خواطر سرية: (ما يجب قبل التفاوض)

خواطر سرية: (ما يجب قبل التفاوض)

العميد عبدالسلام السياني

رن هاتفى وقمت بالرد عليه فاذا بالمتصل يقول معك مكتب ابو احمد (محمد على الحوثى).. تفاجأت.. وواصل المتصل كلامه قائلا:

لقد تم اختيارك ضمن فريق التفاوض وعليك الاستعداد للذهاب للمشاركة في المفاوضات القادمة.
اقفلت المحادثة واذا بي احدث نفسي لماذا تم اختياري وبدأت اجهز  ما يلزمني للسفر.ِ

في اليوم التالي توجهت لمكتب المجاهد الكبير ابو احمد وفتح لي باب مكتب دخلته واذا به مفترشا حصيرة وجالساً على الارض والتفت إليّ قائلا:


لقد تم اختيارك لتكون معنا ضمن وفد المفاوضات كونك متخصصاً ولديك خبرة في الشؤون السياسية.. فأهلا بك.
توجهنا الى المطار واذا بي أجد عددا كبيرا سيشاركون كأعضاء في الوفد وفيهم الكثير من النخب والقيادات تعلو وجوههم ملامح العزة والكرامة فخورين بالنصر والتمكين.
أمام هذا المشهد حدثت نفسي مسبحا الله ومتسائلا:
كيف ستكون المفاوضات؟ وهل سيكون احد اطرافها المرتزقة؟
مجيبا على نفسي.. ستكون اذا مفاوضات فاشلة.. خبرتى ومعرفتي وتخصصي التي أعدها من خواطري السرية تقول أن اي مفاوضات مع غير المعتدي وراعي ومؤسس العدوان وقائده فلن تكون الا عبثا.. وستكون كذلك ايضا اذا لم تكن معلومة الاولويات والاهداف.. وهذه هي الخطوة الاولى التي يجب اتخاذها.. ومن ثم تأتي الخطوة الثانية بعد الاتفاق على الاسس الرئيسية والعامة والسيادية.. ومن ثم لا مانع أن يشارك المرتزقة في المراحل الاخيرة للتفاوض.. على ان يتعرضوا للضغوط الكبيرة من سادتهم ومموليهم ليوقعوا على ما سيتم الاتفاق عليه كبنود للحوار رغم انوفهم دون انتقاء او انتقاص او اضافة..
وحينها اذا تحقق ذلك فلا بأس.. وهذا سيعني ان الحكومة السعودية قد اخذت الإذن بالسلام مع الشعب اليمنى العظيم من الذين زجوا بهم في حرب هم الهدف الرئيسى منها..
صعد اعضاء الوفد على الطائرة الخاصة المعدة لنقلهم الى البلد التي سترعى المفاوضات بعد ان تم تفتيشها وفحصها من قبل رجال الله في مطار صنعاء الدولي وتم تأمينها وحمايتها واخذ الضمانات بعدم الاعتداء عليها من اي كان سواء كان معاديا او دولة بالخطاء او الصواب لأن الثقة بأولئك الذين لم يخجلوا من الله ورسوله وارتكبوا جرائم يندى لها الجبين واهلكوا الحرث والنسل واعتدوا على اضعف المواطنين وافقرهم بما فيهم المكفوفون..
فكيف نثق بمثل هؤلاء القتلة المجرمين والذين لن نتحاور معهم الا استجابة لبيان الله  (وإن جنحوا للسلم فإجنح لها)ِ..
اقلعت الطائرة متجهة الى بلد التفاوض.. وفي ذهني تدور خاطرة مفادها بما أن السبع السنوات لا يمكن للعدوان ان يضيف لها سنة ثامنة لأن ذلك سيتسبب في زوال حكومات ودول وتختلف وتضطرب كيانات على المستوى الاقليمي والدولي..
