"الجحملية" بين الصمود الاسطوري والخيانة

"الجحملية" بين الصمود الاسطوري والخيانة

عبدالصمد أحمد العيزري

مقدمة لابد منها للتعريف بالجحملية الجغرافية والتي تمتد من مبنى الإذاعة في حدود منطقة ثعبات جنوبا وقصر صالة شرقا والسائله غربا وادارة الامن شمالا وفي هذه الحدود الجغرافية يعيش فيها كل الاطياف الاجتماعية التي كانت متآلفة فيما بينها دون تميزاً وتفرقة عنصرية من عمال ومثقفين ومدرسين وضباط ومهندسين وشباب رياضيين وكانت الحياة في الجحملية   يتعايش فيها الجميع منهم الذي لجأ الى الجحملية هربا من ثأر يتابعه في المحافظات الشمالية فاحتمى بحماها فأمن لأن الجميع يعلم أن الثأر لايطلب ممن هم بحمى أبناء الجحملية  ومنهم من سكن الجحملية من أبناء المناطق الشمالية لأن الامام احمد يحيى بن حميد الدين سكنها وجعل تعز عاصمة لملكه فعرف لأهل الجحملية أقدارهم ومكانتهم وانتقل مع الامام أحمد أسر كبيره وكثيرة من المحافظات الشمالية منهم للعلم ومنهم لطلب الرزق ومنهم تبعا لوظيفته ومنهم القاضي ومنهم الجندي ومنهم الضباط ومنهم العلماء وكان الجميع يجد في الجحملية غايته فعاش فيها واحد من أهلها..والذي جعل من الجحملية عرين أسود ومنارات جوامع و زاوية لأهل الطريقة الصوفية ومدرسة لعلماء الشافعية وفقهائها ووطن لعلماء الزيدية ومدارسها وكل هذه الصفات تطبع فيها جميع أبناء الجحملية متعايشين فيما بينهم الزيدي يتأمم بالشافعي والشافعي يتأمم بالزيدي والصوفي ..

وتزاوجوا فيما بينهم فأصبحوا أصهاراً وأنساباً وأخوالاً وتربوا جميعا على أن الوهابية وأتباع الفكر الوهابي هم العدو الوحيد لجميع المسلمين للفتن أثاروها بين الناس خدمة لأعداء الاسلام وهو قرن الشيطان الذي ذكر في الأحاديث النبوية ومنبعه منطقة نجد التي يطلع منها قرن الشيطان وهي الرياض حاليا ..وقد عرف أبناء الجحملية هذا المذهب فتحصنوا منه بالعلم والمعرفة الشافعي والزيدي والصوفي والعامل والمدرس والضابط والموظف ..وكلهم  مثقفون وعلماء ومتعلمون ..

