جدية السلام في اليمن والمنطقة ونوايا التصعيد وفقا لحسابات اللحظة الراهنة

حُميد منصور القطواني

ليس من قبيل المبالغة إن قلنا أن ما يمر به شعبنا من معاناة وألم في كل يوم طيلة فترة هدنة العبث تضاهي ما مر به خلال تسعة أعوام من الألم والشدة وبكل ثقة لم تفضي إلا إلى اكتمال عملية تخصيب الغضب الشعبي بنجاح.

جدية السلام في اليمن والمنطقة ونوايا التصعيد وفقا لحسابات اللحظة الراهنة

حُميد منصور القطواني

ليس من قبيل المبالغة إن قلنا أن ما يمر به شعبنا من معاناة وألم في كل يوم طيلة فترة هدنة العبث تضاهي ما مر به خلال تسعة أعوام من الألم والشدة وبكل ثقة لم تفضي إلا إلى اكتمال عملية تخصيب الغضب الشعبي بنجاح.


وكما أن شعبنا متضرر من الهدنة فكذلك تحالف العدوان هو الخاسر الأكبر من المماطلة، والحقيقة أن لا مستفيد سوى القوات المسلحة اليمنية وعلى وجهة التحديد القوة الاستراتيجية التي توفرت لها بيئة دعم مثالية وخصبة على كل الصعد اللوجستية والجيوسياسية لتعبئة استراتيجيات التحرير وتطوير زخم الدفاع والردع كما ونوعا وعلى كافة المسارح والجوانب.
ومن الحماقة أن يعتقد العدو أن مصلحته في استمرار وضع هدنة الموت البطيء ومشاريع التمزيق وتوطين الأطماع في اليمن دون تفعيل صنعاء لخياراتها والمبادرة لوضع النقاط على حروف الحقيقة، والانتقال إلى تحريك مسارات قائمة تنتظر لحظة التحرك الشامل للحسم مهما كلف الأمر.
لا سيما وقد بذل قائد الثورة وقيادة صنعاء الجهد الكافي إلى أبعد حد لمنع ذهاب الأمور إلى اتجاهات مكلفة على الجميع و قدموا التنازلات المتاحة وفتحوا ممرات ومخارج آمنة بعيدة عن إعاقة الأمريكي وانفتحوا على أي إخراج منصف يبقي على ماء وجه دول التحالف، و أظهروا جدية في التعاون مع الحلول ورغبة صادقة في التصالح وإغلاق فاتورة حرب ظالمة بسقف الحد الأدنى من الانصاف وبمبدأ أخوة نزغ الشيطان بينهم ، وانتهجوا سلوكا مرنا وحليما ومترويا ، وكل ذلك كان مراعة لحسابات الكلفة في محاولة لتجنبها.
وفي المجمل فإن الهدنة أوصلت شعبنا المضطر وهو البطل إلى قناعة أن لا خيار آخر غير مواصلة درب الكفاح الذي أثبت جدواه ووفر سبيل للخلاص وإنقاذ اليمن أرضا وإنسانا وهوية، وانتزاع مستقبل لائق وكريم ومشرف بشعبنا وأجياله لا يخلف تركة المعاناة والذل والمهانة واللاوجود.

