الفترة أوروبا ذروة من الأزمات الاقتصادية والديون التي هددت بالانهيار الاقتصادي والسياسي وخروج الاحتقان الشعبي والأزمات الاجتماعية عن السيطرة ، وقد تعددت عوامل الأزمات المركبة والمتفاقمة الناجمة عن تبعات كورونا وقطع موارد الطاقة الرخيصة من روسيا الذي منح أوروبا امتياز الاستقلالية والقدرة التنافسية.

والأكثر حيرة هو الدور الاقتصادي الأمريكي الرسمي والخاص في مفاقمة الأزمات الأوروبية وابتزازها من خلال توفير بدائل الطاقة الروسية من أمريكا بأسعار مضاعفة عن الأسعار العالمية والأمريكية ، والعقوبات الأمريكية التي جردت  شركات الصناعة والتكنولوجيا  في أوروبا من القدرة التنافسية في السوق الأمريكية ، وسياسة الاستغلال والابتزاز السياسي المفرط للشركات المأزومة والبنوك والحكومات الأوروبية في تمويل الديون التي اتبعتها البنوك وصناديق الاستثمار التي في الغالب يديرها اليهود أمثال بلاك روك وأخواتها.

ولم يتبق مع أوروبا كمصدر للطاقة مستقر يمنح نظامها السياسي آخر أنفاس الاستقرار والسيطرة على الأزمة إلا ما يأتيها من الشرق الأوسط وبالتحديد من دول الخليج وإيران والذي يمر في الغالب عبر البحر الأحمر. والذي يعني فقدان هذا الشريان والمصدر بالنسبة لها خروج الأزمات عن السيطرة وانفجار الوضع الداخلي المحتقن طولا وعرضا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا يعززها صعود اليمين القومي والديني المتطرف الذي تشكل أجندته شرارة التدمير الذاتي للنظام السياسي في أوروبا وغرقها في الفوضى والتمزيق والحروب .

 

نظرية الحياد الإقليمي

منذ اشتعال الحرب الأوكرانية الروسية ، واليسار الديمقراطي يضغط على الإدارة الأمريكية لمطالبة الكيان الصهيوني بموقف صريح ضد روسيا في ظل موقف عن اتخاذ أي موقف ضد روسيا على خلفية الأوكرانية عبرت عن تمرد على النهج الغربي.

الأمر الثاني الذي طلب اليسار من الحكومة الأمريكية اتخاذه هو فرض عقوبات على السعودية لرفع إنتاج النفط ضمن سياقين الأول الاصطفاف مع الغرب لإعلان الحرب النفطية ضد روسيا وإضعاف الأخيرة بتجريدها من أهم أوراق قواتها الاقتصادية كما حصل في ٢٠١٦ عندما ضمت روسيا القرم ، وخفضت السعودية أسعار النفط إلى أقل من ثلاثين دولار.

السياق الثاني : احتواء أزمة ارتفاع أسعار الوقود في أمريكا التي تحاصر حكومة بايدن وحزبه بحقل من الأزمات والضغوط الداخلية.

ورغم التمنع والتمرد الصهيوني وعجز منظومة الديمقراطي الحاكمة في البيت الأبيض عن تطويعهم تجلى رضوخ أمريكا بايدن لأمرين:

الأول : الالتزام بمثابرة لاستكامل مسار التطبيع وتشكيل الناتو الصهيوني مع دول الخليج وبالذات السعودية والذي أخذ وتيرة متسارعة بموجهات أعلى من حسابات حاكم البيت الأبيض الذي كان يمر منذ وصوله للحكم  بذروة الأزمة في العلاقات والتصادم مع بن سلمان ونتياهو حلفاء ترمب في معركة مصيرية في الداخل الأمريكي هددت هيكل  الديمقراطية والنظام السياسي في أمريكا.

الثاني: القبول بتموضع السعودية والكيان الصهيوني وكان سينسحب ذلك على الناتو الصهيوني تجاه الصراع بين روسيا والغرب وفق نظرية الحياد الإقليمي التي كان يسوقها نخبة التصهين والمتصهينين وتجلى ذلك إبان زيارة بايدن للكيان الصهيوني والرياض في ما عرف بزيارة الإذلال والرضوخ.