وقد كان الفكر الثقافي والديني لأبناء الجحملية على مدى تاريخها لكون أبناؤها على المذهب الزيدي والشافعي والفكر الصوفي يحتفلون كماهوالحال في باقي اليمن قبل دخول الفكر الوهابي الى اليمن يحيون المولد النبوي كل عام باحتفالات وموالد كثقافة دينية يحتفل بها اليمنيون عشاق النبي وأهل بيته وقد كانت ثقافة راسخة بوجدانهم ينقلها الأباء لابنائهم ويتوارثونها جيلا بعد جيل وهو الأمر الذي جعل من الفكر الوهابي عدوا لهم فكان أبناء الجحملية محاربين من قبل أتباع الفكر الوهابي منذ القدم لاحتفالهم بالمولد النبوي الذي يجتمع عليه اليمنيون وبذلك فان العداوة بين أبناء اليمن بصفه عامة وأبناء الجحملية بصفة خاصة وبين أتباع الفكر الوهابي السعودي الصهيوني هي قديمة ايضا ..وعندما جاءت المسيرة القرآنية الى الجحملية وجدت في أبناء الجحملية حاضنة لها لأن العشق لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم واحد لدى أتباع المسيرة القرآنية وأبناء الجحملية وكل مؤمن في أرض اليمن ..وقد عرف أبناء الجحملية بكل أطيافها وفقا لثقافتهم الموروثة وعشقهم لرسول الله وآل بيته عدوهم الحقيقي فأعدوا له العدة اللازمة وهذا ماظهر للجميع في ثورة 21 سبتمبر والدور الذي قام به أبناء الجحملية في هذه الثورة لكونهم أحد ركائزها وحجر الزاوية في هذه الثورة وهو ما أغاض أعداءهم أتباع الفكر الوهابي والمرتزقه وعملاء السعودية والمارات والعفافيش حيث بدأ مرتزقة العدوان برصد أبناء الجحملية وخصوصا المؤثرين الشباب المتفاعلين وبالأخص بعد عدة رحلات قام بها أبناء الجحملية الى صعدة حيث تفاعلوا أبناء الجحملية مع مظلومية أبناء صعدة أثناء العدوان عليهم من قبل نظام عفاش تنفيذا لأوامر أمريكية وسعودية عندما رفع أبناء صعدة شعار الموت لأمريكا الموت لاسرائيل اللعنة على اليهود النصر للاسلام ..فعندما صرخ بهذا الشعار قائد الثورة وشهيدها السيد حسين بدر الدين الحوثي عندما ساءه الهوان الذي لحق بالأمة الاسلامية وهيمنة العدو الأمريكي لمقدرات الأمة وتدميره للعراق أرضا وانسانا واحتلال أرضه وتدمير البيوت فوق أهلها وقتل المصلين في المساجد ونهب ثروات العراق ..وأيضا ساءه ما يحدث للشعب الفلسطيني من قتل وتدمير واعتقالات وتدنيس لقبلة المسلمين الأولى وأيضا لما راءه من هوان في الأمة العربية والاسلامية وتماهي الأنظمة العربية وحكامها وتطبيعهم مع العدو الصهيوني الأمر الذي جعله من خلال اطلاقه لهذه الصرخة لانهاض شباب الأمة العربية والاسلامية من سباتهم وغفلتهم وايقاض هممهم ورفع الغشاوة عن أعينهم وتذكيرهم من خلال هذه الصرخة بقوله تعالى "ياأيها الذين ءامنوا لاتتخذوا اليهود والنصارى اولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فانه منهم "صدق الله العظيم  وقوله تعالى"ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم " فقد قام السيد الشهيد حسين بدر الدين الحوثي من خلال هذه الصرخه الى توجيه شباب الأمه العربية والاسلامية الى عدوهم الحقيقي وعن طريق المسيرة القرآنيه التي اسسها مع الرجال الصادقين من أبناء صعدة الذين صدحوا بهذه الصرخه وملؤا بها الدنيا تذكيرا للأمة وانهاضاً لشبابها ..جاءت الاوامر للنظام السعودي والعفاشي باسكات هذه الصرخة ترهيبا بالسجون والاعتقال وبالحرب التي تم شنها على صعدة وأبنائها ست مرات دمروا فيها البيوت فوق أهلها وقتلوا النساء والأطفال بالطائرات وبمختلف أنواع الأسلحة ليطفئوا نور الله"والله متم نوره ولو كره الكافرون  وفي هذه الأثناء كانت قلوب أبناء الجحملية وألسنتهم رافضه لهذه الحرب..وبدأت رحلات أبناء الجحملية الى صعدة للتعرف على أهلها وللتعبير عن تضامنهم معهم ونقلوا تلك الصرخة الى الجحملية بشكل خاص والى تعز بشكل عام ..وافتتحوا مقرات للمسيرة القرآنية في الجحملية ..ومن هنا بدأ المرتزقة وأدوات العدوان وأتباع الفكر الوهابي برصد أبناء الجحملية عندما شعروا بخطر انتقال المسيرة القرآنية الى تعز عن طريق أبناء الجحملية فبدؤوا بالتصفية والاغتيالات لشباب الجحملية وابتدؤو باغتيال الشهيد بسام عبدالغني الجنيد تاريخ19 /10/ 2013 وهو أخ البطل المجاهد أكرم عبد الغني الجنيد الذي كان قائداً لأبناء الجحملية وشبابها في هذه المسيرة القرآنية وهو القائد الميداني لمعركة التصدي للعدوان في الجحملية ..وقد أصيب أكرم عبد الغني عدة مرات ينقل في كل مرة للعلاج ويعود ليواصل قيادة المجاهدين وفي مقدمة الجبهة وأصيب مرة ثانية وفي المرة الثالثة أصيب اصابة بلغية أدت الى رحلة علاجية طويلة تأثرت الجبهة فعليا لغيابه ولم يعد هناك رابط قوي للمجاهدين في مختلف مناطق الجحملية ..وبعدها تم اغتيال الشهيد العقيد ابراهيم عامر عباس امام النادي الاهلي  واغتيال الشهداء جميل مرسال واخر بجانبه في بوفية محمد صغير واغتيال عامر العامري في بوفية العامري وآخرون كثيرون تم اغتيالهم منهم الأخ فكري البروي وتوفيق النجار والعقيد حميد اليمني والمغربي والسلامي وعبدالملك فرج وآخرون ممن طالتهم يد الغدروالاغتيال والتصفية وهم مدونون في السجلات الأمنية وأجهزة الأمن السياسي قبل ثورة 21سبتمبرلايسعنا ذكرهم ..وقد كان لأبناء الجحملية السبق في الدفاع عن الثورة والمسيرة القرآنية وقد سقط أول شهيد من أبناء الجحملية في معركة صد العدوان بتاريخ15/5/.2015 وهو الشهيد عبدالاله أحمد محمد قائد العيزري بعد ان حاصرهم العدو هو ومجموعه من المجاهدين بينهم ابني احمد عبد الصمد العيزري وبعده بأيام  استشهد محمد منير وفي  30/5 / 2015 تم اعدام أحمد حسن عبد الوهاب خال أكرم الجنيد أثناء مروره في السوق وعندما عرفوا أنه خال أكرم قاموا باعدامه وبعده بأيام استشهد طلال وابل واخوه فواز واستمرت قوافل الشهداء من أبناء الجحملية فاستشهدعبدالرحمن سيف عبد الرحمن واصاب القناص طه عبد الرحمن سيف ففقد احد كليتيه واستشهد عبدالجبار أحمد حسان وجرح في جواره خاله ابراهيم العيزري  في ميدان الشرف وفي12 /12/ 2015 استشهد عبدالرحمن احمد محمد قائد العيزري وحتى نستطيع سرد لوقائع معركة أبناء الجحملية لصد العدوان فعلينا:

اولا يجب أن نحدد أنه من خلال الحدود الجغرافية للجحملية فأن الدواعش والمرتزقة التابعين  لقوى العدوان وللسعودية تحديدا ومرتزقة الامارات وهم تنظيم القاعدة والسلفيين وغيرهم من المغرربهم او ممن طمعوا بالدخل المادي للاموال السعودية والاماراتية التي كانت تصلهم ..

وقد كانت منطقة الجحملية الجغرافية التي حددناها ..هي محاطة بالمرتزقة والعملاء من منطقة ثعبات جنوبا ومنها غربا باتجاه الدمغة والسائلة غربا ومن العروس والشعب ومنطقة الديم جنوبا حتى حسنات ومن اتجاه ادارة الامن شمالا وحتى المحافظة والكمب وسوق الجهيم ومن القاهرة والمستشفى الجمهوري غربا ..هذه المناطق كانت معززة بأحدث الأسلحة والمجاميع المدربه من عناصر الاخوان والمرتزقة من افراد القوات المسلحة والامن والشرطة العسكرية الذين تخلوا عن واجبهم المقدس وتبعوا اوامرعفاش وسلموا معسكراتهم ومخازن اسلحتهم ومواقعهم العسكريه للدواعش والعملاء بل وقاتلوا معهم وهذه كانت اكبر خيانة واجهتها منطقة الجحملية وابناؤها الذين تحولوا من مدنيين الى لجان شعبية للدفاع عن الجحملية العرين الوحيد المتبقي من تعز والذي وقف صامدا امام جحافل المرتزقه والعملاء وافراد الجيش والامن الذين خانوا الله ووطنهم وسلموا مواقعهم وقاتلوا ابناء الجحملية بكل انواع الاسلحة المملوكة للدولة من دبابات ومعدات ثقيلة وتدعمهم الطائرات السعودية والاماراتية  وعلى مدى ستة أشهر من القصف ليلا ونهارا على منطقة الجحملية  واستهداف المباني الأثرية والقديمة وبيوت المجاهدين بالقصف والتدمير فقد قصفوا قلعة تعز القاهرة الأثرية وقصر صالة بيت الحمامي والمرتضى وبيت الوشلي وقسم الجحملية القديم بقصد طمس الهوية التاريخية للجحملية كما قصفوا بيوت المجاهدين بيت أكرم عبدالغني الجنيد وبيت عبد الجبار الجنيد..وتم تفجير بيت أحمد محمد قائد العيزري وبيت أحمد وجيه الجنيد عند سقوط الجحملية في الخيانة الثانية بانسحاب الحرس الجمهوري التابع لعفاش من متارسهم والسماح للدواعش المجلوبين من كل المحافظات بالدخول الى المنطقة من بيت عفاش نفسه بعد خروج الحراسه بأوامر من عفاش ..وما يدل على وجود حقد دفين وهمجي على منطقة الجحملية وأبنائها فانه وبعد تدمير 40% من البنية التحتيه لهذه المنطقة وبعد الاغتيالات والتصفيات التي ذكرناها فان مرتزقة العدوان والعملاء لم يكتفوا فأنتجوا مسلسل "ليالي الجحملية" ووضعوا فيه خستهم ودناءتهم وهمجيتهم وانحطاطهم القيمي والأخلاقي بصورة واضحة وعلنية ولا تحتاج الى شهود على ذلكم الانحطاط سوى مشاهدة مسلسل ليالي الجحملية قاصدين به تدمير سمعة الجحملية الثقافية التي تميزت بها والدينية التي تعايش عليها أبناء الجحملية على مدى التاريخ محاولة منهم لتغطية نور الشمس عن الظهور وهيهات أن يكون لهم ذلك ...