تنمر أمريكي
إن ما نراه من تنمر أمريكي وإعادة انتشار وتموضع وترميم للأدوات المتهالكة لا يعني ذلك أنها خرجت من اللحظة القاتلة فما زالت تداعيات الإقدام على أي تورط في البحر أو في البر اليمني في ذروة الخطورة وسيكون بمثابة انتحار وفق لحسابات وضعها الداخلي المفخخ بأزمات معقدة ومتعمقة تتسارع عقارب احتقانها وتحفزها انقسامات وتصدعات متسارعة واضحملال منسوب الثقة بين المجتمعات الأمريكية وبين النظام ومؤسساتها العتيقة التي ترقص رقصة النهاية على حافة الهاوية تحت تأثير جنون العظمة وحمى الأفول.
كما أن كشف قائمة المتربصين برأس أمريكا بايدن لم تقل بقدر ما اتسعت وتتسع داخل أفراد المجتمع الأمريكي الذين أعلنت عليه حربا اجتماعية مفتوحة تستهدف أمنهم الأسري وسلب أطفالهم وتحويلهم إلى فئران في معامل الشذوذ والمسوخ البشرية، وتنامي القوى في الولايات الطامحة د للانفصال ، مرورا بالعواصم الأوروبية التي اكتوت بخداع وأنانية النرجسية الأمريكية ولربما تجد مصلحتها في إغراق أمريكا لعل ذلك يفتح الأبواب التي أغلقت بعد أزمة أوكرانيا ويستعيد لها إفاق طموحاتها للاستقلالية ، وصولا إلى تل أبيب التي ترى أفول النجم الأمريكي ولا ترى فيها سوى قربان يجب ذبحه في منحر حساباتها تحت الإكراه والابتزاز المكشوف.
وبالنسبة لدوافع عواصم الشرق المهدد وجوديا صاحب الثائر وفاتورة إذلال وانتقام لا يحتاج شرح رغبته وأمنياتها في إغراق أمريكا.
وفي المجمل خلاصة الحسابات الجمعية تجتمع حول قاعدة واحدة أن أمريكا زعامة آيلة إلى الأفول بعد أن أصبحت مصدر تهديد تتفاقم خطورته على مستقبل المجتمع البشري والحضارة الإنسانية والفطرة السوية
، ولا سبيل لإنقاذ الوضع غير تفكيك ذلك الشر المستطير والكابوس المرعب على المجتمعات البشرية في كل بقاع الأرض، من خلال إغراقها وخلع أنيابها ونزع ريش أجنحتها لضمان عدم قدرتها على أذية الآخرين أو أذية نفسها.

قوى صاعدة
وربما تجد القوى الكبرى الصاعدة ضالتها في تحفيز وتشيجع طموح التوابع في المنطقة لاستغلال آخر أنفاس امبراطورية امتلكت أدوات سيطرة وهيمنة على العالم لم تمتلكها أي قوة في تاريخ البشرية وبها تشكل أكبر وأخطر تهديد وجودي للمجتمع البشري، ولذلك من المصلحة الاستفادة من تلك الأدوار لجرها إلى نحرها في منطقة تغلي شعوبها بالحروب طيلة قرن كامل، لم يعد لديها ما تخسره ولكن مايزال بيدها ما تفعله ،وهي أمام استحقاق وضع حد ونهاية لمآسيها وتقرير مصيرها وتأمين مستقبل أجيالها وتحقيق ذلك بالطرق السهلة التي باتت غير متاحة أو الطرق الصعبة ولا خيار أمامها غيره...
وبالنسبة لموقع حلفاء أمريكا في حسابات القوى الصاعدة ما الذي سيقلقها تجاه كيانات منها ما هو عنصري الجميع أمامهم إما عدو أول قرابين..
وكذلك حال أقطاب البترودولار كتوابع تمتلك أجسام البغال وعقول العصافير أوجدتها مخرجات حقبة استعمارية بمهمة كلاب حراسة طيلة قرن لإرهاب شعوب المنطقة من أي انفتاح على الشرق وحصرها ع الغرب طيلة قرن ..
ولم تكن فترة الهدن والتسويات سوى محطة اختبار مدى جدية وجدارة حلفاء أمريكا للشراكة في مستقبل العالم الجديد ، غير أنها أظهرت أنها لا تجيد إلا دور القرد المهرج في سرك بهلواني يدور داخل حلقة مفرغة ، ومماطلة تضمر نوايا مريبة أو سلوك عجز يجعلها غير مؤهلة للشراكة في مشاريع الكبار أو على الأقل النهوض باستحقاقات إنقاذ نفسها من هاوية الحروب.

وجهة الأحداث القادمة
ومن ذلك نستخلص القاعدة الأساسية التي ستحدد وجهة الأحداث القادمة:
أن صنعاء لن تفرط في تضحيات شعبها وتطلعاته وتقدم نفسها قربان لسواد عيون تحالف العدوان والاحتلال بعدما وصلت قدرة الاحتواء مستوى الصفر وما دون ذلك مقامرة خطيرة ، وليس أمامها سوى اتجاه واحد إجباري وهو تفعيل خيارات الردع وتقرير وجهة دول تحالف العدوان أبيض أو أسود وإطلاق استراتيجية الانتشار والتموضع لتأمين الملاحة في البحر الأحمر وتفعيل المظلة النارية في بحر العرب وعلى الأمريكي أن يقرر الانتحار بتوقيتنا فلن ينتظر أحد توقيتاته أو البقاء بأدب واحترام وفق قواعد سيادة أهل المنطقة.