 

سيناريو الحرب الإقليمية قبل السابع من أكتوبر

يبدو أن التحضيرات كانت ترسم مسارات الحرب وفق السيناريو التالي:

- ساعة صفر أمريكية صهيونية في لحظة غادرة ربما لن يتم مشاركتها مع بقية الدول المنخرطة ،  تكرر ضد إيران سيناريو عدوان ٦٧ على مصر وإشعال الداخل الإيراني بالاضطرابات التي كانت تشهد احتقان على خلفية أزمات مفتعلة ومركبة.

- توظيف موقع ودور دول الخليج والأردن أعضاء الناتو الصهيوني المفترضين كحائط صد وحامية أمامية للكيان الصهيوني ومنصة متقدمة لشن العمليات ضد إيران.

فيما تقوم مصر بنشر جيشها البري في المناطق المواجهة مع اليمن وإيران أيضا الانخراط في الحملة عبر البحر الأحمر لاحتلال المناطق الساحلية الغربية في حجة والحديدة وما حولها.

- تحريك التركي للعدوان على الدولة السورية لتأمين ظهر الكيان الصهيوني بتعطيل واستنزاف سوريا وإفقادها قدرة التصدي للعدوان الصهيوني أو فتح جبهات ومسارات للمعركة ضد الكيان الصهيوني وقطع الإمداد اللوجستي عن لبنان المقاومة. أيضا إغراق واستنزاف الحشد والمجتمع والمقاومة العراقية بجبهة فتنة داخلية وعدوان خارجي متعدد المصادر.

ومن أجل ذلك لابد من تهيئة بيئة إقليمية ودولية لإشعال المنطقة من خلال 3 مسارات :

الأول : تحييد الدور الروسي والصيني الذي يقود مسارات تسوية ويشكل عوائق وكوابح للتصعيد وبالذات لتركيا في سوريا ، وبين دول التحالف ضد اليمن وبين صنعاء، وبين الخليج ومصر مع إيران.

بالإضافة إلى دورهما في تشديد حساسية التوازن الجيوسياسي وتثقيل المخاطر المباشرة عليهما وتبعاتها على الغرب الناجمة من الإخلال بهذه التوازنات.

الثاني: جر الغرب إلى الحرب قربان لخرافات الصهاينة بحسابات انتحار محظ في لحظة قاتلة رؤس الغرب وأمريكا وحزب بايدن مطلوبة للجميع والمقامرة يعني الذهاب إلى نتيجتين الأول انفجار أزمات الدمار الذاتي وانهيار الهياكل الجيوسياسية ونظام ومؤسسات الديمقراطية والأمنية والغرق في فوضى وحروب أهلية ، وتمكين خصوم الغرب من إعادة تشكيل خارطة الغرب ومستقبل العالم.

الثالث:  فقدان الجميع حساباتهم والذهاب نحو الانفجار الدولي الكبير بهرمجدون ثالثة نووية يسقط الكبار بعضهم بعض بالضربة القاضية في معركة لن يخرج أحد منها منتصرا أو واقفا على قدميه.

وربما كان هذا هو متطلب الصهيوني في مرحلة لاحقة بعد أن يستتب له الأمر بالسيطرة على الشرق الأوسط الذي يمثل قلب العالم ليكون منصة لتشكيل العالم أو ما تبقى منه بعقيدة خرافة الحق المقدس في التفرد بالعالمية بعد إزاحة الشرق والغرب ببعضهم.

 

 سبعة أكتوبر المجيد

لقد تجاوزت أبعاد عملية طوفان الأقصى في فلسطين في السابع من أكتوبر ضد الكيان الصهيوني من بُعد الانتصار للحق الفلسطيني إلى دور المنقذ إقليميا وعالميا للجميع بتناقضاتهم ، وفتح مسار التسويات المنصفة والحلول الجذرية والتحول الدولي الآمن نحو عالم منصف متوازن يفرض مبدء النظام والقانون .

