في ذكراها ال 57 .. نكسة حزيران 1967.. وقائع وأهداف ونتائج !

علي الشراعي
كان العدوان الثلاثي على مصر عام 1956م من قبل بريطانيا وفرنسا والكيان الصهيوني نقطة التحول الكبرى في اتجاه الأحداث وذروة الصدام بين الأهداف العربية المشروعة والأهداف الاستعمارية والتي أدت بدورها إلى نكسة 5 حزيران 1967م ..

في ذكراها ال 57  .. نكسة  حزيران 1967.. وقائع وأهداف ونتائج !

فقد خطط الكيان الصهيوني لحرب 5 حزيران 1967م منذ أمد بعيد بناء على دوافع اقتصادية وديمغرافية وتوسعية ومائية وأعدت القوى اللازمة بتأييد أمريكي وانتظر الوضع الملائم الأفضل لتحديد ساعة الصفر لشن الحرب .

توازن القوى
خرجت مصر من العدوان الثلاثي عليها في أكتوبر 1956م منتصرة سياسيا وتمثل انتصارها في اضطرار بريطانيا وفرنسا إلى الانسحاب دون أن يحققا غرضهما , باستثناء ضمان الولايات المتحدة الأمريكية لهما برية الملاحة في خليج العقبة عن طريق وجود قوات الطوارئ الدولية في شرم الشيخ وبالقرب من مضيق تيران بعد انسحاب القوات الصهيوني منها . وكانت هذه هي المرة الأولى التي لا تحقق فيها الحرب نتيجة حاسمة للطرف المنتصر عسكريا , ويرجع ذلك إلى وجود طرف دولي جديد متمثل في توازن القوى بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية , أصبح من الممكن له أن يؤثر في نتائج الروب المحلية التي تخوضها دول صغرى يعتدي عليها من دول أقوى منها ومتي استمرت إرادة الصمود السياسي لدى الدولة الصغرى المعتدى عليها رغم خسارتها للجولة العسكرية . وبذلك أصبحت نتائج حرب السويس عام 1956م نقطة تحول كبرى في نضال الشعوب ضد السيطرة الاستعمارية.

الإعلان الثلاثي
حرب الأيام الستة كما يطلقون عليها الكتاب والمؤرخين ( نكسة 5 حزيران 1967م ) , هي إحدى حلقات سلسلة طويلة من أحداث داخلية وخارجية , هزت التوازن العالمي والإقليمي , الذي ساد بعد زرع الكيان الصهيوني في المنطقة وفرض وجوده , وكان من أهم محددات هذا إعلان ثلاثي أصدرته الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا في عام 1950م , بغرض حماية الكيان الصهيوني وتأكيد حدوده التي وصل إليها عبر اتفاقية الهدنة عام 1949م وليس حدود التقسيم عام 1947م , كما قدمت واشنطن الدعم العسكري و الاقتصادي للكيان الصهيوني وكذلك لصياغة توازن إقليمي لصال الكيان , ينظم التسلي في المنطقة بطريقة تمنع قيام أحد الأطراف برب أخرى , فكانت هذه محاولة من أجل فرض صلح وتطبيع بين الدول العربية والكيان الصهيوني ليصبح بموجبه عضوا في العائلة الإقليمية . لذلك فإن هذا الإعلان الثلاثي شكل العمود الفقري للاستراتيجية الغربية لفرض هذا الجسم الغريب في المنطقة . وهي استراتيجية بدأت بتنظيم التسلح والسيطرة عليه , ثم سباق التسلح حينما دخل الاتحاد السوفيتي في منتصف الخمسينيات إلى المنطقة العربية , ثم انتهت بالإصرار على تدمير الترسانة العربية للعودة مرة أخرى لفرض الجسم الغريب في ظل اختلال توازن القوى لمصلحة الكيان الصهيوني .