حقائق
وبغض النظر عن عدد أعلام الدول التي سوف تعلن الانخراط في أي تحالف أمريكي للتصعيد في اليمن والمنطقة إلا أن الحقائق التالية هي من سترسم مصير المعركة :
الحقيقة الأولى:
أن المعركة لن تحسب بمتانة البوارج والأساطيل الحربية بل بمدى صمود النظام الاتحادي المتصدع أفقيا وعموديا الذي يقبع فوق براكين تغلي للأزمات والانقسامات على وشك الانفجار والخروج عن السيطرة ومدى قدرة النظام الرأس مالي في الغرب على حبس أنفاسه تحت الماء ، ومدى صمود الحكومات والنظام السياسي الأوروبي التي تخنقها الأزمات الداخلية والعزلة الخارجية في كل اتجاه وعلى كل الصعد، تحت رحمة صراع إن خرج عن السيطرة لن يبقي فيها ولن يذر.
إلا إذا كان دعم أوروبا للتصعيد الأمريكي في اليمن أو المنطقة ضمن صفقة على رأس أمريكا بين أوروبا والشرق وفق سيناريو يجدول الانعطافات لإعادة الجسور والعلاقات التي قوضتها الحرب الأوكرانية فالأمر في هذه الحالة له مقاربة أخرى، عدا ذلك الأمر محظ انتحار ومقامرة خطيرة .

الحقيقة الثانية:
في حال كان سقف التصعيد الأمريكي يقتصر على الميدان اليمني فلا يوجد ضمانة على عدم تدحرج الأحداث نحو مواجهة إقليمية شاملة وأن أي تصعيد إقليمي سواء تدحرجت الأحداث إليه أو بدأ بتفجير مواجهة شاملة فإنه سيذهب إلى معركة اللاعودة التي لن تقف إلا بحسم ميداني يعيد رسم خارطة المنطقة ويقرر مصير قضية وصراع مؤجل لسبعة عقود ومعها مصير كيانات متورطة من شقائق وتؤمة الكيان الصهيوني وليدة اللحظة الاستعمارية والسلوك هو من سيحدد طبيعة التعامل معها.
ومن الغباء والعماء الاستراتيجي الانطلاق من تقدير متوهم بأن دراما التخدير وظروف الإلهاء قد توفر لحظة غادرة تكرر مع طهران أو صنعاء سيناريو حرب الأيام الستة مع مصر .
وسواء كانت المبادرة للصهيوأمريكي أو قام محور المقاومة بالاستباق إلا أن الحقيقة الثابته أن المعركة لن تقف عنظ ردع جوي انفعالي يقوم على قاعدة مبنى مقابل مبنى وتنتهي أنفاس الرد بضغط انعدام جدوائية الاستمرار مقابل استمرار الخسائر وتسوية بضغط دولي تقوم على جردة وجع اللحظة بين الطرفين... .