هبطت بنا الطائرة في البلد الراعي للتفاوض وتفاجأنا باستقبال كبير جدا لم نكن نتوقعه واهتمام غير عادي كان الهدف منه على ما يبدو ابهار اعضاء الوفد الوطني المفاوض وامالتهم.. لكن ذلك لم يؤثر فيهم كون قلوبهم قد ملئت بالعزة والإباء.
وبينما كنا -أعضاء الوفد- شامخين معتزين بمواقفنا وصمودنا كان بين الفينة والأخرى ينظر إليّ الأخ أبو احمد بنظرات فيها استفسار واستفهام الرجال التي هي لغة الرجال في مواقف الجد وكأنه يقول سيمكننا الله منهم لأنهم ظلمونا وسيكون معنا من جنود الله وعنايته من يخضع تلك الرقاب المستكبرة..
فتفيئ الى امر الله.. وكنت ابادله فهم الإشارة بإشارة كان يفهمها بتوفيق من الله.
وما إن وصلنا واشرق صباح اليوم التالي حتى وافونا بجدول الاعمال والزيارات والمقابلات... واذا هو كبير ومقسم قد تم استهداف الكثير من الوفد الحر العظيم ليتم مقابلة رموز منهم لأعضاء من دول ومجالس كثيرة فيهم المخابراتي والمأجور ومن يطمح الى معرفة او دخول لتعطيل وتحريف التوجه الرئيسى او كسب ثقة أي من اعضاء الوفد.. ورغم ذلك تفاجئوا بلغة واحدة وموقف موحد عند جميع اعضاء الوفد الحر المفاوض بما لا يخرج عن المسيرة القرآنية التي من اهدافها الدولة المستقلة والتي وكأني بالشهداء قد تم تقسيمهم على كل مجموعة ليساندوا اعضاء الوفد ويشدوا من عزيمتهم..
وبالفعل كنا نرى حديثاً في كل مراحل التفاوض والحوار يخرج من مشكاة واحدة اذهلت المعتدين والوفود الاخرى المشاركة وكأن لسان حال الموقف والهدف: هؤلاء ليس لهم اجندات خاصة وليسوا متمسكين بحبل أي دولة ومطلبهم السيادة وعدم التدخل في شؤون اليمن والاعتذار وتحمل اعباء وخسائر الحرب العدوانية كاملة.. وهي المواقف والاهداف التي فاجأت الكثير من الحاضرين في كل جولة وثانية من الحوار.. الذين لاحظوا ان الوفد اليمني وفد للشعب لا يتردد في اتخاذ أي اجابة ولا يستشير احد.. لأن مطلبهم هو مطلب الشعب في الحرية والاستقلال وهمهم هو هم الشعب الذي انبثقت منه رؤى وآراء الشعب لتكون في صالح تحقيق مطالب الشعب اليمني العزيز الكريم..
وقبل الجلسة الاخيرة بيوم واحد استدعانا ابو احمد وتناقشنا معه اطراف الحديث وسدد الآراء ووجهها.. وكنا ننصت لتوجيهاته بدقة وكان في احايين كثيرة يلطف الجو بطرفة سياسية لطيفة.. وفجأة يرن الهاتف الخاص برئيس الوفد وتحدث مع المتصل وشعرنا من الاجابة التي كان فيها: حاضر سيدي وامدونا بدعائكم.. جميع اعضاء الوفد يسلمون عليكم..
بعدها سمعت اذان الفجر فصحوت من النوم وتأكد لي انها رؤيا منامية اقرب تفسير لها ان شأن اليمن وكل يمني قد ارتفع في بقاع الارض ولاحظنا قيمة الثورة المباركة وما انعم الله به علينا من العزة والكرامة وعدم الذل.. والتي كان الموصل اليها هو الاعتماد على الله في جميع فصول ومحطات الصمود والثبات.. فلله الحمد والمنة.
والله يرزق من يشاء بغير حساب.


طباعة  

مواضيع ذات صلة