التواطؤ الأمريكي
ارتبطت السياسة الخارجية الامريكية تجاه المنطقة العربية منذ الخمسينيات من القرن المنصرم بالنظر إلى المنطقة من ثنايا الصراع بين الشرق والغرب . وقد حاولت امريكا فب بداية الأمر القيام بملء الفراغ بصورة مباشرة من خلال اقامة سلسلة من الاحلاف العسكرية وترتيبات الأمن الاقليمي الموالية لها . غير ان ذلك فشل وبدأت واشنطن تلجأ إلى اسلوب غير مباشر لملء الفراغ من خلال الاعتماد على قوة الكيان الصهيوني عن طريق امداده بكافة اشكال العون والدعم العسكري والاقتصادي والسياسي باعتباره دعامة أساسية من دعامات الدفاع عن المصالح الامريكية في المنطقة وقد تمثل الدور الصهيوني في تلك الاستراتيجية الامريكية الشرق أوسطية في اعتماد الولايات المتحدة على قوة الكيان الصهيوني للدفاع عن المصالح الامريكية في المنطقة إذا ما تعرضت لتهديد من جانب إحدى القوى الاقليمية في الشرق الاوسط تجنبا للتدخل الامريكي المباشر في المنطقة . وتعتبر نكسة 5 حزيران 1967م , من الامثلة البارزة على مدى فعالية الدور للكيان الصهيوني في الاستراتيجية الامريكية في المنطقة . فحينما تزايدت قدرات عبدالناصر واتسعت طموحاته وتحركاته على الساحة العربية بشكل يعرض المصالح الأمريكية للخطر قام الكيان الصهيوني بالتعامل مع مصدر التهديد الاقليمي بهدف القضاء عليه .
حيث يتضح من ملاحظة السلوك الامريكي قبل واثناء وفي اعقاب نكسة 1967م . أنه كان ثمة تواطؤ أمريكي – صهيوني وراء تلك النكسة . ومن تلك الشواهد التي تؤكد صحة ذلك التواطؤ الامريكي . ففي اثناء المراحل الأولى لتصعيد الصراع طلب البيت الابيض من البنتاجون تقريرا عن مدى امكانية احراز الكيان الصهيوني لنصر مؤكد وسريع إذا ما شن هجوما على الدول العربية . وبالفعل فقد قدم الجنرال ( إيرل هويلر) رئيس هيئة الاركان الامريكية تقريرا إلى الرئيس جونسون قبل اشتعال الحرب بعشرة أيام جاء فيه : ( إن الإسرائليين سيكسبون الحرب خلال ثلاثة أو أربعه أيام إذا قاموا بالضربة الجوية الأولى بنجاح ) . وقد قام القادة العسكريون في البنتاجون بإبلاغ ( أبا إيبان ) بتلك المعلومات خلال الزيارة التي قام بها لواشنطن قبل بدء الحرب . كذلك فقد أكد وزير الخارجية الصهيوني أبا بيان : ( إن الولايات المتحدة أكدت لي تأييدها للإجراءات التي تتخذها إسرائيل لفتح خليج العقبة ) . وهكذا يتضح أنه بينما كان الرئيس جونسون عل علم تام بإقتراب وقوع الهجوم الصهيوني على مصر وسوريا فقد كان يؤكد للدول العربية على تصميم الولايات المتحدة على منع العدوان أيا كان مصدره . وفي 30 مايو 1967م وخلال الزيارة السرية التي قام بها مدير المخابرات الصهيونية لواشنطن أوضح له المسؤولون في البنتاجون وسي أي أيه أنه : ( إذا تصرفت إسرائيل بمفردها وحققت إنتصارا حاسما على العرب , فإن أحدا لن ينزعج في واشنطن ) . وهذا بمثابة ضوء اخضر من الولايات المتحدة إلى الكيان الصهيوني بالتحرك بشن عدوان ضد العرب .

حاملتا الطائرات
عسكريا فقد تحركت حاملتا الطائرات ( أمريكا و ساراتوجا ) وبعض وحدات الأسطول السادس الأمريكي إلى منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط كما اقتربت فجأة وعلى غير العادة من مسرح الحرب , كما قامت طائرات النقل الامريكية بنقل كميات ضخمة من المهمات العسكرية من قاعدة ( هويلس ) الامريكية في ليبيا إلى الكيان الصهيوني واستمرت تلك القاعدة تؤدى دورا نشيطا حتي بعد بداية القتال فعلا , ذلك فضلا عما قامت به طائرات التجسس الأمريكية من عمليات تصوير واسعة النطاق للمراكز الدفاعية في مصر .

أهداف الصهاينة
في اعقاب عدوان 1956م , حدد مجلس الحرب الصهيوني الهدف السياسي للجولة القادمة ضد العرب , ليكون تثبيت أركان دولة الصهاينة على الصعيد العالمي والإطار المحلي كخطوة مرحلية في الطريق المرسوم لإنشاء بحسب زعمهم - دولة إسرائيل الكبرى . ويشكل هذا هدفا سياسيا مركبا تنبثق منه عدة أهداف سياسية - عسكرية ارادت تحقيقه في شن عدوانها على مصر وسوريا واحتلال بقيه الاراضي الفلسطينية من خلال نكسة 5 حزيران 1967م .
- إيقاع نكسة عنيفة بالطفرة العربية التقدمية التي توهج نشاطها خلال تلك المرحلة .
- إيقاع هزيمة عسكرية ساحقة بكل القوات المسلحة للدول العربية المتاخمة للكيان الصهيوني حتي يوفر له هدوء نسبي تستغله في تنمية داخلية للكيان من دون معوقات
- قلب نظام الحكم التقدمية في الدول المهزومة .
- تمييع مشكلة اللاجئين الفلسطينيين في المجال الدولي والاقليمي .
- تحقيق مكاسب إقليمية بإقامة عاصمة الكيان الصهيوني في ( القدس) وتعديل بعض أجزاء من الحدود , بما بوفر للكيان الصهيوني أمنا قوميا أفضل , وتأمين الملاحة في خليج العقبة وقناة السويس والخروج إلى البحر الأحمر .
- فرض الحل السياسي الملائم لمشكلة فلسطين من وجهة نظر الكيان الصهيوني .
- توقيع معاهدات سلام وتطبيع مع الدول العربية .

 


طباعة  

مواضيع ذات صلة