الحقيقة الثالثة :
أن مراكز القرار والنخب الشعبية في محور المقاومة ليست غافلة عن امتلاك الصهيوامريكي قدرات إرهاب وإبادة جماعية غير أن هذه القدرات بقدر إمكانيتها على إلحاق الأذى بالأبرياء إلا أنها لن تغير في مصير المعركة أو تمنع إطلاق خيارات ومسارات الحسم الاستراتيجي مهما كلف الأمر
وخلاصة الخلاصة أن شعوبنا مضطرة لم يترك لها العدو أي خيار للتعايش والعيش بسلام ولم يعد لديها ما تخسره ولكن بيدها ما تفعله وتنجزه ولديها رهان مجدي ومجرب وحسابات فعالة وناجحة في تحويل التهديد المستدام إلى فرصة لانتزاع المصير الذي باتت على بعد خطوة واحدة من قطف استحقاق النصر والتمكين وتكليل عقود من المظلومية والتضحيات والإنجازات.
وأي كلفة أو مخاطر في سبيل إنجاز حق شعبنا في الخلاص والعيش بسلام لا يشكل شيء يستحق الحيرة أمامه مقابل حجم الكلفة والتضحيات والمخاطر طيلة عقود ،كما لا يقارب كل ما سبق أو ما هو متوقع من تضحيات بالكلفة الباهضة والوجودية في حال الاستسلام وهذا قطعا في حكم المستحيل.
وفي مقاربة قرار استخدام الصهيوأمريكي للسلاح النووي الاستراتيجي لن يكون بالأمر السهل فأمامه حساب موقف قوى نووي تشكل معسكر مناهض لامريكا التي تحصارهم بحقول الغام تشكل تهديد وجودي عليها.
و رغم أن أي مواجهة شاملة لن تكون إلا بحسابات محور المقاومة ولن تترك أي هامش لحلول الوسط ولكن لربما قد تتغاضى القوى النووية في الشرق عن أي مواجهة تقليدية بسقف الاحتواء بدون الذهاب إلى تغيير هيكل المعادلات الإقليمية والدولية مقابل صفقات هنا وهناك أو بدون لكن استخدام النووي سيعني إفراغ ساحة تشكل خط الدفاع الأول في المجال الحيوي للأمن القومي لها وتعبئتها بتهديدات مباشرة تنعكس انهيار لمعادلة التوازنات الدولية التي تشكل الضمانة الوحيدة والأخيرة للاستقرار بين الشرق المهدد وجوديا والغرب المتنمر والذي لن يبقى أمام قوى الشرق التي سيحفزها ذلك على استخدام النووي في ساحة أخرى غير خيار الاستباق أو الاستسلام أو انتظار وصول الضربة في عواصمهم ..

الحقيقة الرابعة :
جدوائية الرهان على التدخل للصهيوأمريكي تحددها مجموعة أسئلة جوهرية:
أولا: مدى فعالية وصمود الصهاينة التي انكشفت أمام حزب الله الذي جعل الكيان وهو في ذروة قوته وتماسكه طيلة عقد من الزمن يقف على رجل ونصف برضوخ مهين وأمام تنظيمات فلسطينية محاصرة وفي نطاق جغرافي محدود يحسب بالسنتيمتر مربع تحت الرصد بكل وسائل السيطرة لم تصمد انفاس الكيان اسابيع .
والتسآول أيضا على من يراهن على الكيان الصهيوني خاصة وفي ظل وضعه الهش الذهاب للتداعي والانهيار الذاتي ، الذي تحفز تسارعه حكومة متطرفة في عنصريتها وكراهيتها وعدوانيتها العقائدية والعرقية بسياسة أعلنت فيها حرب إقصاء وإلغاء مفتوحة على السواد الأعظم من الصهاينة المستوطنين قبل غيرهم وتسعى بشكل مستفز وأحمق إلى فرض قوانين الاحتكار والاستبداد على أبناء جلدتها.
وحتى وإن لم تذهب إلى حرب أهلية، إلا أنها خلقت وضعا غير قابل للتعايش والبقاء والنتيجة الحتمية والمعلنة هي المغادرة الجماعية وإفراغ الكيان، والأمر ينسحب على وضع الكيان الصهيوني في حالة حدثت حرب إقليمية مع فارق أن ظرف الحرب سيدفعهم للفرار الجماعي والفوضوي.
وهنا نتسآءل عن فرص صمود وفاعلية الكيان أمام طوفان جيوبشري يحمل عقيدة الألم والأمل المتجذرة في الإيمان بالحق والمشروعية وطيلة عقود من تجارب أثمرت تشبع بالثقة وتكامل البصيرة والوعي وبنك واسع من الخيارات البشرية والتقنية المؤهلة لإدارة المراحل وتحويل الأزمات إلى فرص وتطوير فعال لكل الوسائل المتاحة.

