صراع الحضارات الأثنية وآثارها الكارثية..!!

صراع الحضارات الأثنية وآثارها الكارثية..!!

احمد الفقية

كل السيناريوهات الراهنة على المشهد السياسي عربياً إقليمياً ودولياً تشير إلى أن هناك"حرباً ناعمة" تُدار خلف الكواليس ضد شعوب المنطقة برمتها سواء أكانت تتضمن سيناريوهات سياسية أم اقتصادية أم ثقافية أم إنسانية..

ولذلك يرى البعض ربط الثورات بالثقافة العلمية الموجهة لتدمير تراث وثقافة وحضارات الآخرين.. هناك عدة عوامل وأسباب سيكون لها تأثيرها وتأثيراتها على ثقافات وحضارات وتراث وتاريخ الشعوب الأخرى، وهذا راجع إلى حالة التمزق والصراع العرقي والمذهبي والطائفي والجهوي بين تلك الشعوب..
لقد أحدثت الثورة الحضارية العالمية اليوم فجوة عميقة ودامية تجلت آثارها على كثير من شعوب المنطقة الذين لا يزالون يعانون  من تسارع وتيرة التقدم العلمي والتكنولوجي والصناعي الهائل، في حين تعيش المنطقة حالة تشظي وصراع محموم بين الولاءات المذهبية والعرقيات الطائفية، وهذا ما سعى إليه أعداؤنا الأوروبيون بأسلوب جديد لا يقل ضراوة وخطورة من الغزو العسكري..
لقد نحج الغزو الفكري الغربي في تفريخ جيل حاضن لحضارته وثقافته وتراثه وعقيدته واستطاع الغرب زرع بذور التشكيك والإلحاد في عقول ونفوس بعض تلك الشعوب بأن حضارتهم عفى عليها الزمن ولم تعد صالحة لمواكبة عصر التطور.. من هنا نقول: لابد من بناء جسور الثقة بين أبناء الشعوب العربية والإسلامية وصدق الفاروق القائل: "لقد كنا أذل قوم فأعزنا الله بالإسلام ومهما ابتغينا العز في غيره أذلنا الله".. ليست العبرة بالكثرة الهائلة، وإنما بالقلة السالكة لطريق الحق والهدى، وصدق المولى العلي القدير القائل: (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله) سورة البقرة "242"..
لذا لابد من العودة لإحياء التراث الإسلامي والحضاري والثقافي والتراثي، وتبصير الأجيال بتلك الانجازات العظيمة ليستعيدوا مجدهم وثقتهم بأنهم أهل حضارة وتراث وثقافة وتاريخ عريق ومجيد.. هناك مرحلة مهمة وهي من أهم الأولويات ألا وهي مرحلة التخطيط الاستراتيجي القائم على أسس علمية ودراسات ميدانية شاملة وكاملة، وبأياد مؤهلة ومتميزة قادرة على العطاء والإبداع، مع توفير إمكانيات مادية كافية لمواجهة التعامل مع أي تحديات تقف أمامها.. فيكفي ما تمر به معظم الدول العربية من تضاعف عدد هجرة العقول من ذوي التخصصات العلمية النادرة الذين يقدمون إبداعاتهم واختراعاتهم للغرب ودول أوروبا وأسيا بعد أن رفضتهم دولهم وبيئاتهم بسبب مشاريعهم المبدعة والمتميزة ولعدم توفير الإمكانات اللازمة.
صفوة القول:
هذه المعطيات كلها تتطلب وجود إدارة مؤهلة ومتخصصة ونزيهة وفاعلة وقادرة على العطاء والإبداع، ولن تتفاعل تلك المعطيات إلا بوجود منظومة متكاملة من تكنولوجيا الاتصال والمعلومات والتقنية العالية مع الاهتمام بمتطلبات الجمهور والرأي العام، وهذا يتطلب تكاتف كل الجهات المعنية، ما سيؤدي مستقبلاً إلى نمو وتطور العلاقات بين الأمم والشعوب العربية لذا علينا أن نُعطي طبيعة المرحلة الراهنة والظروف التي فرضتها عولمة العلاقات بين الدول والشعوب والمجتمعات التي تقوم أساساً على القيادة الرشيدة والاحترافية والاهتمام بقضايا الشعوب والأمم..
وفي ظل وجود مافيا إعلامية مؤدلجة تقوم بخدمة أنظمتها الحاكمة، وتصوغ أهدافها وفق أيدلوجيتها الفكرية والمذهبية والعقائدية.. وهذا ما سيؤدي إلى اتساع دائرة الصراع وتفاقم الأوضاع وما يتبعها من سلبيات وآثار كارثية قد تقود شعوب المنطقة إلى حرب أهلية مدمرة..
لذا فالطريق الوحيد لمواجهة تلك الأخطار هو غرس بذور التربية الإيمانية في قلوب ونفوس الأجيال الناشئة وعلى رأسها الأسرة المسلمة التي هي النواة الأولى في المجتمع فمتى صلحت، صلح المجتمع، ومتى فسدت فسد المجتمع، ومتى استقر الإيمان في القلوب صدرت الأعمال الصالحة والأخلاق السامية.
فالعالم اليوم يتجه إلى السقوط المروع أخلاقياً وعقائدياً واجتماعياً وثقافياً كل هذا بسبب الفضاءات المفتوحة وصراع الحضارات وتباين الثقافات فالحذر الحذر.. حصنوا الأجيال بالقيم والمبادئ المستمدة من عقيدتهم قبل أن يحاصروا بتلك الأفكار المؤدلجة الساقطة.. فالقادم أخطر وأدهى..!! 


طباعة  

مواضيع ذات صلة