كما وفرت فرصة لتفكيك مسارات التصعيد والحروب الكبرى ، وتفكيك أطماع خرافات التطرف الصهيوني ومنظومة الابتزاز العابرة للحدود والقارات والهويات، الذي يشكل طرفا ثالثا يمتلك جيوبا ظلامية نافذة  بين القوى والمشاريع الدولية ، وتهديدا جماعيا يتربص بالجميع.

 

ما بعد السابع من أكتوبر

بعد أكثر من عشرة أشهر من حملة الانتقام والإبادة الصهيونية للشعب الفلسطيني الأعزل في غزة والضفة التي تحولت إلى مستنقع مميت ابتلع جيش الاحتلال وفككت هياكله المتصدعة وأطلقت العد التنازلي للزوال.

يقابلها عشرة أشهر من الصبر على مظلومية وخذلان تجاوزت كل تصور وخيال ، تكسرت آهاتها على حجرة الصمود والاستبسال الفلسطيني في تجسيد بهي وحجة لصدق الإيمان بالحق والوعد، ومصاديق التأييد الإلهي ..

 

اليوم:

يماطل العدو الصهيوني وهو يستخدم الامريكي ودول عربية محارم لمسح مؤخرة نتياهو بشكل مخز ومهين ومذل ،لشراء الوقت من أجل التالي:

أولا : إعادة ترميم داخل الكيان صهيوني المفخخ بأزمات الدمار الذاتي والمستنزف اجتماعيا وسياسيا ونفسيا وماديا وإخضاع الجميع لموجهاته الانتحارية في المراهنة بالبقاء وبكل شيء في مقامرة إشعال المنطقة والسيطرة عليها والقضاء على الخصوم وتمزيق وإعادة هيكلة الدول التي تشكل مصادر بأوازنها الإقليمية والجيوسياسية تهديدا مستقبليا على تفرده بالسيطرة إقليميا ، بعد الاستغناء عن خدماتها وتقديمها قرابين في معركته.

ثانيا: إعادة انتاج النفوذ والسيطرة غربيا بعد الانكشاف ، ومسابقة الزمن لقمع واحتواء طوفان السخط والتمنع ، والتوجه بمحددات ابتزاز حاد صريح لإخضاع الجميع في الغرب وفي منطقتنا وبالذات التركي والسعودي لموجهات صفقات بيع الوهم ، أو سكاكين ابتزاز قهرية خارج إرادة ورغبات وحسابات الكل لضمان جر الجميع للحرب في لحظة إشعالها..

ثالثا: تحييد الدور الروسي في التسوية بين تركيا وسوريا أمام هندسة الصهيوأمريكي عبر صفقات الابتزاز مع دوائر صناعة القرار لدفع  الوضع نحو التصعيد.

ويبدو أن السلة الصهيونية هي من تقطف التصعيد الانتحاري الأوكراني داخل الأراضي الروسية وتصعيد التهديدات النووية ( استهداف المفاعلات والمحطات الروسية) والسماح الغربي باستهداف الأراضي الروسية والمواقع الحساسة بالصواريخ الغربية.

والحاجة الروسية لبديل نقل الغاز الروسي إلى أوروبا والهند بعد انتهاء عقد النقل عبر أوكرانيا ، والبديل المتوفر أذربيجان التي تشكل المنصة الصهيونية غير قابلة للتقاسم حتى مع التركي الذي يوفر لها الحماية.

ولن تكون الطبخة الصهيونية بعيدة عن زيارة الرئيس الروسي بوتين إلى أذربيجان بعيدة عن معرض اللقاءات والزيارة الملفته والمثيرة للحيرة والتي  لم تتطلب مخاطرة  من قبل رئيس دولة عظمى مهدد بالاغتيال إلى دولة لا تمتلك أدنى معايير الضمانات الأمنية من الاختراق الغربي .

رابعا : مؤشرات حملة الابتزاز بشكل مهين ومذل بالوزن الثقيل استخباريا وسياسيا من الإعلام الغربي لبن سلمان ، تتهم بن سلمان بمحاولة اغتيال الملك عبدالله وأن كل من حوله يريدون تصفيته.