الحقيقة الخامسة:
حسابات أمريكا في المنطقة أصبحت ميتة في لحظة قاتلة وتجاوز هذه الحقيقة محظ انتحار أحمق نتائجه محتومة وإن قرار مشكلة الأمريكي المعني بمصير نظامه الاتحادي الذي لم يعد يتحمل ضغط أي تبعات غير مباشرة ناهيك عن زلزال التورط المباشر .
كما يظهر من مؤشر دوافع التصعيد المتوقع أن دخول أمريكا في الميدان لن يحدث أي تغيير أول يكون ذي جدوى قطعا فكل المؤشرات تتقاطع في حقيقة أن أمريكا فقدت حساباتها واستراتيجيها في المنطقة بشكل خاص والعالم بشكل عام وهذا يقود لنتيجة طبيعية فقدان القدرة على الصمود والاستمرار في القتال في خندق يعج بفوضى الانقسامات والتصدعات وكل أدواته متهالكة في مواجهة طوفان مرعب من زخم المفاجاءات التي ستقلب الطاولات رأسا على عقب وتدفع إلى فقدان السيطرة وإحراق المراحل وأنفاس التصعيد إلى إحدى النتائج التالية :
فقدان السيطرة القيادية للثقل العسكري الأمريكي الفعال وانسحاب شبيه بانسحاب فتنام وانهيار دفاعات معسكر الصهيوني وعلى الأمريكي أن يعلم أن ضغط الأحداث لن يمنحه سوى فرصة انسحاب مذل غير مكلف شبيه بانسحاب أفغانستان.
أو أن تذهب الأحداث إلى تصعيد متطرف باجماع أو تمرد من حليف يمتلك أدوات تفجير صاعق دمار شامل مكلف إنسانيا يشكل ذروة صراع ومنتهى الخيارات في ميدان يمثل ساحة رئيسية في صراع كبير أشبه بحقل ألغام واحد متشابك.
وعلى المراهنين على الضمانات الأمريكية إدارك حقيقة سقوف الخيارات التي سينتج القفز عليها تداعيات تضع عنق النظام الاتحادي على سكة المجهول الذي ادنى مخاطره فقدان فرصة اللحاق بقطار صياغة مستقبل النظام الدولي واعلاها تفكك النظام الاتحادي وانهيار الوضع برمته، وربما تتدحرج النار الى مخازن الدمار الشامل بين الكبار.

الحقيقة السادسة :
من وارء مكرهم مكرا وخديعة ربما صعود دواعش الصهيونية متطلب تصعيد لدى المهندس الصهيوني إلا أن اختيار النوعية الحمقى والمثالية للتدمير الذاتي كان خلفه تأثير وبصمة محور خصوم الكيان برمته.
ومصلحة إيران والمنطقة واضحة تقتضي تسريع انهيار الكيان من الداخل أو مناجزة معركة المصير في توقيت مثالي باتت ظروفها ناضجة ولا يمكن ترحيلها أو القبول باستمرار مأسي ومعاناة ظروف الحرب بلاحرب ، وبغض النظر كون الأمر مكر رباني أو مكر بشري إلا أن كل الأمور تقود إلى نفس النتيجة.
مشهد افتراضي
لنفترض جدلا أن المواجهة الشاملة انتهت بمحو محور المقاومة من الوجود كيف سيكون المشهد :
قيام نظام إقليمي عسكري بعقيدة أمن الكيان الصهيوني واحتكار خيوط السيطرة تشكل القواعد والنفوذ الأمريكي محور ارتكاز سيطرة جيوسياسية وأمنية مركزية تدار بشكل مباشر من الكيان الصهيوني الوريث الشرعي بموجب مشروع قانون التوريث الذي قدم في الكنغرس الأمريكي في يوليو ٢٠٢٢ بالتزامن مع زيارة بايدن الى الكيان وتقديم وعد بلفور الجديد الذي اسمي باعلان القدس.
هذا التحالف الصهيوني من المتوقع أنه سيفرض قواعد انضباط واخضاع صارمة على الدول المرشحة لضمها بالذات دول الخليج ومقدمتها السعودية والإمارات ومصر وتركيا وسيكون انخراط تلك الدول في التصعيد انضمام مباشر بانقياد كامل كحالة انتجتها متطلبات المواجهة.
بعد التخلص من محور المقاومة ستنتهي الحاجة لدول كمصر والسعودية وتركيا التي ستتحول في حسابات الصهيوني إلى تهديد ومنافس مستقبلي على مصير زعامة الصهاينة كون مصير بقاء حكوماتها غير مستدام ولا توجد ضمانات بعدم صعود حكومات قوية في دول تمتلك مقدرات وركائز القوة لقيادة الشارع العربي والإسلامي الذي يجعل مصير سيطرة الكيان مهدد بالتقويض أو أقله بالمنافسة تعيق التفرد بقيادة المشهد على الصعيد الإقليمي والدولي.
فما الذي يمنع من تفكيك مصر من خلال شد وثاق سد النهضة الذي يطوق عنقها وتفجير الأزمات المتفاقمة؟
وما الذي يضمن بعد الانتهاء من دور تركيا في تعطيل موقع سوريا كرأس حربة لمحور المقاومة في أي مواجهة أن تتحول سوريا إلى مستنقع لإغراق واستنزاف ما تبقى من تركيا بتمويل خليجي إماراتي بالذات تمهيد لاطلاق سكين الأكراد على رقبة الجغرافيا التركية خاصة بعد إفراغ الساحة الإيرانية لصالح مشاريع التمزيق؟
ما الذي يمنع إسقاط النظام السعودي وتمزيق السعودية أفقيا ورأسيا باطلاق مرتون التنافس الأميري بتمويل إماراتي قطري وبقواعد توازنات تمزيق صريحة تدار من تل أبيب، وأي مقاومة من العرش السعودي للقواعد الجديدة سيتم تحريك رمال اليمن الذي يُرسم له مستقبل التمزيق، ولكنه سيظل ساحة رمال متحركة بموجهات مختلفة لاخضاع العرش السعودي للقواعد الجديدة؟
بالنسبة للعراق لن ينظم للتصعيد الصهيوأمريكي لكنه إذا فقد ظهيره المقاوم فهو جاهز للتمزيق والتفكيك..
والبقية في الخليج ليس أمامهم غير الطاعة خوفا وطمعا في الحماية.
والأمر لا ينتهي عند هذا السقف فالغرب والشرق غير مستثنيين من حسابات الصهيوني المحتملة خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار أن لدى الصهاينة طموح التفرد بالعالمية بدوافع سياسية غير عقائدية ورغبة لاستغلال فرصة تتمثل في اللحظة الدولية المحتقنة ، التي كلما تحتاج إليه فيها هو الاستثمار في تأجيج الصراعات والأزمات واختلاق سوء تقدير بالتأثير على زناد طرف ، وجعل الطرف الآخر مضطرا للدفاع عن نفسه نوويا .