فالخيانة الاولى التي أدت الى حصار ابناء الجحملية وتحولهم الى الدفاع كانت هي انسحاب الحرس الجمهوري بأوامر مباشرة من علي عبدالله صالح من جميع مواقعهم في حصن القاهره ومنطقة العروس المطلة على تعز ومن جميع معسكرات الدفاع الجوي الامر الذي أدى الى توقف المعركه على ابناء الجحملية المدنيين والذين تمترسوا في ازقة الحارة بسلاح شخصي ولمدة عامين من القتال الشرس تكبد فيها العملاءوالمرتزقة الذين جاءوا من كل المحافظات للقتال ضد ابناء الجحملية والتي امتلأت شوارع ثعبات وجوار مدرسة عقبه والجهيم والكمب بجثثهم ... ولابد هنا من التأكيد أولا على أن تعز تعتبر الخزان البشري للمرتزقه وبعدها محافظة اب تعتبر الخزان البشري الثاني للعملاء التابعين للعدو السعودي والإماراتي والذي أعد العدة والتجهيز القتالي والتدريبي لعناصره منذ فترة طويلة قبل العدوان على اليمن وتحت أعين الدولة وبمباركتها لأن المؤتمر الذي يقوده علي عبدالله صالح وحزب الاصلاح بقيادة آل الأحمر هما وجهان لعملة واحدة واعتماداتهما المالية من قبل السعودية والامارات كانت واضحة ولم تكن سرية بل على العكس كانت علنية وكانت محل تفاخر لقيادة هذين الحزبين ولفترة طويلة..ابتداء من13 /10/1977 يوم مقتل الرئيس الشهيد ابراهيم الحمدي على يد علي عبدالله صالح وحتى تاريخ4 /12/2017  اليوم الذي انتقم الله منه بمقتله.. ولأن المرتزقه والعملاء تكبدوا الخسائر الفادحة  بالجحملية ولم يستطع أن يدخل الجحملية الا من خلال الخيانة وشراء الذمم  وقد كشفت هذه الحقائق الصمود الاسطوري لأبناء الجحملية والخيانة التي تعرضت لها...

ولكي لا ينسى الناس بطولة الابطال من ابناء الجحملية حاولنا تحديد بعض من نالوا شرف البطولة والقتال من ابناء الجحملية ومن نال منهم شرف الشهادة اذا لم تخنا الذاكرة بنسيان بعض الاسماء ...الجدير ذكره في ختام هذا المقال ان هناك شباباً في الجبهات لم اذكرهم سهوا ولهم علي في عدم ذكرهم عتاب….؟ولهم الحق واعتذر لهم...ولكن هناك اناساً وشباباً تعمدت عدم ذكرهم وقد تجاوزتهم وشبخت بقدمي من فوقهم كما يفعل الرجل عندما يشبخ من فوق النجاسة اذا رآها في الطريق لكي لا يتسخ ثوبه….؟وهؤلاء هم من سمعتهم يسبون الصحابة ويسيئون الادب مع امهات المؤمنين ...؟وهؤلاء من وجهة نظري كشافعي المذهب انهم كفروا بقوله تعالى(لقد رضي الله عن المؤمنين اذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم مافي قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا)صدق الله العظيم….والله من وراء القصد……..


طباعة  

مواضيع ذات صلة