وسبقها حملة إعلامية غربية تدعي أن بن سلمان كشف لمسؤولين غربيين أنه مستهدف بالاغتيال والتصفية في حال مضى في التطبيع وأن كل من حوله يريد تصفيته، كل ذلك يحمل في طياته حبكة تمهد لموجة من التصفيات قد تستهدف بن سلمان ، أو قد توفر غطاء وذريعة لتصفية كل صوت وموقف في الأسرة الحاكمة من إخوانه وغيرهم ، قد يشكل اعتراضهم عائقا أمام التطبيع والتصعيد الذي سيقدم المملكة قربان للصهاينة بذريعة التآمر مع المعارضة الهاربة في الغرب في التخطيط للانقلاب والسعي لاغتياله .

ويبدو أن الصهيوني يسعى لتحريك ملف التطبيع وضم السعودية للناتو الصهيوني ولكن بطريقة قسرية بالانخراط في المعركة بشكل مباشرة دون مقدمات.

 

قمع وتفكيك مسار إشعال المنطقة والعالم

من الحقائق البديهية أن الكل مستهدف وعلى رأس قائمة أولويات الصهيوني من خصوم وأصدقاء وحلفاء في المنطقة والعالم ، والحل برؤية جامعة تتقاطع عندها حسابات مخاوف وسقوف الجميع  بإسقاط التطرف الصهيوني بالضربة القاضية كنتيجة طبيعة مشروعة لفاتورة ثقيلة من جرائم الإبادة وانتهاك وتهديد والعدوان والاستباحة بالاغتيالات على سيادة دول إقليمية سيفتح أبواب الفوضى بما يخرج الصراعات الكبيرة والصغيرة عن السيطرة.

وقطعا أن محور المقاومة سقف زمني لن يمنح العدو فرص إحراق الوقت والفرص والتسويات لقمع ومعاقبة العدو الصهيوني بمستوى لبنان أو مستوى المحور.

والمطلوب المستطاع من القوى الإقليمية المطلوبة رؤسهم للصهاينة قربان وتهديد ان تنسجم مع سقف استحقاقات اللحظة التي لا تتطلب منها إلا المواقف التالي:

أولا : تركيا  الانسحاب من سوريا أو أقله الالتزام بضمانات ميدانية وسياسية وأمنية صارمة بعدم التدخل في الشؤون الداخلية السورية وعدم الانخراط في العدوان على سوريا.

والالتزام بجدولة الانسحاب وتنفيذ الاتفاقات للقضايا المشتركة وهذا يستوجب مواقف شفافة وصريحة من الشعب والنخب تشارك الحكومة وصناع القرار في تركيا إدارة الموقف التركي وعدم ترك الأمور للغرف المظلمة.

المطلوب السعودي:

السعودية رأسها مطلوب وبن سلمان بالذات والحضن الصهيوني أكبر التهديدات الشخصية والاستراتيجية عليه وعلى المملكة.

وما يعمل عليه غربيا لإطلاق موسم مرثون التنافس لتمزيق المملكة أمر محضر له جيدا ومعد لما بعد الاستغناء عن خدمات المملكة وبن سلمان ودخول السعودية مربع الدور القادم عليها.

وهو الآن مجرد بروفات فقدت فرصها بعد سبعة أكتوبر المجيد ، ولم تعد احتمال تهديد جدي ما لم يصر بن سلمان على وضع رقبته ورقاب الأسرة الحاكمة والمملكة في شرك  الصهاينة بالانخراط في مسار التصعيد الصهيوني ، أو استمرار المماطلة في استحقاقات السلام مع صنعاء.

والمطلوب من السعودية ومعها دول الخليج في المرحلة الراهنة شيء واحد ولمرة واحدة فقط عاقبته تذكرة الريادة الإقليمية والدولية لقرن قادم وهو إنقاذ رأسها المطلوب للصهاينة باتخاذ مواقف صارمة تمنع العدو الأمريكي والصهيوني من استخدام أراضيها وأجواءها للعدوان.