عوائق كمية
وبذلك يتم إزاحة عوائق كمية ومشاريع وطموحات قوى كبرى إذا ما تمت التسويات فيما بينها لن تسمح للكيان الصهيوني بالاستفراد بالمنطقة وستخلق له مقاومات ومنافسات ، كما أن ازاحة تلك القوى من منظور الدوافع العقائدية سيزيح قوى مغتصبة للزعامة الدولية و سيفسح الطريق امام تمكين خرافة مملكة الرب للتفرد بالعالمية و اعادة تشكيل العالم او ما تبقى منه على قواعد خرافة الحق المقدس.
وهنا الدوافع غير خفية والأمر لن يكون أصعب من خطوة التمكين الإقليمي وتقديم الجميع قرابين عبر منظومة نفوذ تقليدية في الغرب لها بصمتها في هندسة الأزمات والابتزاز الاستراتيجي وإنما سوف يضاف إلى ذلك النفوذ ثقل ومقدرات وأوراق المنطقة ولن يسمح الصهيوني بأي حال لأحد في الشرق أو الغرب المشاركة أو التاثير فيها لتقويض برامج هيكلة المنطقة، وبيده عرض حياد الإقليم دوليا مقابل الحجر الإقليمي .

مشيخات الإمارات
وربما أن مشيخات الإمارات موعودة بدور الجارية المحضية في المنطقة بامتياز الخدمات الفندقية والسياحة المالية والتجارية إلى جانب إشباع أحقادها التاريخية بتصفية كشف حساب ثأرها الشخصي مع السعودية وازاحة الأخيرة كمهيمن لدود وخصم منافس يهدد طموحاتها السياسية والاقتصادية.

ختاما:
نهاية أنفاس الهدنة وفرص السلامة والسلام والخاتمة في اليمن إن لم تذيل بختم السيد القائد بالقلم والمداد فستكون بتوقيع صواريخ الصماد والمجنحات وبأعاصير النار والبارود في قلب مدن الزجاج والنفط وشرايين الملاحة.


طباعة  

مواضيع ذات صلة