وفي حال قرر العدو الصهيوني الذهاب لتصعيد الحرب عليها الاستجابة بسرعة وقف إمدادات النفط مباشرة باعتبار ممرات الملاحة غير آمنة ، لأنها إن لم توقفها سيوقفها محور المقاومة ولو تطلب قصفه للآبار وسيجر معه شرارة تجر السعودية إلى مربع التصعيد قربان الصهاينة.

وبعدها تترك التضحية والمواجهة معصوبة بعد الله في رأس محور الجهاد والاستشهاد.

وهذا سيوفر فرصة لمنع انزلاق المنطقة لحرب كبرى مفتوحة وفوضى عارمة تفتح أبواب الجحيم على الجميع وتفقد الكل السيطرة على أوراقه وحساباته.

 

المطلوب من مصر:

الانفراجة الاقتصادية ليست إلا مظهر مظلل لحسابات ، قابل للانتكاسة وسلامة رأس مصر وجيشها وشعبها يتطلب محددات رئيسية تؤكد تفخيخ الألغام الداخلية ، أهمها إطفاء الحرائق في الجوار التي تكشف ظهرها ، وتسليم دول المنبع باستحقاقات الأمن المائي الاستراتيجي لمصر والسودان ، وهذا ما لم يحدث ولا يبدو أن الأمر قريبا من التحرك نحو ذلك.

وطوق النجاة الوحيد والأخير لمصر هو غزة وغزة فقط ، ولا فرص لمصر بعدها ولا قيمة ولا أهمية ولا فاعلية لاستخدام جيشها لأنها مفخخة بطوفان من الأزمات والتهديدات أبرزها مخاطر الفتنة والأزمة والفوضى والانقسامات الاجتماعية والسياسية والعسكرية.

ومن هذا المنطلق على أحد في مصر أن يتحرك للانسجام أو أقله مباركة قمع ولجم الاحتلال الصهيوني وتعطيل أي جهد غربي لخلق ظروف تعقد الصراع وإطالة أمد أي جولة ،  ومنع الصهيوني من الالتفاف إقليميا عبر تركيا أو دول الخليج.

 

المطلوب من الصين وروسيا:

الصمود واتخاذ مواقف صارمة لحماية مجالها الحيوي والاستراتيجي وهذا سيعزز فرص إحباط أي تهور أمريكي وغربي بل وسيمنح رؤس الغرب المفخخة بأزمات الدمار الذاتي  طوق نجاة وإنقاذ من التورط في مستنقع مميت  أقل مخاطره المتحققة قطع آخر شريان طاقوي يمد الغرب بآخر أنفاس الاستقرار.

 

خلاصة حسابية:

العامل المشترك بين أوكرانيا والكيان الصهيوني

أن الأولى صاعق لتدمير الكبار ببعضهم نوويا.

وأن الثانية منصة ومركز النظام العالمي الجديد بعقيدة خرافات الحق المقدس وشعب الله المختار ومملكة الرب في التفرد بالعالمية بعد إعادة هيكلة جغرافيا المنطقة بما يتناسب مع أمن أطماع الزعامة الصهيونية.

ختاما:

يبقى المهم في هذه اللحظة أن بيد شعوب وحكام منطقتنا العربية والإسلامية والشرق فرصة لقمع هذه الحرب وعدم الذهاب لدفع كلفة وبإمكاننا تحقيق الهدف النهائي بإحقاق الحق الفلسطيني وتفكيك هذا التهديد وتركه للاندثار الذاتي بأقل الكلف سواء بردع يبتلعه العدو وهذا لا يفترض إلا أدنى السقوف وأبسط الأدوار من الجميع ولا يتطلب كلفة أو تحديات أو انخراط في تحالفات كبرى.

وحتى وإن ذهبت شعوبنا الآن إلى جولة مفتوحة ستكون قصيرة وكلفتها أقل لا تمتلك أنفاس الاستطالة مقابل ذهابنا لحرب كبرى بتوقيت وظرف العدو وإن كان مجرد ترميم استراتيجيات متهالكة.


طباعة  

مواضيع ذات صلة